في الساعة التي اعلن فيها وفد الرياض الممثل لمعسكر العدوان على سورية قراره بإشعال الجبهات و تعليق مشاركته في جنيف وانسحابه الفعلي من العملية السياسية
كان واضحا ان قيادة العدوان (اميركا ) و مديريه الاقليميين و بشكل خاص السعودية و تركيا ادركوا ان ما يرغبون به لن يحصل في السياسة بعد ان يئسوا من فرض التنازل او الاستلام على سورية و معسكر الدفاع عنها و ان عليهم العودة الى الميدان لتسعير النار حتى فرض الاستسلام ،و هو اسلوب ادمنه معسكر المشروع الصهيواميركي في كل مكان اضرمت النار فيه بيد عملاء هذا المشروع و مرتزقته .
حيث انه في معظم الدول التي اقتحمتها نار الحريق العربي،يقارب الحديث عن الحل السياسي من قبل مكونات العدوان ويقصدون به امرا واحدا هو التسليم لهم بما ارادوه من عدوانهم ولكنهم في الحقيقة و الواقع يستمرون متمسكين و عاملين على مسار يرون فيه العلاج الفعلي الذي به يحقق اهدافهم تلك والمتمثلة بوضع اليد على الدولة و هو المسار العسكري الذي تتنوع فيه اساليب الممارسة و التنفيذ من دولة الى دولة لكنه يتجسد دائما باعمال العنف و بالقوة العسكرية التقليدية او الارهابية و هو ما تبناه العدوان في لبيبا و البحرين ثم اليمن حيث كانت جيوش المعتدين هي الاساس في العمل العسكري ، اما في سورية فقد تقدم الجيش السري لمعسكر العدوان و المتمثل بالجماعات الارهابية المتعددة التسميات و العناوين و المتوحدة في الاسلوب و الخدمات ، تقدمت لتكون الاداة الاساسية في اضرام النار في سورية مستهدفة بشرها و حجرها و تاريخها و حضارتها خدمة للمشروع الصهيواميركي الذي التحق به علانية اليوم الطرف السعودي حتى بات ركنا من اركانه . طبعا و في سياق الحديث عن الدول الضحية للعدوان لا يمكن ان ننسى العراق الذي شكل الهدف الاول للعدوان منذ ما يزيد على عقدين من الزمن..
و الان و بعد 66 شهرا من بدء الحريق و بعد كل ما قيل عن محاولات لحل ازمات البلدان التي ذكرت يطرح السؤال : اين نحن من نهاية هذا النفق ؟ ثم ما هي الطريقة او العمل المجدي الذي يخرج الضحايا مما هم فيه و بشكل خاص سورية التي تعتبر نقطة تأجج الصراع و مركزيته بين المشروعين يحاكيها في ذلك اليمن بخاصة بعد ان نجح ثوار البحرين في التزام السلمية و عطلوا على جيش العدوان فرصة المواجهة في الميدان و بعد ان دمر جيش العدوان ليبيا واستكملت الفصائل المسلحة من القاعدة و تفرعاتها الارهابية الاجهاز عليها حتى بات المشهد يظهر ان لا محل لاستعمال القوة بعد ان دمر كل شيء يتصل بامكانية قيام دولة سوية في المدى المنظور و بعد ان دفع العراق الى حال من الفوضى و الفساد بدستور بريمر في ظل جعله مسرحا للتشتت الذي تمارس فيه اعمال العنف من قبل القاعدة ومشتقاتها الارهابية
نعم يركز اليوم على سورية و اليمن اللتين تبقيان في وسط دائرة الضوء يدور الصراع عليهما بين المعسكرين العدوان و الدفاع،وفيهما يستمر الحديث و المناورة و المحاولة للتحرك على المسار السياسي في الوقت الذي لا تهدأ فيه النيران في ميدانهما رغم كثرة الحديث عن وقفها بتسميات متعددة من وقف العمليات العدائية الى وقف العمليات القتالية الى وقف اطلاق النار حتى تم التداول مؤخرا بمصطلح الهدنة والتهدئة كما حصل في سورية .
لقد اعلن عن بدء المباحثات للحل السياسي في كل من اليمن و سورية (جولات الكويت و جنيف ) دونما جدوى او امل بنجاح حتى الان حيث ان المراقب يجد ان الوفد الذي يمثل قوى العدوان في البلدين ورغم حمله لجنسية البلد ، ياتي الى المفاوضات و بيده عرض واحد هو الحصول على تنازل الفريق الوطني عن القرار و السيادة الوطنية لتسليمها للاجنبي مهما اختلفت تسمياتها ، و من اجل الضغط عليه يتابع العمل في الميدان و كأن شيئا لم يتفق عليه قبل البدء بالتفاوض.
ففي اليمن يتمسك فريق السعودية المسمى زورا وفد «الشرعية اليمنية « يتمسك بالغارات الجوية المدمرة في اليمن و التي ارتكبت ولازالت ترتكب عشرات المجازر ، يتمسك بها لتكون رافعة له في التفاوض ليفرض على الفريق الوطني التسليم و الاذعان كما يتصور او تتصور السعودية التي يعرف القاصي و الداني بانها خسرت حربها على اليمن و لم يبق بيدها سوى القتل و التدمير ولا افق لعملياتها الاجرامية و العدوانية في تحقيق هدف اخر مما خططت له ، ورغم ذلك تناور في الكويت للحصول في السياسة على ما عجزت عن الحصول عليه في الميدان .
اما في السورية فإن المشهد يتكرر ولكن بوحشية واجرام اكبر ونجد قائدة العدوان على اليمن اي مملكة بني سعود ،و التي باتت حليفا معلنا لاسرائيل و تستعد معها لبناء شرق اوسط جديد وفقا للمشروع الصهيوني . هذه المملكة الارهابية تتصرف كما لو انها وصية على الشعب السوري وان لها فقط ان تحدد له ما يجب و ما لايجب و يتصرف صبيتها و مراهقوها الذين يضطلعون بمسؤوليات السلطة من دفاع و خارجية و سواها ، كما لو ان سورية جزء من امبراطوريتها خرج عن طاعتها و انها صاحبة الحق في اعادته الى بيت الطاعة حتى و لو كان ثمن ذلك تدمير كل البلاد و ابادة سكانها .
ان السعودية التي تدير مباشرة وفد ما اسمي معارضة معتدلة وهو المتعارف على تسميته اليوم وفد الرياض بهوية سورية شكلية، تتصرف و كأن ان خمس سنوات لا تكفيها للاقتناع بأن العدوان على سورية اخفق في تحقيق اهدافه ، و انه بات من المستحيل ان يحقق هدف اسقاط سورية و الحاقها بها و باسرائيل و اميركا ،و هي مصرة على المتابعة في الاجرام يعينها في ذلك دول اقليمية بخاصة تركيا التي لم تقتنع ايضا بالفشل و تريد متابعة العدوان و ما فتئ غلام خارجية بني سعود يردد الموقف الذي مفاده القول :«نريد السيطرة على سورية سلما او حربا » .
كل ذلك يقودنا الى القول بأن ما يسمى حلاً سلمياً في اليمن وسورية و مايوصف بانه هدنة او تهدئة ما هو الا مناورات ينظر اليها معسكر العدوان على انها فرص تعطى لهم لكسب الوقت لاعادة التنظيم و حشد القوى و لتخطيط معارك جديدة في الحرب المفتوحة التي شنوها . و ما مناورة التمييز بين مسلح ارهابي و مسلح معارض معتدل الا جزءا من هذه المناورات ايضا . اما المجازر و الاغتيالات و عمليات الهجوم الانتحاري او الهجوم بالاسلحة الحديثة المتطورة الفتاكة على حد وصف السعوديين فهي الاساس لدى معكسر العدوان للحصول على ما يريد تحقيقه من اهداف استراتيجية . و في هذا السياق تأتي مجزرة ريف حمص كما يأتي اغتيال القائد الشهيد مصطفى بدر الدين كما سيحاولون فعل المزيد من ذلك ان استطاعوا لان السعودية قصدت ذلك يوم اعلنت اشعال الجبهات .
هذه الحقيقة التي يجب ان تواجه و نرى ان على من وجد نفسه في معسكر الدفاع عن سورية بنيويا او تطوعا ان يدرك هذه الحقيقة و ان لا يمني النفس بسواها ، فاذا ادرك ذلك يكون تغيير اسلوب التعامل مع معسكر العدوان امرا واجبا و هنا تتبلور مسلمات لا يجوز اغفالها ومنها :
1) ان معسكر العدوان ماض قدما في مشروعه و لم يحد عنه قيد انملة و هو مستمر في الميدان حتى تحقيق ذلك .
2) ان العمل السياسي بالنسبة لمعسكر العدوان هو من اجل الحصول بالسياسة على ما عجز عن تحقيقه حتى الان بالارهاب والحرب .
3) ان وقف العمليات العدائية او القتالية او الهدنة او التهدئة الخ ...ليست بنظر معسكر العدوان من اجل حقن الدماء و تسهيل التفاوض بل انها فقط من اجل منع انتصار سورية و منع انهيار القوى الارهابية ، و هي ايضا من اجل كسب الوقت للتحشيد و التسليح .
4) ان معسكر العدوان و خلافا لما يظن البعض يزج الان في الحرب العداونية على محور المقاومة بكل ما لديه من قدرات و ما الحرب الاعلامية و النفسية و المالية و الملاحقة التي يتعرض لها حزب الله الا نموذج .
كل ذلك ينبغي ان يقودنا الى الاقتناع بان ليس امام معسكر الدفاع عن سورية الا الميدان ، لان السياسة لن تأتي بحل فإن اعتمدت لتشكل مخرجا من الازمة كنا كمن يبحث عن النجوم في رابعة النهار، اذن ليس امام معسكر الدفاع الا ان يتابع المواجهة و بقدرات ملائمة لان ذلك مفروض عليه لسببين الاول هو ما حداه في البدء الى المواجهة الدفاعية اي الدفاع عن حقه في الوجود السيادي و المستقل و الحر والثاني هو ما نشأ بعد المواجهة و هو الوفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا خلال الـ 66 شهرا التي مضت ، نقول هذا و نحن على يقين بأن معسكر العدوان وصل اليوم لاستعمال اقصى ما لديه و ان ما تبقى من صعوبات و تضحيات هو اقل بكثير مما مضى.