ارتفعت في الساعات الماضية وتيرة "القلق" من تداعيات تطبيق قانون العقوبات الاميركي على حزب الله، فالمصارف اللبنانية دخلت حالة طوارئ، فالاميركي لا يرحم حسب رأيهم، وتجربة البنك الكندي لا تزال شاخصة أمام أعين اصحاب المصارف، فجعلهم هذا الامر يرسمون لأنفسهم سقفا لم يطالب به الاميركي أصلا، ما تسبب بإستياء كبير داخل قيادة حزب الله.
ان التشديد الذي تفرضه المصارف على حزب الله والمحيطين به والقريبين منه والشيعة بشكل عام لن يمر عاديا على قيادة الحزب التي قد تلجأ لخيارات أحلاها مر. في هذا السياق علمت "النشرة" أن حزب الله حذّر مصرفين من مغبّة الاستمرار بنهجهما الاستنسابي السياسي خصوصًا أنهما يعمدان الى اغلاق بعض الحسابات العائدة الى أشخاص لا علاقة مباشرة لهم بالحزب.
وأشارت المعلومات إلى أنّ حزب الله قد عمم على المنضوين تحت لوائه اغلاق حساباتهم المصرفية، خصوصا لمن لا يعتبر مضطرًّا على إبقاء حسابات له في المصارف، لافتة النظر الى ان هذا الامر الذي يشبه الى حدا ما "التكليف الشرعي" سيدفع بالعديد من المودعين الشيعة الى سحب ودائعهم، خوفا من تجميدها واستنكارا للاجراءات التعسفية التي تتخذها بعض المصارف، فما هو تأثير هذا الاجراء على الوضع المالي اللبناني؟
52 مليار دولار "شيعية"
يكشف الخبير الاقتصادي غازي وزنة أن حجم الودائع الشيعية في المصارف اللبنانية يمثل ثلث مجموع الودائع، أي تقريبا 52 مليار دولار موزعين على كافة المصارف، مشيرا الى انه اذا شعرت "البيئة الشيعية" لحزب الله بأن أحد المصارف ينفذ الاجراءات بشكل تعسّفي ومبالغ فيه، وتعرض رجال أعمال ومؤسسات دينية لمخاطر ماليّة، ستلجأ تلقائيا لسحب ودائعها من هذا المصرف، باتجاه مصارف أخرى، ما يؤدي لتأثيرات سلبيّة جدا على المصرف الّذي سحبت منه.
انهيار؟!
من جهته يكشف الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي، عن تهديد جدّي يحيط بالبنيان المالي اللبناني، اذا أقدم المودعون الشيعة على سحب ودائعهم من المصارف اللبنانية الى خارج لبنان. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "إن ارادوا سحب الودائع من مصرف لبناني الى آخر فلا مشكلة سوى للمصرف الذي سَتُسْحَبْ منه الأموال في حين إذا عمدوا الى سحب الودائع وفتحوا بواسطتها حسابات خارج لبنان فهذا سيشكل كارثة اقتصادية إذ ان العجز في ميزان المدفوعات سيكبر وسيحصل انهيار مالي دون شك".
في هذا السياق، يعتبر يشوعي أن قانون العقوبات الاميركي لا يستهدف "حزب الله" بل القطاع المصرفي في لبنان لأن الادارة الاميركية تعلم جيدا ان المصارف غير مسؤولة عن تمويل الحزب، مشيرا الى ان حزب الله قد أعلن مرارا وتكرارا انه يتلقى الاموال ويجري عملياته المالية بالكامل نقدا، وبالتالي كيف يضيّق "الاميركي" على حزب الله ان ضيَّق على المصارف؟"، معتبرا "أن خطة ضرب القطاع المصرفي هي خطة يهودية وقد زُجّ اسم "حزب الله" فيها كذريعة، بهدف ضرب الوضع المالي في لبنان".
هل من حل؟!
من جهته، يلفت وزنة النظر الى ان "المصارف اللبنانية مُلزمة بتطبيق القانون الاميركي مع انظمته التطبيقية، ولكن الواقع الذي يحصل هو ان بعضها تطبق القانون بمغالاة وعشوائيّة وتعسّف، اذ ان القانون الاميركي تضمّن 92 اسما واضحا، مع الإشارة الواضحة للنشاطات المحظورة، ومن هنا يفترض على المصارف التقيّد باللوائح والنشاطات وألاّ تجتهد في هذا الموضوع".
في وقت سابق، التقى وفد من حزب الله ضم وزير الزراعة حسين الحاج حسن، عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض، والنائب السابق أمين شري بوفد من جمعية المصارف، وكانت الاجواء حسبما علمت "النشرة" من مصادر مطلعة، ايجابية وأفضل مما سبق، وحصل خلال اللقاء تبادل لوجهات النظر، حيث أكد الوفد أن الحزب من أشد الحريصين على القطاع المصرفي والمدّخرات اللبنانية، ولكنه لن يقبل بتصرفات بعض المصارف "المُتأمركة" والمتآمرة على المقاومة وأهلها، والمسيئة للقطاع المصرفي.
وفي هذا الاطار يشير وزنة الى ان بيان مصرف لبنان استوعب وأوضح التعميم الاول رقم 137 الصادر عنه (أعطى المصارف حريات مطلقة وكامل الصلاحيات بإقفال وتجميد وفتح حسابات)، ووضع حدًّا لامكانية المبالغة بتنفيذ الاجراءات وعادت رقابة مصرف لبنان المسبقة على أي اجراء بعد ان كانت رقابة لاحقة.
تعلّمنا من خلال التاريخ أن الازمات الماليّة والاقتصاديّة تسبق الحروب العسكرية، وما يجري اليوم في لبنان من تضييق مالي واقتصادي على حزب الله وبعض الحلفاء قد يدفع بالامور نحو الاسوأ، خصوصًا وأن المصارف اللبنانية تعيش حالة رعب جرّاء القانون الاميركي، ما يجعل بعض التصرفات والقرارات قاسية على شريحة مُحدّدة من المجتمع اللبناني فهل تكر سبحة "إقفال" الحسابات؟