لم ينجح الإتفاق بين رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، بالإضافة إلى الحزب "السوري القومي الإجتماعي"، على خوض معارك الإنتخابات البلدية والإختيارية في قرى وبلدات حاصبيا بصورة "توافقية"، في فرض نفسه بشكل كامل، حيث نجح في بعض الأماكن وفشل في أخرى لعدة أسباب.
العامل الأبرز، لا سيما في مدينة حاصبيا، يبقى الدور الذي لعبته حادثة إلقاء القنابل على مركز "الديمقراطي" ومنزل مسؤوله، في الاسبوع الماضي، نظراً إلى أن توقيف 3 أشخاص، مقربين من الحزب نفسه، أدى إلى تبدل بعض المعطيات في مركز القضاء.
إنطلاقاً من هذا الواقع الصعب، قرر النائب أرسلان الإنتقال من مركز إقامته في خلدة إلى حاصبيا، لمتابعة الأمور عن قرب، في ظل الدور الذي يلعبه وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، من جانب الحزب "التقدمي الإشتراكي"، حيث يسعى إلى تدعيم نفوذه في القضاء، بعد النجاح الذي حققه في قرى وبلدات راشيا، لكن مصادر متابعة لسير المفاوضات في هذه المنطقة تؤكد، عبر "النشرة"، أن أحداً لا يستطيع أن يلغي أي فريق فيها، وتدعو إلى قراءة الصيغ التي حصلت فيها التوافقات في بعض الأماكن، حيث كانت بناء على تقاسم الولاية الرئاسية، بالإضافة إلى عدد أعضاء المجالس البلدية والمخاتير.
في هذا السياق، فاز المجلس البلدي المكون من 9 أعضاء في بلدة الفرديس بالتزكية، نتيجة التوافق بين "القومي" و"الإشتراكي"، حيث ستكون ولاية الرئيس 3 سنوات لكامل سليقا المحسوب على الأول، و3 سنوات لصالح بسام سليقا المحسوب على الثاني.
الأمر نفسه انسحب على مجلس بلدية شويا المؤلف من 12 عضواً، إلا أن التوافق في هذه البلدة كان بين "الإشتراكي" و"الديمقراطي"، حيث حصل كل حزب منهما على 6 أعضاء و3 سنوات من ولاية الرئيس، بالإضافة إلى مقعد إختياري، ومن المتوقع أن ينتقل هذا التوافق أيضاً إلى الخلوات، بعد جهود بذلت على هذا الصعيد على أكثر من مستوى لتجنيب البلدة التي رفع عدد أعضاء مجلسها البلدي، في الدورة الحالية، من 9 إلى 12، وفق الصيغة نفسها التي تمت في شويا.
على صعيد متصل، كان من المتوقع أن يحصل التوافق أيضاً في بلدة ميمس، التي يتكون مجلسها البلدي من 12 عضواً ولديها مختاران، لكن التوجه فشل، ما أدى إلى إنقسام حاد قد يؤدي إلى تأجيل الإنتخابات فيها، حيث تشير المعلومات إلى عريضة يجري العمل على توقيعها من أجل تحقيق هذه الغاية.
وتكشف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن الإنقسامات في هذه البلدة طالت الأحزاب الفاعلة فيها، بعد أن رفضت عائلة مداح تسمية أبو فاعور غازي الخطيب، المحسوب على العائلة التي تدور بأغلبها في فلك "القومي"، رئيساً للائحة التوافقية، ما دفع "القومي" إلى إعلان سحبه المرشحين المحسوبين عليه من المعركة.
بالإنتقال إلى الكفير والماري، فإن المعركة في البلدتين ستكون ذات أبعاد عائلية بالدرجة الأولى، إلا أنها لن تخلو من الطابع السياسي أيضاً، ففي الأولى، التي يتألف مجلسها البلدي من 9 أعضاء، هناك مرشحون حزبيون على لائحتين متنافستين، لكن الطابع الجنبلاطي يبقى الطاغي عليها، بالإضافة إلى ذلك هناك عرف ينص على أن رئاسة البلدية تكون 3 سنوات من حصة الدروز و3 سنوات من حصة المسيحيين، أما في الثانية، التي يتألف مجلسها البلدي من 9 أعضاء أيضاً، فإن المعركة ستكون عائلية ذات أبعاد سياسية، بين لائحتين: الأولى برئاسة يوسف فياض مدعومة من "الديمقراطي" و"القومي"، والثانية برئاسة غازي القيس مدعومة من "الإشتراكي".
المعارك الحامية ذات الأبعاد السياسية الواضحة، ستكون في مدينة حاصبيا وبلدة عين قنيا، لكن في الأولى ستتكرر الصورة التي كانت سائدة في الإنتخابات في الشويفات بشكل معاكس، حيث من المتوقع أن يذهب "الديمقراطي" و"القومي" إلى دعم لائحة المستقلين بوجه اللائحة المدعومة من "الإشتراكي".
في عين قنيا، المعركة ستكون على مجلس بلدي يتألف من 12 عضواً بالإضافة إلى مختارين، وهي ستكون بين لائحة سامر هلال حديفة، المدعومة من "الديمقراطي" و"القومي"، ولائحة أخرى قد تكون برئاسة جهاد زين الدين، مدعومة من "الإشتراكي"، إلا أنها لا تخلو من الطابع العائلي، نظراً إلى أن العرف ينص على أن تكون رئاسة البلدية في الدورة الحالية من حصة جب هلال في عائلة حديفة، الأمر الذي يريد "الإشتراكي" الخروج عنه.
وتستغرب مصادر مقربة من "الديمقراطي"، عبر "النشرة"، هذا التوجه، وتشير إلى أن "الإشتراكي" عندما تكون الأعراف لصالحه يشدد على ضرورة التمسك بها، لكن عندما تكون لصالح أفرقاء أخرين يبحث عن أي وسيلة من أجل الخروج عنها.
بالإنتقال إلى مركز القضاء، أي مدينة حاصبيا، فإن المعركة كان من المتوقع منذ البداية بأن تكون حامية جداً بين الأحزاب الثلاثة في حال فشل التوافق، حيث كانت هناك مساع تقوم على أساس حصول "الإشتراكي" على رئاسة البلدية، مقابل التسليم بأن تكون رئاسة الإتحاد من حصة "الديمقراطي"، إلا أن المشاورات فشلت بالوصول إلى لائحة توافقية، ما أدى إلى إنسحاب "الديمقراطي" أولاً من المعركة ومن ثم حليفه التقليدي "القومي"، نتيجة المشهد العام الذي أخذته المواجهة، والخوف من توتر الأوضاع أكثر.
بعد إنسحاب مرشحي "القومي" و"الديمقراطي" من المعركة، المنافسة على المجلس البلدي في المدينة، الذي يتألف من 15 عضواً، ستكون بين "الإشتراكي" والمستقلين، إلا أن هذا التوجه لا يعني أنها لن تكون حامية، نظراً إلى توجه "القومي" و"الديمقراطي" نحو دعم اللائحة التي ستخوض المعركة بوجه "الإشتراكي"، تحت عنوان ترك حرية الإقتراع للناخبين.
ما تقدم سيقود حتماً إلى معركة حامية أيضاً على رئاسة إتحاد بلديات حاصبيا، بسبب عدم التوافق حولها، حيث من المتوقع أن تكون نتيجتها متوقفة على ما ستفضي إليه المعارك القائمة في البلدات التي سقط فيها التفاهم بين الأحزاب الثلاث.