ساعات قليلة مضت على انتهاء اليوم الانتخابي الجنوبي، امتطى بعدها مناصرو التيار الوطني الحر "احصنتهم" ونزلوا الى الساحة محتفلين بالانتصار الكبير وببقاء جزين برتقالية اللون. ولكن، مع تقدم الوقت، تغيرت المعطيات، الى ان وصلت الامور الى حد الاعلان عن سقوط رئيس اللائحة العونية في بلدية جزين خليل حرفوش.
قد يعتبر البعض ان سقوط شخص واحد ليس حدثاً يمكن الوقوف عنده، ولا ينزع صفة الفوز الشامل بوصول 14 شخصاً من تحالف التيار-القوات اللبنانية في مقابل خرق 4 اشخاص من اللائحة المنافسة المدعومة من ابراهيم عازار والكتائب والحزب القومي، ولكن للامر دلالات اكبر يجدر الاضاءة عليها.
ان هذا المؤشر يدل على انه لا يمكن القول ان جزين لبست الثوب البرتقالي، فمقابل الاكتساح في الانتخابات النيابية والذي حققه النائب امل ابو زيد على حساب منافسيه وبفارق مزدوج من الاصوات مع الاقرب اليه من حيث النتائج اي ابراهيم عازار، كانت بلدية جزين تترنح بالخروقات والتشطيب الذي تعرض له التيار الوطني الحر، بدليل ان الخرق طال مناصريه في اللائحة دون سواهم. كما ان خسارة حرفوش تعني وجوب البحث عن شخص جديد ليتسلم رئاسة اتحاد بلديات جزين لان المنصب كان معقوداً عليه.
هذا الامر اظهر وجود خلل في المسألة، فإما ان التيار لم يتعاط مع الانتخابات البلدية كما يجب وقرر التركيز على الانتخابات النيابية وهو امر مستبعد نظراً الى الجدية التي خاض بها التيار الانتخابات والاهمية التي علّقها عليها، واما انه يجب على التيار اعادة النظر بتحالفاته وعلاقاته التي نسجها مع الفاعليات في جزين وفي مقدمها آل الحلو الذين كانوا السبب الرئيسي في منع وصول لائحة كاملة متكاملة لبلدية جزين وتكريس التيار زعيماً دون منازع على هذه المنطقة.
واليوم، يعيش التيار لحظة بحث وتفكير في ما آلت اليه الاوضاع، وكيف لم تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر، ومن الذي "خانه" في العملية الانتخابية البلدية: القوات ام الوزير السابق ادمون رزق ام آل الحلو ام اتفقوا جميعاً على هذه الخطة؟
في كل الاحوال، يدرس التيار خياراته للرد، وهي قد تكون محدودة. فالقول ان اسقاط المجلس البلدي من خلال اعتكاف الاعضاء الـ14 او مقاطعتهم او تقديم استقالتهم من اجل فرض انتخابات جديدة، ليس بالامر السهل. فمثل هذا القرار يوجب التنسيق فيه مع القوات ورزق، وبالتالي عودة الامور الى نقطة البداية، فمن يضمن عدم حصول التشطيب مرة اخرى وما الذي سيتغير بين ليلة وضحاها لتتغير النتيجة في ظل بقاء اللاعبين انفسهم؟ ناهيك عمن يضمن استعداد مجلس الوزراء ووزارة الداخلية الدخول في مرحلة جديدة من الانتخابات البلدية مع كل ما يعنيه ذلك من استعدادات لوجستية وادارية...
ويبدو ان الحل الانسب هو انتظار قرار مجلس شورى الدولة بالطعن المقدم اليه، والتفاهم مع حرفوش وباقي اعضاء التيار لايجاد الطريقة الافضل لاعادة الاعتبار اليهم من جهة، والوقوف عند رأيهم في تحديد الشخص المناسب لتسلم رئاسة اتحاد البلديات في جزين كدعم معنوي لهم.
وفي كلا الحالتين، ادرك التيار منذ المرحلة الاولى للانتخابات البلدية ان هذه الانتخابات تختلف من حيث القاعدة والتحالفات السياسية عن الانتخابات النيابية، وكان الدليل الملموس ما حصل في الجنوب اذ كان فوز ابو زيد بالنيابة مريحاً جداً، في مقابل "نكسة" غير متوقعة في بلدية جزين سيرد عليها التيار حتماً انما يبقى الوقت والطريقة ملكاً له، مع حتمية اعادة النظر بما حصل واستخلاص العبر اللازمة.
خسر حرفوش مقعده البلدي، وخسر التيار سيطرته المطلقة على بلدية جزين، فكيف سيكون الرد وما هو حجمه؟