تكتسب الإنتخابات البلدية في قضاء الكورة، في الدورة الحالية، أهمية لافتة، بالرغم من البلبلة التي تطغى على المشهد العام، نظراً إلى تبدل التحالفات من جهة، بالإضافة إلى تداخلها بالعديد من القرى والبلدات، في حين لا تزال الأمور غير محسومة في أكثر من مكان، أما الرسائل السياسية فهي متعددة وفي أكثر من إتجاه.
في هذا القضاء، الذي يضم نحو 34 مجلساً بلدياً لكل منها خصوصياته، تبدو المواجهة حامية بين حزبي "القوات اللبنانية" و"السوري القومي الإجتماعي"، من دون تجاهل دور كل من "التيار الوطني الحر" وتيار "المردة"، بالإضافة إلى تيار "المستقبل" ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، الذي أعلن في البداية أنه لن يتدخل في هذا الإستحقاق، إلا أن حضوره قائم في أكثر من بلدة، لا سيما في مسقط رأسه أنفة.
بالنسبة إلى "المردة"، تؤكد مصادره لـ"النشرة" أن المعركة في أغلب القرى والبلدات، أي نحو 80% منها، ذات طابع عائلي وإنمائي، وتشير إلى أن الثابت لديها هو التحالف مع "القومي"، لكنها تلفت إلى أن هناك خصوصية لكل قرية، وتوضح أن هناك تقارباً وتعاوناً مع مكاري، وتشدد على أن لا خصومة مع نائب رئيس المجلس النيابي.
في ما يتعلق بموقف "الوطني الحر"، تشير مصادره، عبر "النشرة"، إلى أن تفاهم معراب يطبق في بعض الأماكن، لكن هناك قرى وبلدات يتواجد فيها مرشحو التيار مع "القومي"، الأمر الذي لا يرضي أوساط "القوات"، التي تعتبر أن "الوطني الحر" مع القوي، وتعتبر أن المعارك في رشدبين، عين عقرين، زكرون عائلية.
من جانبها، تشدد مصادر "القومي"، عبر "النشرة"، على دورها الفاعل في أغلب قرى وبلدات القضاء، وتلفت إلى أن قوة الحزب تبلغ ما بين 40 و45% من الكورة، وتوضح أن تحالفاتها كانت مع جميع القوى والعائلات، لكن حدود حركتها توقفت عند "القوات"، أي أنها لا تتحالف معه في أي مكان.
وتشير مصادر "القومي" إلى أنها سعت إلى ترتيب الوضع مع العائلات في أكثر من مكان، وتضيف: "المحاولات لا تزال قائمة حتى الآن، ومن الممكن أن نصل إلى نتائج إيجابية في أماكن لم تحسم فيها الأمور بعد".
في هذا السياق، تبدو المعارك القوية واضحة في كل من أميون، كوسبا، دده، كفرعقا، فيع، بالإضافة إلى كفرحزير وداربعشتار، مع العلم أن أياً من المجالس البلدية لم يفز بالتزكية حتى الآن، بالرغم من أن المعركة محسومة في بعض البلدات والقرى، حيث هناك لوائح قوية بوجه منفردين، كما هو الحال في كفرحاتا.
وتشير مصادر سياسية من كافة الأفرقاء، عبر "النشرة"، إلى أن الصورة العامة شبه محسومة، لناحية المواجهة بين "القوات" و"القومي"، أما بالنسبة إلى "الوطني الحر" فموقفه مختلف من مكان إلى آخر، فهو في بعض البلدات يتمسك بإعلان "معراب"، أي التحالف مع "القوات"، أما حيث يكون "القومي" هو الأقوى فيعود إلى التحالف السابق مع قوى الثامن من آذار، الأمر الذي قد يحوله إلى الرابح الأكبر، نظراً إلى أنه سيكون مع الفائز دائماً، مع العلم أنه يسعى إلى كسر تيار "المردة" حيث يكون الثقل الأكبر للأخير.
في بلدة كفرعقا، التي يتألف مجلسها البلدي من 15 عضواً ويبلغ عدد الناخبين فيها حوالي 4000، هناك معركة بين لائحتين: الأولى مدعومة من "المردة" وعائلات برئاسة فيليب بولس، والثانية من "الوطني الحر" و"القوات" وعائلات برئاسة الياس ساسين.
وفي حين تشير أوساط "الوطني الحر" إلى أن "القومي" لم يحسم خياره فيها، وتعيد تكرار الحديث عن المال الإنتخابي الأفريقي، أي رجل الأعمال جيلبير شاغوري، تجزم مصادر "القومي" بأنها في اللائحة المدعومة من "المردة".
أما في بلدة كوسبا، التي تعتبر من البلدات الكبرى في هذا القضاء، حيث يصل عدد الناخبين فيها إلى نحو 5000 وعدد أعضاء المجلس البلدي إلى 15، فالمنافسة متشابهة مع تلك القائمة في كفرعقا، وهناك لائحتان الأولى برئاسة رئيس البلدية الحالي عقل جريج، مدعومة من "القوات" والنائب نقولا غصن و"الوطني الحر" داعم لها على مستوى الإقتراع، في مواجهة لائحة "كوسبا للجميع" المدعومة من وزير الدفاع الوطني السابق فايز غصن و"القومي".
بالإنتقال إلى عاصمة القضاء، أي بلدة أميون، المنافسة السياسية شبه محسومة، نظراً إلى أنها تعتبر من أهم معاقل "القومي"، لكن ذلك لا يمنع وجود تنافس بين لائحتين: الأولى "أميون بالعيون"، من 12 عضواً من أصل 15 عدد أعضاء المجلس البلدي، مدعومة من الرئيس الحالي غسان كرم وممثلين عن "الشيوعي" ومستقلين وبعض العائلات، أما الثانية فهي من 15 عضواً مدعومة من "القومي" و"الوطني الحر" والعائلات.
وتشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن "الطلاق" بين كرم و"القومي" يعود إلى رغبة الأخير في إفساح المجال أمام شخصيات أخرى، في حين هو فضل الترشح من جديد، أما "القوات" فهي لم تحسم موقفها في بلدة عضو كتلتها النائب فادي كرم، لكنها تدرس خيار الترشح من أجل تشجيع الناخبين على مواجهة "القومي" في عقر داره، بحسب ما تقول أوساطها.
في بلدة فيع، المعركة ستكون بين لائحتين الأولى: واحدة مدعومة من "القومي" والعائلات وأخرى مدعومة من "القوات" والعائلات، في حين ينقسم "الوطني الحر" على اللائحتين، أما "المردة" فهو مع "القومي".
وستكون المنافسة في بلدة كفرحزير بين لائحتين: الأولى برئاسة فوزي معلوف، مدعومة من "القوات"، أما الثانية فهي برئاسة رئيس البلدية الحالي نبيه عودة، الذي كان محسوباً على "القوات" لكن في المعركة الحالية مدعوم من "القومي" و"المردة".
ولا يبدو الأمر مشابهاً في بلدة دده، حيث هناك لائحة توافقية تضم "القوات" و"الوطني الحر" و"المردة"، لكن صورتها النهائية لم تحسم بعد، حيث المفاوضات لا تزال قائمة، في ظل عدم وضوح موقف "القومي"، لكن هذا لا يمنع وجود مستقلين قد يشكلون نواة لائحة ثانية، بالرغم من الإنسحابات التي حصلت.
الرياح التوافقية برزت أيضاً في بلدة أنفه، حيث أبصرت لائحة توافقية النور، تضمّ "القوات" و"الوطني الحر" و"المردة" ومكاري، وتشير أوساط "الوطني الحر" إلى أنها لم تجد حليفاً لها من أجل خوض معركة فيها، حيث "القوات" مع مكاري و"القومي" لم يحسم موقفه سريعاً، الأمر الذي دفعها إلى فتح قنوات التواصل مع نائب رئيس المجلس النيابي، أما "المردة" فتؤكد مصادره أن غابي دراق هو حليفها الطبيعي، لكن الأمور لم تحسم بعد بشكل نهائي.
أما مصادر "القومي"، فهي توضح أن الموضوع لا يزال قيد التداول حتى الساعة، وبالتالي قد يكون لدى الحزب مرشحين منفردين.
إلى بلدة بترومين، حيث المنافسة ستكون على مجلسها البلدي، المكون من 9 أعضاء، بين لائحة مكتملة تمثل "القومي" برئاسة خليل النجار، مقابل لائحة غير مكتملة من المستقلين تضم 6 أشخاص.
من جهتها، تشهد بلدة داربعشتار منافسة بين لائحتين، لكن المعلومات تشير إلى أنّ المعركة تأخذ الطابع العائلي بشكل أساسي، لكن حتى الساعة هناك لائحة برئاسة جوزيف اسحاق، المحسوب على "القوات"، في حين قد تظهر نواة لائحة ثانية في الأيام المقبلة.
وتوحي الأجواء بأنّ الأمور تتجه نحو التزكية في بلدتي كفتون وبتعبورة، في حين تشهد بلدة كفريا معركة بين تحالف "القومي" والفضل شلق بوجه "المستقبل"، في حين ترجح مصادر "النشرة" أن تبقى رئاسة إتحاد البلديات مع رئيس بلدية بشمزين كريم بو كريم.
في المحصلة، سيشهد قضاء الكورة مواجهات عائلية وحزبية حامية في أكثر من بلدة وقرية، يوم الأحد المقبل، في حين يبقى موقف "التيار الوطني الحر" هو الأبرز، لناحية التحالف مع أغلب القوى في الدورة الحالية دون إستثناء، بعد أن كان يقف إلى جانب "القومي" و"المردة" في مواجهة "القوات".