خلال ستّ سنوات، عانت طرابلس بسبب فشل المجلس البلدي المفترض به تمثيلها في إيجاد آلية تفصل بين الانتماءات السياسية والعمل التنموي لصالح المدينة، فاستمرّت النزاعات داخله بشكلٍ جعله مكبّلاً ومقيّداً، وبالتالي عاجزاً عن تقديم أيّ شيء. ومن عهد نادر غزال إلى عامر الرافعي الذي تسلّم رئاسة البلدية خلفاً له بعد استقالته من المنصب، لم تنته المشكلة، وبقي الشلل السمة الأبرز للمجلس البلدي، حتى أنّ معظم أعضائه قاطعوا جلساته في الفترة الأخيرة لأسباب لم تبدُ مقنعة لأحد.
انطلاقاً من ذلك، ترى أوساط طرابلسية أنّ استبعاد أعضاء المجلس البلدي الحالي في طرابلس عن اللائحة الائتلافية للانتخابات البلدية، التي توافقت عليها الشخصيات الطرابلسية الأساسية من رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري ونجيب ميقاتي والوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي وغيرهم، كان متعمّداً، وذلك بسبب العهد الذي قطعته القيادات الطرابلسية على نفسها بعدم تسمية أيّ منهم، خصوصاً أنّ الهدف هو الاتيان بمجلسٍ بلدي متجانس وبعيد عن الانقسامات السياسية.
من هنا، تؤكد الأوساط أنّ استبعاد مرشحين من الأحياء الشعبية في طرابلس لم يكن متعمّداً، ولكنّه عائد لكون جميع المرشحين الذين تنطبق عليهم هذه المواصفات هم من أعضاء المجلس البلدي الحالي، وبالتالي كان من الضروري استبعادهم انسجاماً مع المبدأ القائل بتغيير المجلس البلدي بالكامل، علمًا أنّ المعنيين باللائحة التوافقية يؤكدون أنّها تمثل كلّ شرائح المجتمع الطرابلسي من دون استثناء.
وبنتيجة هذا الاستبعاد، انضمّ كلٌ من أحمد قمر الدين وخالد تدمري إلى لائحة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، في حين أعلن عربي عكاوي ترشيحه منفرداً، ليقرّر باقي أعضاء المجلس البلدي الحالي التنحّي والوقوف جانباً، لأنّ المعركة سياسية برأيهم، وهم لا يريدون الانقلاب على انتماءاتهم.
وفي هذا السياق، توضح أوساط طرابلسية أنّ المشكلة الحقيقية ليست في أسماء الأعضاء، وإنما في التجاذبات السياسية التي اطاحت بمجلس بلدية الميناء قبل ثلاث سنوات وفشل المجلس البلدي الحالي بتنفيذ حاجات المدينة من مشاريع انمائية.
وتحذر المصادر من تكرار المشهد نفسه في المجلس البلدي المقبل، في حال فوز اللائحة الائتلافية، كونه سيجمع أيضاً "الأضداد" في السياسة، علماً أنّ بقاء مرشح "تيار المستقبل" عمر حلاب الذي طُرح اسمه رئيساً للبلدية في البداية كعضو في مجلس يرأسه عزام عويضة سيشكّل عملية استنساخ للمجلس البلدي القائم حالياً، والكلّ يذكر التهديدات التي كان يتعرض لها غزال بالانقلاب عليه والاتيان ببديل، فكيف الحال إذا كان البديل موجوداً أصلاً؟!