بعد طي رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع صفحة الماضي الأليم بينهما، وتتويج المصالحة المسيحية-المسيحية في الثامن عشر من كانون الثاني الفائت، إستغل رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري حضور جعجع إحتفال ذكرى الرابع عشر من شباط كي يوجه له صفعته الشهيرة، "أديش كنت وفّرت على المسيحيين ولبنان لو تمت المصالحة مع العماد ميشال عون من زمان؟"
اليوم وبعد مرور أقل من أربعة أشهر على ما إعتبرته جماهير القوات إهانةً حريرية لرئيسها، حان وقت تصفية الحسابات لا بل الشماتة بـ"الشيخ سعد".
الشماتة نعم، نتيجة الإنتخابات البلدية والإختيارية، التي لم يترك الحريري فيها خصماً سُنياً له إلا وتحالف معه. ذروة الشماتة القواتية، يظهرها أصحابها في عاصمة الشمال، حيث سعى الحريري جاهداً لتشكيل لائحة التوافق على قاعدة مهما كبر حجم التنازلات، تجنباً لخسارة إنتخابية مدويّة وردته أخبارها من شركات الإحصاء وإستطلاعات الرأي، وتفادياً لمعركة مكلفة مادياً في عزّ الأزمة والضائقة المالية المفروضة سعودياً على التيار الأزرق. "ولكن التوافق مع من؟" يسأل مصدر قواتي رفيع المستوى، "مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي أقام له تيار المستقبل يوم غضب مضرماً النار بصوره وبشوارع طرابلس يوم كُلف تشكيل الحكومة؟ أو مع ميقاتي الذي إتهم يومها من قبل التيار الأزرق بخيانة دم رئيس الحكومة الراحل الشهيد رفيق الحريري؟ وماذا عن توافق الحريري الابن مع الوزير السابق فيصل كرامي، نجل الراحل عمر كرامي رئيس الحكومة التي حمّلها الحريري ورجاله الطرابلسيون مسؤولية جريمة إغتيال والده؟"
الشامتون بالحريري لا يسقط من ذاكرتهم إتهام تيار المستقبل الوزير السابق محمد الصفدي بالجريمة التي لا تغتفر عندما قبل تولي حقيبة المالية في حكومة ميقاتي الثانية، ويسألون، "لماذا يحق للحريري أن يتصالح مع الصفدي، ويسمح لنفسه بانتقاد الآخرين إذا تصالحوا؟"
شماتة القوات بتحالف الحريري الطرابلسي لا تقف عند هذا الحد، وتصل أسئلتها الى جمعية المشاريع المعروفة بـ"الأحباش" والممثلة بلائحة التوافق أيضاً، جمعية لطالما تقاتل تيار الحريري معها واصفاً إياها بممثلة النظام السوري في لبنان". وهنا يحضر السؤال "ألم تعد هذه الجمعية من مناصري الرئيس بشار الأسد؟"
أما بالنسبة لاتفاق مبرم تحت الطاولة بين لائحة التوافق التي يتغنى بها الحريري وتياره، وعلويي جبل محسن الذين سيتبادلون الأصوات غداً مع مرشحي تيار المستقبل، فحدّث ولا حرج، إذ أن الحريري قبل لنفسه بعد عشرين جولة قتال بين باب التبانة والجبل، أن تمثل الطائفة العلوية بلائحة التوافق بقرار من المجلس الإسلامي العلوي الذي يتحدّث بإسم الجبل بعد فرار القيادي في الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد الى الداخل السوري، وهنا يرد القواتيون إهانة الرابع عشر من شباط الى صاحبها، قائلين "أدّيش يا شيخ سعد كنت وفّرت قتلى وجرحى ومعوّقين ودمار على طرابلس لو تصالحت من زمان مع جبل محسن وميقاتي والصفدي والأحباش؟ وأدّيش كنت وفرت خلافات على أهل البقاع الغربي لو حطيت ايدك من زمان بإيد الوزير عبد الرحيم مراد؟"