«مبروك ريّس، مبروك ريّس»، سمعها جورج شكر، أحد الفائزين بعضوية المجلس البلدي في بلدة معاصر الشوف، مراراً وتكراراً من مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي، في إشارة إلى دعم الحزب له، لكي يُنتخب رئيساً للبلدي، من قبل الـ 15 عضواً الفائزين (8 دروز و7 مسيحيين) في المعاصر، بعد أن كان نائباً للرئيس في البلدية السابقة.
قبل أسبوعين، تواجهت لائحتان في البلدة، الأولى على رأسها شكر، والثانية على رأسها جورج عربيد. إلّا أن التنافس في البلدة المختلطة بين المسيحيين والدروز، كان مسيحياً صرفاً، في ظلّ إدراج أسماء المرشحين الدروز الثمانية على لائحتي عربيد وشكر. وبحسب النتائج النهائية، فاز شكر (501 صوتاً) ومعه ثلاثة أعضاء مسيحيون من لائحته، وفاز عربيد (471 صوتاً) ومعه عضوان.
لكن فرحة شكر لم تدم طويلاً. إذ علم قبل بضعة أيام، على ما يقول لـ«الأخبار»، بأن الإطراءات التي سمعها السبت الفائت في المختارة من قبل مسؤولي الاشتراكي، لم تعن الاستمرار في دعمه كرئيس للبلدية، بل تغيّرت بعد إيعاز من النائب وليد جنبلاط بدعم عربيد كرئيس.
هل فعلاً كان الاشتراكي يدعم شكر للرئاسة؟ يؤكّد الأخير بأن مسؤولي الاشتراكي كانوا يتابعون من بيته نتائج المعركة الانتخابية. «لمّا ترشّحت حكيت مع الحزب، وباركوا، من رفعت عزّام إلى صلاح البتديني إلى رضوان نصر. ما سمعتها من وليد بيك مباشرةً، بس الكلّ كان عم يحكيني إنو أنا الرئيس، حتى أن رئيس الاتحاد أدخلني إلى شبكة الاتحاد الالكترونية لاطلع على الأخبار والمعلومات كباقي رؤساء البلدية. كما أن العرف الدارج في بلدتنا، يقضي بأن يرأس البلدية في حال عدم التوافق العضو الحائز على أعلى نسبة أصوات، وفي هذه الحالة يكون جورج شكر الرئيس». ويتابع: «لو قيل لي منذ البداية، لما ترشّحت».
لا يوافق وكيل داخلية الاشتراكي رضوان نصر على كلام شكر، «شكر لم يكن هو الرئيس»، يقول نصر لـ«الأخبار»، مضيفاً: «شكر كان عضوا بلديا على امتداد ثلاث بلديات، وعربيد حائز على دكتوراه بالهندسة. من الجيد إدخال دم جديد وتحسين الوضع. شكر بقي 18 سنة وأعطى ما عنده».
وفي حين يقول شكر إنه لا يعرف السبب الذي دفع جنبلاط إلى التدّخل ودفع الاشتراكيين إلى خيارات مختلفة في الانتخاب، إلّا أن المؤكّد بالنسبة إليه هو أن موقف جنبلاط الجديد جاء بعد زيارة قام بها عربيد إلى كليمنصو الاثنين الماضي، علماً بأن جنبلاط حاول التأكيد للجميع طوال مرحلة الانتخابات البلدية بأنه لا يتدخل، ويترك الأمر للقيادة الحزبية.
ويواجه الاشتراكيون شكر حين يسأل عن سبب قرارهم التصويت لعربيد، بأنه حان وقت التغيير بعد 18 سنة. ولكن، إذا حان وقت التغيير فعلاً، فلماذا لا يبدأ جنبلاط بالتغيير قبل معاصر الشوف، من بلدته المختارة، التي يرأس بلديتها روجيه عشي منذ 18 عاماً، وتمّ التجديد له قبل أسبوعين؟ أو برئيس بلدية الخريبة نسيم الأشقر، أو الرّيس إيلي نخلة في الباروك.
من جهته، لا ينفي عربيد أن يكون قد زار جنبلاط، لكنّه يردّ على «إدعاءات» شكر، ويقول لـ«الأخبار»: «إذا كان أحد واعده وغيّر رأيه فهذا ليس ذنبي، وأسمع أن هناك قراراً من وليد جنبلاط بعدم التدخل في الانتخابات البلدية. والنتائج أفرزت 15 عضواً، سينتخبون غداً من يرونه مناسباً للرئاسة». ويضيف: «استغرب الزج بمعلومات لا اساس لها من الصحة، كتدخلات سياسيين لحساب أحد المرشحين. كل ما في الامر انني التقيت النائب جنبلاط مرتين للتعارف ولم نتطرق ابداً لإمكانية دعمه لي، بل تكلمنا عن مواضيع عامة منها اسفي لعدم فوز سيدة مرشحة على لائحتي ومواضيع انمائية بقيت في العموميات. وقد أعلمته عن تواصلي مع جميع المرشحين لا سيما الفائزين وعلاقة المودة التي تجمعني بهم، وأملي بأن ينتخب أعضاء المجلس البلدي من يجدونه مناسبا للرئاسة».
الجدال القائم في البلدة، لم يبق بعيداً عن النائب جورج عدوان، الذي علمت «الأخبار» أنه اتصل بشكر قبل أيام، مؤكّداً أنه «سيعمل على معالجة الأمر»، وحتى الآن، لم يأتِ تدخّل عدوان المنشود بالنسبة لشكر، بأي نتيجة.
ولمعاصر الشوف خصوصية كبيرة، لما تحمله من ذاكرة الحرب الأهلية وتهجير المسيحيين، في ظلّ ما يحكى عن عمل يبذله أكثر من طرف لعودة المسيحيين إلى الشوف.