لم يكن أشرف ريفي ضابطاً عادياً في قوى الامن الداخلي. الحديث هنا ليس عن إنجازات امنية تُنسب إليه، او ينسبها إلى نفسه. فهو خرج من المديرية، بعدما قضى على رأسها 8 سنوات (لم يسبق أن شغل احد المنصب ذاته طوال مدة مماثلة)، وهي في حال أسوأ مما كانت عليه.
بناء قوة استخبارية فعالة اسمها فرع المعلومات لم يكن نتاج جهده، بل هو ثمرة قرار سياسي لبناني إقليمي دولي، نفذه اللواء وسام الحسن، مواكبةً لمرحلة ما بعد الخروج السوري من لبنان، والسعي إلى تهميش استخبارات الجيش والاجهزة الأخرى، في إطار الانقلاب السياسي الذي شهدته البلاد بعد 14 شباط 2005. وإذا وضع هذا الفرع جانباً، يكفي النظر إلى اوضاع الشرطة القضائية، وفضائح الفساد في الإدارة المركزية، وأحوال الدرك الإقليمي ووحدة القوى السيارة لتظهر تركة ريفي. أبرز ما تحقّق في عهده أمران: الاول، رفع عديد قوى الامن الداخلي من نحو 13 ألف ضابط ورتيب ودركي ومجنّد، إلى ما يزيد على 27 ألفاً؛ ورفع المخصصات السرية في المديرية، لتصل إلى نحو 15 مليار ليرة سنوياً. في ما يخص العديد، ربما هي النسبة الأكبر في زيادة اعداد الذين يتقاضون رواتب من خزينة الدولة، في مؤسسة رسمية لبنانية، في غضون 10 سنوات. وكان لريفي نصيب كبير من التوظيفات، ما سمح له ببناء شبكة علاقات سياسية واسعة، وتأمين حضور شعبي من خلال العائلات التي وظّف أبناءها في «مديريته». اما النفقات السرية، التي يحق للمديرية استخدامها من دون العودة إلى ديوان المحاسبة او وزارة الداخلية، فعندما كان وزير العدل المستقيل لا يزال مديراً عاماً، كان يقول دوماً إن العرف يقضي بأن يحتفظ رئيس الجهاز لنفسه بحرية التصرف بنحو ثلث النفقات السرية، مشيراً إلى انه ينفقها لتمويل مخبرين مهمين، وفي كل ما يمكن ان يساهم في تأمين معلومات حساسة أو الحفاظ على الأمن. وبالطبع، كان لطربلس نصيب من هذه الاموال. يؤكد مسؤولون امنيون انهم يملكون وثائق تكشف أن ريفي كان ينفق شخصياً، من المال العام، اكثر من 50 ألف دولار شهرياً، لـ»مفاتيح» في طرابلس، مبالغ تراوح بين 300 ألف ليرة شهرياً لأحدهم، و10 ملايين ليرة شهرياً لآخر. وبين الذين خصص لهم ريفي «معاشات» شهرية، قادة محاور ورجال دين اوقفوا سابقاً بتهمة الإرهاب. وكذلك كان المدير العام لقوى الأمن الداخلي يمنح بركته المالية لعائلة شاهِد في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري. بطبيعة الحال، ينفي ريفي وفريق عمله كل ما يُقال في هذا الشأن، واضعاً كل إنفاق المخصصات السرية في خانة عمل فرع المعلومات وقطعات الامن الداخلي الأخرى (كان فرع المعلومات يحصل على 400 مليون ليرة شهرياً، وقادة وحدات الامن الداخلي مجتمعين على 170 مليون ليرة). لكن الأكيد أن «اللواء» استغل نفوذه في المديرية، لبناء حيثية شعبية، تماماً كما جرت العادة لدى غالبية المسؤولين الرسميين في بلادنا، بالتوظيف والمال وحماية المخالفات. وماذا عن مرحلة ما بعد التقاعد؟ الرئيس نجيب ميقاتي كان يجيب عن هذا السؤال بالقول إن منتجع الميرامار (الذي شيّدت أبنية تابعة له بمخالفة يُقال في طرابلس إن ريفي غطاها) يؤمن لريفي نحو مليوني دولار سنوياً. وهذا المبلغ، بحسب ميقاتي، يتيح للمتمرّد على الرئيس سعد الحريري تمويل حركته السياسية ــــ الشعبية في عاصمة الشمال. هنا أيضاً، ينفي ريفي والمقربون منه ذلك، قائلين إن الميرامار ملك خاص لرجل الاعمال محمد اديب، شقيق زوجة اللواء المتقاعد، وان الاخير «يفصل عمله العام عن علاقاته العائلية».