إضافة إلى إعلان عضو كتلة المستقبل النائب جان أوغاسبيان بأن تصاريح وزير الداخلية نهاد المشنوق تبحث في الغرف المغلقة، فإن القناعة لدى أوساط في كتلة المستقبل بأن المواجهة التي يقودها الرئيس سعد الحريري يجب ألا ترتد إلى داخل فريقه السياسي، وخصوصاً أن المتربّصين بالتيار الأزرق يأملون سقوطه لما يمثّل من حالة رافضة لهيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية. اذ يكفي حاليا المواجهة القائمة مع الوزير اشرف ريفي، وكذلك مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
لذلك، تتابع الاوساط أن تصوير مواقف المشنوق وكأنها ضربة لهذا التيار هو أمر في غير مكانه، إذ هو اطلق مواقفه مندفعا في معرض التوضيح والتبرير وذلك نتيجة «وجعه» من خسارة المستقبل في طرابلس أكثر مما توقف أمام نجاح وزير العدل المستقيل أشرف ريفي في الانتخابات البلدية.
إذ في منطق المشنوق حسب الأوساط، أن خسارة تيار المستقبل بالتوازي مع خسارة الرئيس نجيب ميقاتي والقوى الأخرى أمر يفسّر وكأن هذا الفريق هو متساوٍ مع الآخرين، في حين أنه تيار قدّم شهداء عدة على رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري واللواء الشهيد وسام الحسن الذي كان يطلق المشنوق في ذكرى اغتياله مواقف تؤكد على ثوابت الرئيس الحريري ورفضه للجزر الأمنية مع ما تبع ذلك من مواقف ومن ردات فعل من جانب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله تحديداً.
وترى الأوساط بأن الإشكالية التي خلقها موقف المشنوق لا تدفع الى الانقضاض عليه وكأنه طارىء على تيار المستقبل أو دخيل على الطائفة السنية، وهو الذي لم يخف اتهاماته لحزب الله عشية عدة عمليات أمنية وبينها يوم استشهاد اللواء الحسن. وإن استهدافه بأنه على تواصل مع حزب الله هو أمر يحمل نوعاً من الانتقام منه، إذ هو أراد من خلال إجلاس مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق المركزية في حزب الله الحج وفيق صفا إلى جانب القادة الأمنيين تحميله مسؤولية عدة تفاهمات حصلت يومها من اجل تأمين أهالي بلدة الطفيل وغيرها من التي ينتشر فيها حزب الله انطلاقاً من أن حزب الله يتمثل بالحكومة في موازاة تنسيق يومي دائم بين الأجهزة العسكرية الأمنية وبين الحج صفا قبل دخول المشنوق إلى الداخلية.لكن ما اقدم عليه «ابو صالح» هو انه لا يخفي علاقاته خلافا لغير سياسيين.
وتلفت الأوساط إلى أن ما قاله المشنوق تجاه الدور السعودي لم يكن اتهاماً لدور سلبي لها، وهو الذي يكنّ الاحترام لخادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، لكنه أراد ان يوضح لجمهور المستقبل أن زيارة الحريري إلى دمشق جاءت في إطار الدور السعودي من ضمن تسوية شاملة في المنطقة وليس من زاوية ضعف أو تنازل أمام الرئيس السوري بشار الاسد، خصوصاً أن مواقفه التي هاجم فيها إيران بعيد عملية عاصفة الحزم تعكس مدى التزامه وحماسته للدور السعودي في المنطقة العربية.
لذلك، إن الاجتهاد من قبل المتضرّرين في اجتهادات المشنوق جاء في غير مكانه ويحمل طابعاً شخصياً أكثر مما حمل ردوداً سياسية، سيما أن صلته بالقيادة السعودية ليست وليدة الساعة وهو الذي كانت له أدوار منسجمة مع دور السفير علي عواض عسيري في «ضبضبة» الواقع السني من زاوية تقريب عدة فاعليات مضادة للمستقبل الى جانب الحريري، سواء كان ذلك في البقاع الغربي او بيروت او طرابلس، وذلك تماهيا مع الرغبة السعودية بتعزيز وتقوية الواقع السني في لبنان.
وتدرج الاوساط مواقف رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط تجاه المشنوق بأنها حملت في جانبها نوعاً من تصفىة الحساب مع الاخير على خلفية تحسّس الزعيم الدرزي من العلاقة القائمة بين وزير الداخلية وبين رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، وإن السجال الاعلامي سابقا بين الرجلين حول تعيينات رئيس الشرطة القضائية دلّت على هذا الواقع المتوتر بينهما، اذ ليس جديدا بأن جنبلاط يعي مدى التواصل بين المشنوق ووهاب وادراج وزير الداخلية لضباط اقرباء لرئيس التوحيد داخل فريق عمله في الداخلية. عدا ان المشنوق يوفر خدمات لوهاب لا يتقبلها جنبلاط، لكن من دون إغفال قدرة جنبلاط لهذه المحطة التي يعتبرها خلافية بين المشنوق والسعودية من أجل استعمالها لتقوية علاقته بالرياض من زاوية التقدير للدور السعودي الداعم للبنان.