في موازاة مواقفه التوضيحية ابان مسلسل الافطارات، ناقش رئيس تيار المستقبل سعد الحريري خلال اجتماعات موسعة او ضيقة له مع كوادره ومحيطه وفريق عمله «المميز» الخلل السياسي - الاداري الذي ادى لتراجع الاندفاعة الشعبية نحو التيار الأزرق على ما دلت نتايج الانتخابات البلدية في العاصمة وفي طرابلس بنوع خاص.
وتفهم المستمعون له خلفية القرارات التي اتخذها، بحيث من غير الممكن الاعتراض من قبله يومها على تسوية الدوحة في ظل المناخ الدولي الداعم لها ،لا بل ان المجتمع الدولي باكمله كان ميالا لاحتضان الرئيس السوري بشار الاسد على ما دلت دعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا ساركوزي للأخير لحضور لبسومرالوطني الفرنسي ، في حين كان لا يزال الرئيس الحريري يلملم وحده تداعيات 7 ايار، وصولا الى مباشرته الحوار مع حزب الله الذي لم يرتب على فريق المستقبل المهادنة على ما تدل مواقف الصقور في هذا التيار، لكنه اراد تجنيب البلاد توتر او فتنة مذهبية لا يقبل ان يكون مساهما فيها، ففضل المهادنة حتى توقيع الاتفاق النووي مع ايران، انطلاقا من ان المجتمع الدولي ولا سيما واشنطن وعدوا باعتماد اداء مغاير مع طهران عن مرحلة التغاضي عن ممارساتها وهو ما تدل عليه حاليا العقوبات المالية الأميركية على حزب الله.
وكانت نقاشات عن غيابه وتردداته على دينامية التيار كذلك كانت مناقشات عن ضرورة الدفاع عن اتهامات ومخالفات مالية - ادارية طالت مسؤولين محسوبين عليه أسوة بالمجلس البلدي لبلدية بيروت على ما اثير في اجتماعه مع المكتب السياسي، وعلى ما بينت الوقائع فان فريق الحريري المركزي والمناطقي تفهم تفسيراته، لكن ماذا عن الملف الرئاسي في ظل ترشح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وترشيح الحريري لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، في ظل المزاج السني الرافض لهما؟
بعد تفسيره خلفيات ترشيحه لفرنجية اثناء احد الاجتماعات، لا سيما ان النظام بات امام حالة اهتراء مدمرة للمؤسسات، لا يخفي الحريري لسائليه قوله «لو نجحت المبادرة وانتخب فرنجية رئيساً لما كنا نناقش الامر حاليا بل كنا أضحينا في مرحلة ما بعد الفراغ ومخاطره الآتية علينا وعلى البلاد ....».
لكن لماذا فرنجية وليس عون الذي يجد بان ثمة معطيات تقربه من قصر بعبدا، تتوزع بين حاجة البلاد الملحة لرئيس للجمهورية قوي شعبيا - سياسيا لوقف الاهتراء وحاجة البلاد الى حكومة برئاسة الحريري، وبحيث يتكامل الامر مع تراجع الرفض السعودي لوصوله على ما حمل العشاء الذي اقامه السفير السعودي الدكتور علي عواض عسيري من رمزية «انفتاحية» تلقفها عون ايجابا حسب المحيطين به ، اذ يعتبر العشاء محطة نحو الامام وليس للمراوحة.
في منطق الحريري تتابع الاوساط المطلعة ، اذا كان لا بد من انتخاب فرنجية فان عاملين يميزانه عن عون وهما:
1- ان رفض المزاج السني لفرنجية ينحصر فقط في منطقة الشمال وطرابلس حصرا ويتمثل بالحالة التي يمثلها الوزير المستقيل اشرف ريفي، وهي جاءت ايضا رفضا للتحالف مع رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي، في حين ان رفض العماد عون ينطلق من حالة سنية أوسع تتمثل بكل تيار المستقبل وعلى مدى انتشاره على الارض اللبنانية ،اي ان نسبة رفض عون اوسع مما هو عليه واقع فرنجية الذي يحظى بغطاء هذه الطائفة.
2-ان فرنجية أجاد ممارسة التقية السياسية وكان مرنا في محطات عدة، حتى رغم انتقاد الحريري للرئيس الاسد او حزب الله ام ايران ، كان فرنجية يضبط «وجدانه في حين اراد عون ان يكون رأس حربة في الدفاع عن هذا الثلاثي ويندفع في حملته على الطائفة السنية ويحولها الى فريق متطرف، بما جعل ابنائها لا يتقبلونه رئيسا للجمهورية.
ويدور الكلام في محيط الحريري بان نتيجة الانتخابات البلدية قللت من حظوظ عون بعدما تبين خسارة الثنائي المسيحي اي التيار الوطني الحر -القوات اللبنانية في محك الشعبية على ما دلت خلاصة هذا الاستحقاق، وان الحريري متمسك بدعم فرنجية طالما لم يتوافق المسيحيون على مرشح بديل ، اذ عندها تتابع الاوساط يمكن للحريري ان ينتقل الى الخطة «ب»، لكن ان يتراجع عن تأكيد تمسكه بضروره انتخاب رئيس في حين لا يحسم حزب الله بين حليفيه، معناه تقديمه الفراغ لكون حزب الله يميل الى تمديد هذا الخيار بانتظار القرارالايراني، لقناعة الحريري بانه لو بقي عون وحده مرشحا فأن حزب الله لن ينتخبه وسيجد مبررات لا تقنع عون بل يسكت عنها كما يحصل حاليا في عدم تجاوب الامين العام السيد حسن نصرالله مع دعوة الحريري لاختيار احد حليفيه للرئاسة.
ويدور الكلام في محور عون بأن خطوة ترشيح الحريري لفرنجية تحمل أهدافا مفخخة ولا تزال، ومن أهدافها تطويق عون وجعجع، وهي انتقلت حاليا الى مرحلة تعطيل انتخاب عون وثمة معلومات واضحة بأن فرنجيه الذي يطمح لدخول بعبدا، لا يزال يتلقى «التحريض» من قبل فريق الحريري لعدم الانسحاب لكون خطوته هذه ستجعل الحريري وجها لوجه امام عون بحيث لا يقوى عندها على رفض مماشاة وصوله الى بعبدا.