لم تعرف عاصمة الشمال طرابلس السكينة منذ ما قبل الحرب الاهلية وحتى تاريخنا الحديث والامر مرده الى الخصومة بين الطائفتين العلوية والسنية حيث خاض الفريقان جولات من النزاعات والمواجهات التي كانت تندلع في كل مرة تطرق فيه الفتنة ابواب الفيحاء فعندها يتحول شارع سوريا خط التماس بين جبل محسن الذي تقطنه الغالبية العلوية وباب التابنة ذات الاغلبية السنية .
ورغم ان الشارع المذكور هو كان عامل الفرقة بين المنطقتين الا ان هناك قاسماً مشتركاً بين المنطقتين وهو الفقر وضيق الحال وغياب الخدمات الانمائية وفرصة العمل الامر الذي يجعل من الساحة بيئة مهيئة للاشتعال، وما زاد على الامر احتقاناً «الثورة السورية» التي وجدت لها في الساحة طرابلسية معارضين ومؤيدين وهؤلا كانوا ضحية هذه الثورة التي اجتذبتهم للقتال في صفوفها فوقع المحظور وبات جزءا كبيرا من الشباب الطرابلسي داخل السجون فمنهم غلبته العاطفة لنصرة اهل السنة ومنهم بدافع العوز، لكن في كلا الحالتين دفع الشباب الطرابلسي اغلى الاثمان.
يوم توقفت القذائف والصواريخ واعمال القنص في تشرين الثاني من العام 2014 تنفس اهالي طرابلس الصعداء وهم يأملون ان يمحي التاريخ من ذاكرتهم كل ما تعرضوا له خلال تلك السنوات التي لم تفسح لهم المجال بالتقاط انفاسهم لاعادة احياء المدينة، لكن يبدو انه لن يستجيب لهم فالمعارك بالحديد تحولت الى صراعات على استئثارهم لحصد الاصوات الانتخابية في ظل استغلال فاضح للبؤس الذي يعيشون فيه اضافة الى استعار اللغة الطائفية والمذهبية التي تكون دائماً غذاء الحروب بالنار وبالكلمة .
انطلاقاً مما ورد يرى مصدر طرابلسي عايش ازمات عاصمة السنة في الشمال ان الخلافات والصراعات على اشدها بين القيادات السياسية التي تعتبر انها تمثل الصوت الطرابلسي وكل سياسي يخوض معاركه باستخدام الاصوات الطرابلسية كدروع لمعركته لاسيما بعد حالة الانحسار التي طالت «تيار المستقبل « في الشمال.
فالوزير السابق اللواء اشرف ريفي يستغل اخطاء آل الحريري وتراجعهم خدماتيا واخفاقاتهم الانمائية وسوء اختيار موضوع المنسقيات، لاستنهاض الشارع الطرابلسي فضلاً عن مواقفه وخطاباته التي ينتقد فيها «حزب الله» وايران الامر الذي يشكل له رافعة في منطقة شارك العديد من شبابها في القتال داخل سوريا في مواجهة عناصر «حزب الله».
ورغم كل هذه العوامل التي قد تسهم في رفع نسبة المؤيدين للوزير ريفي الا ان الانتخابات البلدية التي حقق فيها نجاحاً قياسياً الا انها اليوم بدأت تشكل عبئاً عليه اثر الخلافات المستحكمة بين كتلة الدكتور جمال البدوي الذي غابت الكيمياء بينه وبين رئيس البلدية الحالي احمد قمر الدين الذي لم يتمكن من تنفيذ وعوده في الفترة الممنوحة له للقيام بانجازات نوعية والتي تجاوزت الـ 100 يوم وهو الوقت الذي حدد له من قبل هذه الكتلة الامر الذي انعكس تململاً ضمن كتلة الوزير ريفي نفسها.
ومن الامور الاخرى التي تعيق تحركات الوزير ريفي توزير النائب عبد اللطيف كبارة الذي يتشابه مع الاول لناحية الخطاب الشعبوي الا ان ابواب الوزارات والمؤسسات مفتوحة له لتلبية خدمات الطرابلسيين وهو الذي حمل ملفاتهم شخصيا باتجاه ادارات الدولة الخدماتية وحتى القضائية منها منذ اكثر من 20 عاماً رغم الثغرات على الصعيد الانمائي الذي يطمح اليه الشباب اضافة الى ان شقيقه عبد الغني كبارة هو احد مفاتيح نجاحه كونه من الدائرة الضيقة لرئيس الحكومة سعد الحريري.
عبد اللطيف كبارة لم يؤمن شيئاً لطرابلس على الصعيد الانمائي انما فقط على الصعيد الفردي حيث يتابع قضايا الناس بشكل مباشر ولاسيما فيما يتعلق بالتوقيفات والشؤون القضائية وتاريخيا كان من اركان عمر كرامي ومن بعدها مع الصفدي ومن ثم باتجاه آل الحريري لاسيما وان شقيقه عبد الغني كبارة هو مستشار الرئيس سعد الحريري هو لا يمثل حالة شبابية او وجه جديد.
اما بالنسبة للنائب خالد ضاهر يلفت المصدر الى انه اصبح خارج اللعبة بعد توزير النائب معين المرعبي وكبارة اللذين كانا قد حاولا الخروج عن الخط الازرق الا ان الرئيس الحريري اعادهما الى «البيت الحريري».
وفيما يتعلق بعلاقة الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري على صعيد الانتخابات النيابية يلفت المصدر الى ان لا شيء يمنع من التحالف بين الندين وهما اللذان خاضا التجربة عام 2009 وبالطبع كان للملكة العربية السعودية دور في جمع الضدين كما ان الرئيس ميقاتي يدرس خطواته بتأن في العاصمة الشمالية كونه لا يستسيغ خلق تحديات داخل الطائفة في حال كان هناك نوع من تحالف مع اللواء ريفي الذي يعتبر من الحلقة الضيقة لاحد المسؤولين السعوديين(محمد بن نايف) الذي يدعمه على جميع الاصعدة.