في آذار من العام الماضي هدّد مسلّحان داعشيان لبنانيان بالهجوم على اللبنانيين في مقطع مصور نشره تنظيم داعش ولاية الرقة، يومها توجه الارهابيان الى سكان لبنان وقياداتهم و"طواغيتهم"، فلم يكتفيا بالهجوم على حزب الله أو فئة محددة من الشعب اللبناني. اخذت القوى الامنية والعسكرية التهديد على محمل الجد وبدأت مرحلة جديدة من الحرب بين لبنان والإرهاب.
إن تهديد "داعش" للبنان ليس بالأمر الجديد، فالحرب على الارهاب بدأت قبل ولادة "داعش" ولكن يعلم القيمون على الامن في لبنان، بحسب مصدر مطلع أن خطر "داعش" يزداد كلما تعرض التنظيم للضرب والتضييق في مناطق تواجده الأساسية في العراق وسوريا، مشيرا إلى ان الأشهر الماضية كانت الاقسى على "داعش"، وبالتالي كان لا بد من فتح العيون ليلا نهارا لمنع الارهاب من التسلل الى القرى والمدن اللبنانية.
مع بداية العام الجاري شدد مصدر عسكري لـ"النشرة" على أهمية "الامن الاستباقي" الذي تقوم به استخبارات الجيش، ولكي لا نعود كثيرا بالزمن الى الوراء، يكفي أن نراقب ما حصل الاسبوع الماضي لندرك حجم "الحرب" الامنية التي تُخاض، فمنذ ايام استطاع جهاز الامن العام أن يمنع تفجيرا انتحاريا تنفذه السورية بشرى فتوح وعمرها 18 عاما، وبالساعات الماضية نجحت مديرية مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات بإنقاذ شارع الحمرا من مجزرة بعد توقيف اللبناني عمر العاصي قبل دقائق من تفجير نفسه، كذلك نجحت مخابرات الجيش من توقيف بلال. ش. في طرابلس وهو انتحاري كان يخطط لتفجير نفسه ايضا. وهنا يكشف المصدر أن المعلومات الأوليّة تشير الى ان "مرجع" الارهابيين الثلاثة هو نفسه وإن كانوا لا يعرفون بعضهم البعض.
وفي هذا الإطار يكشف المصدر أن التعاون بين القوى الأمنية اللبنانية شكّل عاملا مهما لتحقيق الانجازات، ولكن تعاون من نوع آخر ايضا يستدعي التوقف عنده، وهو تعاون الاستخبارات الاميركية مع الأمن اللبناني، حيث تشهد الفترة الراهنة تعاونا استثنائيا أدى لشل حركة الارهاب، مفضلا عدم الدخول في تفاصيل دقيقة لطبيعة التعاون وأسبابه، خصوصا وأن الحرب على الإرهاب مستمرة. ويضيف: "ان الاستخبارات الاميركية، وجهاز أمن حزب الله، واستخبارات الجيش، يشكلون المصدر الأساس للمعلومات في مواجهة الإرهاب".
إن قدرة استخبارات الجيش المتعاظمة في قطاعي الرصد والتعقب، شكلت الى جانب قوة جهاز أمن المقاومة، سلاحًا نوعيا في الحرب على الإرهاب، اذ أن وحدة الأمن الوقائي في حزب الله تعمل بجدية وسرية لضرب الارهابيين أيضا، وهي استطاعت، بحسب المصدر أن تُحبط اكثر من عمل ارهابي في منطقة الضاحية الجنوبية خلال الأشهر القليلة الماضية، دون تحديد ماهيتها. ويضيف المصدر: "من الفترة التي سبقت نهاية العام الماضي بقليل حتى اليوم، تمكنت الوحدة من توقيف عددا لا يستهان به من "المتورطين" الذين كانوا بصدد التحضير لتفجيرات في الضاحية"، مشيرا الى أن بعضهم وهم من السوريين اعترفوا خلال التحقيق معهم أنهم كانوا متخصصين بالرصد والمراقبة فقط، وبأن أوامرهم تأتيهم من لبنانيين يتواجدون في مناطق حدودية مع سوريا.
ويشدد المصدر على أن الاجراءات الامنية الحقيقية المتخذة من قبل وحدة الأمن الوقائي في حزب الله غير مرئية بل هي استخباراتية، وبالتالي فلا صحة لما يقال عن استنفار أمني في شوارع الضاحية، او ما قيل عن انتحاريين دخلوا مدينة النبطية، داعيا لعدم تصديق كل الاخبار التي تتعلق بالموضوع الأمني. ويضيف: "كما في الضاحية كذلك في الجنوب حيث تم خلال الشهرين الماضيين توقيف عدد من "المبايعين" لجماعات ارهابية تعمل في سوريا، ولكن لا صحة للحديث عن انتحاريين "مفترضين" يسرحون في الجنوب.
لا شك اننا نمر بظروف أمنيّة معقدة، فلبنان ليس جزيرة منفصلة عن محيطها المأزوم، ولكن الإيجابي في هذه المرحلة الحرجة هو "التعاون" بين الجميع لمواجهة الخطر، دون الالتفات لمطلقي الشائعات الذين يسعون لنشر الخوف والرعب.