تنطلق يوم الجمعة المقبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الايرانية الـ19، بظل انحسار المنافسة بين الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني، والمحسوب على التيار الاصلاحي، ومتولي الحرم الرضوي السيد ابراهيم رئيسي، والمحسوب على التيار المتشدّد، وذلك بعد انسحاب اسحاق جهانغيري ومحمد باقر قاليباف وبقاء المرشحين الضعيفين حتى الآن وهما مصطفى مير سليم ومصطفى هاشمي طبا. وفي جعبة كل مرشح كثير من الرهانات التي يمكن ان يستخدمها، قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع.
وإن كان رئيسي قد اعتمد الخطاب الديني في توجهه الى قاعدته الشعبية وعلى علاقته الطيبة مع المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، خصوصاً وأن أغلبية خطاباته الانتخابية كانت من داخل المساجد، فإن الاقتصاد هو السلاح الأقوى في الوقت الراهن في ايران، مع معدل بطالة بلغ 12.5% (27% من هذه النسبة في صفوف الشباب)، ونسبة نمو بلغت 6.5% في العام 2016 وخصوصا بسبب استئناف صادرات النفط، وهو في يد روحاني، الذي نجح إلى حد ما في تحسين الوضع الاقتصادي الايراني.
وحسب الإحصاءات الرسمية في إيران، فقد نجح روحاني خلال ولايته الاولى بخفض معدل البطالة بحوالي 40 بالمئة ليصل إلى 9.5 بالمئة وأن يبرم اتفاقا مع القوى الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني ما أتاح رفع قسم من العقوبات الدولية عن البلاد، رغم عدم الوصول إلى الأهداف المرجوة من هذا الاتفاق.
وإذ يشبّه عدد من انصار روحاني، المرشح ابراهيم رئيسي للرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، يراهن المرشح المتشدد، على انضمام أصوات قاليباف له اضافة لأصوات التيارات المحافظة والمتشددة في البلاد.
نجاد جديد!
"إن انتخاب رئيسي سيعيدنا إلى عهد أحمدي نجاد، لأن الوزراء الذين كانوا في حكومته هم اليوم موجودون حول رئيسي، ما يرجح اختيارهم في حكومته اذا صار رئيساً"، يوضح نقيب التجارة والصناعة في طهران مرتضى ميري، عبر "النشرة"، ويلفت إلى أنه "رغم عدم قدرة روحاني على الوصول إلى الانماء الكامل، الا ان وجوده أدّى الى تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، ولو استمرينا بنفس نهج نجاد لآلت بنا الأمور الى ما وصلت إليه في فنزويلا".
ويؤكد ميري أنه "لأي حال تم انتخاب روحاني لمرة ثانية، فإن إيران ستتقدم نحو الإزدهار بخطوات بطيئة"، مشيراً إلى أن "الاتفاق النووي مع الدول الغربية سمح لنا بفتح الأسواق وفتح مجالات الاستيراد والتصدير"، ويضيف "السبب الأول لعدم وصول الاتفاق النووي إلى نتائجه المرجوة اقتصادياً، هو أن البنية التحتية للمصارف الايرانية بحاجة الى وقت لتحسينها، والسبب الثاني هو أن البنوك الاوروبية لا تزال خائفة من التعامل مع البنوك الايرانية وخائفة من لوم أميركا لها".
العلاقة مع "القائد"
الاصطفافات اليوم باتت واضحة، والترجيحات تصب في مصلحة انتهاء الانتخابات من دورتها الأولى. وفي ظل هذا الظرف، ارتفعت حدة الانتقادات والاتهامات المتبادلة بين التيارين الاصلاحي والمتشدد. وخلال احتفال شعبي كبير نظمه رئيسي في مصلى طهران (وهو المكان الذي يؤدي فيه المرشد الأعلى السيد علي خامنئي صلاة العيد)، يظهر جلياً حجم الهوة بين الفريقين. ويؤكد أحد المواطنين الداعمين لحملة رئيسي أن "لا مكان في إيران بعد الآن للمنافقين، والمتزلفين للغرب"، مشدداً على "اننا سندافع عن الولاية حتى آخر قطرة دم". اضافة لهتافات علت داخل الاحتفال وتقول "في نهاية الأسبوع، روحاني سيذهب"، مع توزيع شعارات لحملة "إذهب"، والتي تدعو الرئيس الحالي حسن روحاني لترك رئاسة الجمهورية.
وفي الجهة المقابلة، يؤكد بعض مؤيّدي روحاني، والذين يأخذون من اللون البنفسجي لوناً لحملتهم، أن "الانغلاق على الذات سيؤدي إلى دمار إيران"، ومشيرين إلى أنه "رغم عدم تلبية روحاني لكل طموحاتنا، الا انه أفضل خيار موجود حالياً بالنسبة الينا".
56 مليون إيراني سيتوجهون إذا يوم الجمعة المقبل إلى صناديق الاقتراع. ورغم اشتداد المعركة الانتخابية، الا ان العرس الانتخابي الايراني يظهر جلياً عبر الاجواء الديمقراطية المنتشرة في شوارع طهران من لافتات وشعارات ومكاتب انتخابية لجميع المرشحين.
تغطية الانتخابات الايرانية خاصة لـ"النشرة" من طهران