«فارس صديق لا يفرقنا عنه سوى الموت» عبارة وردت في الإعلام نقلا عن الدكتور سمير جعجع وصلت الى جرود قرطبا حيث تحلو المشاوير للدكتور فارس سعيد مع القدامى يقضي فيه الوقت المستقطع بين شوطين بعد معاركه اليائسة في الأمانة العامة القوى 14 اذار ونتائجها «الفالصو» وتحضيراته للمعركة الانتخابية بحلتها الجديدة.
كلام جعجع الذي وصل متأخراً الى مسامع سعيد الذي رد: «اسمع كلامك يفرحني اراقب افعالك تحيرني»، فالدكتور فارس سعيد لا يزال يفرك عينيه مدهوشا من الكلام الملتبس الذي أطلقه جعجع: «فارس صديق بالشخصي لكن بالسياسة يستحيل الآن التعاون معه هذه المعادلة العويصة التي وضعتها معراب لم يفهم منها سعيد سوى الحرص الشديد من جعجع على بعبدا الذي «حضر الى القصر منذ البارحة عصرا» فإذا به ملكيا يحافظ على رئيس الجمهورية اكثر من الوزير باسيل، هذا الكلام اطلقه اصدقاء سعيد الذين يتناوبون على مرافقته فجرا الى الجرود في قرطبا، ومن هناك يعاينون معه الاراضي «المشاع» المترامية الاطراف التي باتت عرضة للاستيلاء من الغير، بحسب الاصدقاء، وتهدّد المنطقة المارونية بتغيير ديموغرافي خطر، فيما وزارة المالية تتغاضى او «تقب الباط» لهذه الارتكابات ويأسف الرفاق الى ما آلت اليه أحوال القادة المسيحيين الذين يلهثون وراء مقعد نيابي من هنا وحقيبة وزارية من هناك فيما الارض كلها تميد من تحت أقدام المسيحيين.
ومنعاً لأي إحراج، يقول الفرقاء المقربون من سعيد، سنريح جعجع ونتركه يؤلف لوائحه كما يشاء وليتحالف مع من يريد ونحن بدورنا سنخوض الانتخابات وفق الشعارات التي أطلقت عشية ثورة الارز، فلا تسوية حول السيادة ولا نقاش ولا تعايش بين سلطتين : الدولة والميليشيات ولن ندفن رؤوسنا في الرمال على قاعدة وزراؤنا منفتحون انمائيا على وزراء حزب الله لكننا مختلفون استراتيجيا في القضايا الاخرى، هذه المعايير المزدوجة ادت بالفريق المسيحي داخل السلطة الى التنازل اولا ومن ثم الى الانهيار وابعدتهم عن طاولة القرار واكتفوا مطمئنين الى بعض العبارات: الدولة القوية. الرئيس القوي، المناصفة «المخادعة». حكومة الوحدة الوطنية الى سائر «الكليشهات» الكاذبة ولن يصدق من هم داخل السلطة ان الميثاق الوطني هو في خطر، وان الخلل واضح في مكامن القوة التي يمتلكها فريق واحد داخل الطوائف الاخرى والرئيس سعد الحريري يشبه كثيرا الحالة المسيحية لكن الفارق ان الاخير يستند إلى محور اقليمي يعينه في ساعات الازمة يبدأ بالسعودية ودول الخليج مرورا بجمهورية مصر العربية وصولا إلى تركيا، فيما المسيحيون عزل من أي سند خارجي بعدما تخلت الام الحنون عنهم وانصرفت الى حيث آبار النفط والغاز ومثلها فعل الغرب الأوروبي وأميركا...
وبالعودة إلى الانتخابات النيابة يؤكد رفاق سعيد ان المعركة المنتظرة ستكون خلافا لسابقاتها اذ ان النسبية والصوت التفضيلي سيعطيان للمعركة نكهة مختلفة عن معارك «البوسطات» والمحادل وسيبعدان عن القوى الوازنة انتخابيا الشروط المسكوبية التي كانت تضعها القيادات المسيحية، ففي دورات سابقة طلب من فريد هيكل الخازن الانضمام إلى تكتل التغيير والاصلاح اذا رغب في الانضمام إلى لائحة الجنرال عون في كسروان، كما ان معراب انهكت اللائحة التي تضم منصور البون والخازن بفرض الشروط التي كانت توضع يوميا. تارة بأن تؤخذ الصورة التذكارية في معراب وطورا بأن يتوسط صورة المرشحين جعجع شخصيا رغم معرفته بان هذا الأمر يعرقل التسويق الناجح للائحة، كما ان معاناة البون لم تتوقف على هذه الشكليات بل تعداها الى الوسيلة الفضلى لخوض الانتخابات بنجاح، فرغم اعتراف الجميع بأن الخصم هو العماد ميشال عون وان محاربته تقتضي نزول شخصيات الصف الاول في مواجهته فبدلا من مشاركة الرئيس الجميل والدكتور جعجع شخصيا في لائحة مشتركة، جاؤوا بكارلوس اده ليشاركنا المعركة ضد التسونامي. فلو أقدم الجميل وجعجع وشاركا لكانت الارقام مختلفة خصوصا انها رسميا متقاربة من دونهما، والكل كان نادما على إحجام الجميل وجعجع عن خوض المعركة خصوصا انه في منتصف الليل كانت النتائج ترد كارثيا على لائحة العماد عون ولولا عناية صناديق كفرذبيان لكانت المفاجأة حصلت وخسرت لائحة التغيير والإصلاح بالكامل.
وبحسرة كبيرة تسأل رفقة مشوار الجرد عن الوفاء السياسي الذي كان على خير ما يرام حين استعانوا بسعيد في حربهم ضد العماد عون وهم ذاتهم تخلوا عنه حين أصبحوا داخل القصر الجمهوري المزدحم بالوزراء وباوراق النيات، لكن رغم تمنياتنا فان الوفاق عادة لا يدوم والتجارب لا تزال حية بأوجاعها في ذاكرتنا من «الإلغاء» الى «الجنرال بيمون» وتؤكد رفقة المشوار بان سعيد تحرر من الالتزام الذي اظهره في توقيعه على طلب العفو عن الدكتور سمير جعجع وفي الزيارات الدائمة لبيت الحكيم في يسوع الملك وصولا إلى لقب القواتي الذي لازمه طوال المرحلة السابقة. وهو اليوم يعيش مرحلة التحرر تماما كما يعيشها النائب بطرس حرب خصوصا ان البدائل موجودة وهي وازنة في العملية الإنتخابية. لكن ينتهي رفاق الدكتور سعيد الى خلاصة اكيدة بأن سعد الحريري بدأ سلسلة خسائره يوم تخلى عن 14 آذار، واليوم نخشى على الثنائي المسيحي من هزيمة كبيرة لأنه تخلى عن المبادىء التي رفعها وحملها الأجداد فهل من يتعظ ويوقف مسلسل الهزائم عند المسيحيين؟