بعد إطلاق الوزير السابق اللواء أشرف ريفي لائحته تحت عنوان "لبنان السيادة" في طرابلس، وما رافق مهرجان الإعلان من تحرك شعبي واسع، بات من الممكن القول أن ما بعد الإعلان، غير ما قبله، خصوصا إذا ما أضيف إلى التحرك الطرابلسي المؤيد لريفي التحرك الذي جرى في عكار السبت الفائت، والحشد اللافت الذي شارك في مهرجان إعلان لائحته العكارية.
يعيد مشهد الحشود، والفعاليات المواكبة للمهرجان إلى الأذهان "تسونامي" ريفي البلدي، حيث اكتسح غالبية مقاعد مجلس بلدية طرابلس، وتفاجأ هو شخصيا بالنتيجة يومئذ مثلما تفاجأ مناصروه، أولا، وخصومه، ثانيا.
تساؤلات عديدة تطرح على الزخم المتجدد في المعركة الانتخابية النيابية، كاستمرار وتواصل مع النتيجة البلدية. ولم يحن الوقت امام مراكز الدراسات والأبحاث لإجراء المقتضى ومعرفة ما الذي يختلج به المجتمع في توجهه العاطفي نحو ريفي، ولا ما وراء "الأكمة" من خبايا، لا يعرفها الجمهور، ولا العامة، وربما لا تعرفها القوى السياسية، فأعطت زخما ودفعا للناس للالتحاق بريفي كأنهم يعبرون عن حاجتهم لقيادة جديدة، بعد أن أستنفدت القيادات السابقة قواها، واستنزفتها التطورات المتلاحقة في العقد الأخير، مع ما أثمر من انهيارات في بنى الدولة، فتهمشت، وغاب دورها، وما ترافق من انهيار اقتصادي، وبيئي، وبطالة، وفوضى، وفقر وعوز.
منذ الظهيرة، بدأت المواكب تتوافد إلى محيط معرض طرابلس الدولي- معرض رشيد كرامي، متجهة إلى فندق "كواليتي إن" حيث أقيم المهرجان في باحة الفندق، مكتظا بالناس بالآلاف، بطريقة دفعت ريفي لتشبيه الحشد بحشود ساحة الشهداء في الرابع عشر من آذار ٢٠٠٥.
حيا ريفي الرئيس الراحل رفيق الحريري، ونوه في خلال كلمته بالرئيس نبيه بري الذي لم يترك فرصة إلا وتواصل فيها مع مختلف الأطراف، ومع الأشقاء العرب.
وفي كلمته، شن ريفي في كلمته هجوما بكافة الاتجاهات، نحو الحكومة، وفسادها، وكيف يترشح وزراؤها إلى الانتخابات، مما يؤشر إلى فساد العملية الانتخابية سلفا، رئيسها، وزير داخليته، وزير خاجيته، وثمانية وزراء مرشحون، لم يبعثوا على التفاؤل بنزاهة الانتخابات بنظر ريفي.
نهار شبه كامل بالصخب والضجيج والمفرقعات والطبول والزمامير والأهازيج ملأت أجواء المدينة، واتجهت ارتال السيارات نحو موقع المهرجان، فملأت الطرقات بالسيارات، وسدت الشوارع بها في منظر شعبي غاب مؤخرا، وايقظه ريفي متحديا الآخرين، وفارضا واقعا جديدا يرتب على مراكز الأبحاث، والاحصاء إعادة النظر في حساباتها، قبل فوات الأوان، ووقوع مفاجآت جديدة على غرار مفاجأة الاتنخابات البلدية.
ولو نظرنا فيما يتردد في أروقة مراكز الأبحاث والدراسات، وتقديرات المعنيين بالشأن الانتخابي، بناء على استطلاعات حديثة، ونتائج سابقة، يمكن قراءة المشهد الطرابلسي حاليا بطريقة تعيد ريفي إلى الواجهة، وتهدد تزعم تيار المستقبل لتمثيل الطائفة السنية في لبنان.
ففي قراءة مستجدة للواقع الانتخابي، وقوة كل اسم ومرشح وطرف، يمكن القول أن تحسنا ملحوظا طرأ على لائحة اللواء أشرف ريفي التي باتت من اللوائح المنافسة، ويعود ذلك إلى اختيار الاسماء بشكل مدروس، ومتناسب مع طبيعة المعركة الانتخابية حيث تم اختيار مرشحين يتمتعون بحيثية ممتازة مقارنة مع بقية الاسماء الواردة في بقية اللوائح، والتي تنتمي غالبيتها إلى نفس البيئة، وبالتالي هم غير قادرين على اضافة اصوات لأنفسهم.
ولو أخذنا لائحة العزم، للمسنا "ضعفا ما" على مستوى الاسماء، باستثناء كاظم الخير، ومحمد الجسر، وجان عبيد. انما بقية الاسماء فستقع على عاتق تيار العزم، وبشكل خاص على حساب الرئيس نجيب ميقاتي، حيث لا يتعدى رصيد كل من:
رشيد المقدم 300 صوت
ميرفت الهوز 400 صوت
توفيق سلطان 300 صوت
نقولا نحاس 300 صوت
علي درويش 300 صوت
محمد الفاضل 1000 صوت
جهاد اليوسف 800 صوت
لذلك لن يقدم المرشحون الثانويون في لائحة ميقاتي اية اضافة للائحة العزم، لا بل قد يشكلون عبئا عليها.
على صعيد تيار المستقبل، فهو يعاني من حالة شبيهة بحالة ميقاتي بحيث يعتمد على محمد كبارة، وسمير الجسر، وقاسم عبد العزيز، وسامي فتفت. اما بقية اعضاء اللائحة فهم على الشكل التالي:
وليد صوالحي 500 صوت
ديما جمالي 200 صوت
ليلى تيشوري 200 صوت
شادي نشابه 1000 صوت
جورج بكاسيني 300 صوت
نعمة محفوظ 200 صوت
عثمان علم الدين 3000 صوت
من هنا، سيكون تيار المستقبل امام امتحان عسير في مواجهة غير متوقعة على مستويين، الأول، الحضور الشعبي الثابت للرئيس نجيب ميقاتي، وتعاطف المجتمع الطرابلسي معه بطريقة يطغى فيها على طرابلس مناخ عام ميقاتي، والثاني، دخول لائحة اللواء أشرف ريفي على الخط بقوة، معززة باسماء قادرة على رفع سقف الحاصل الانتخابي، فاللواء ريفي يمكن ان ينطلق بحوالي عشرة الاف صوت،تضاف إليها حصة وليد قمر الدين الذى يملك حوالي 4000 الاف صوت، أما بقية اعضاء اللائحة فتتوزع على الشكل التالي:
خالد تدمري 2000 صوت
علي الايوبي 1200 صوت
محمد سلهب 1200 صوت
بدر عيد 1000 صوت
الزعني 700 صوت
جورج الجلاد 1000 صوت
وليد المصري 900 صوت
راغب رعد 1500 صوت من سير الضنية
امون 1000 صوت من جرد الضنية
من هنا اهمية التنوع في لائحة اللواء ريفي مترافقة بالقدرة على عملية الاستقطاب.
ومع خسارة الخزان البشري لتيار المستقبل على المستوى السني في كل من القلمون، والضنية، والمنية بسبب خوض الجماعة الاسلامية هذه المعركة في محاولة شديدة لاثبات وجودها بوجه تيار المستقبل، خاصة في المناطق الاساسية مثل سير الضنية الموزعة بين اربعة مرشحين هم: سامي فتفت، وجهاد الصمد، ومحمد الفاضل، وراغب رعد، كما حال منطقة السفيرة معقل "الجماعة الاسلامية"، بالإضافة للمنيه التي بدأت اكثر تمردا، من جهة، وأكثر تشرذما لعائلاتها، من جهة أخرى، حيث ينزل عادل زريقة مع فيصل كرامي، وكاظم الخير مع نجيب ميقاتي، وعثمان علم الدين مع المستقبل، ووليد المصري مع اشرف ريفي، وهؤلاء يشكلون العائلات الاكبر في المنية.
ولا بد من الإشارة إلى أن تطورا مهما يتعلق بلائحة فيصل كرامي، حيث نجحت المساعي لتجميع جزء كبير من "البلوك" العلوي، وهذ يعطي اضافة كبيرة في تحسين الحاصل الانتخابي قد يصل الى حوالي ال 5000 الاف صوت، اضافة الى القوة التجييرية التي يتمتع بها كرامي والتي قد تصل الى حوالي 7 الاف صوت، كما حال جهاد الصمد الذي يملك حوالي 8 الاف صوت، مما رفع قدرة لائحة "الكرامة" التنافسية بقوة، خاصة اذا انخفضت نسبة التصويت، ولم تتجاوز الـ40 بالمئة مما يعطي فرصا اخرى للوائح الصغيرة مثل لائحة مصباح الاحدب مع الجماعة الاسلامية لرفع حصيلتها الانتخابية، وكذلك حزب 7 الذي يحظى بحضور لافت في اوساط الشباب والنخب .
من هنا، وبعد المفاجأة التي أحدثها مهرجان ريفي، ليس من الغريب أن تشهد هذا الدائرة انقلابا حقيقيا في المعادلة الانتخابية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه تفصلنا عن موعد الاقتراع مدة زمنية كافية يمكن أن تطرأ خلالها الكثير من المستجدات غير المرتقبة، مما يجعل من المبكر الحديث عن حسم الموقف نهائيا.