لفت رئيس جمعية المبرّات الخيرية السيد علي فضل الله خلال حفل تخريج طلاب جامعة العلوم والآداب اللبنانية USAL إلى "إنَّنا في جمعيَّةِ المبراتِ الخيريَّةِ، نشعرُ باعتزازٍ كبيرٍ مع هذهِ الكوكبةِ الأولى منَ الخريجينَ منْ جامعتِكم الكريمةِ؛ جامعةِ العلومِ والآدابِ اللبنانيةِ، والتي نريدُ لها أن تكونَ على مثالِ مؤسَّساتِ هذه الجمعيةِ الممتدةِ في ربوعِ الوطن، والَّتي شكَّلَت نموذجاً تربوياً وعلمياً وأخلاقياً وإنسانياً متميزاً في هذا البلد".
توجه إلى الخريجين، مطالبا إياهم بـ"العمل وفق خلاصتين الخلاصةُ الأولى أنْ لا نتعاملَ مع أيِّ نظريةٍ في أيِّ ميدانٍ في العلومِ الإنسانيةِ، وحتى في العلومِ البحتةِ، على أنَّها الحقيقةُ التامَّةُ، بلْ لا بدَّ لنا من التسلّحِ بالعقلِ النقديِ في التعاملِ مع كلِّ النظرياتِ المطروحةِ. أما الخلاصةُ الثانيةُ، فهي أنْ نكتشفَ في هذهِ النظرياتِ الجانبَ العلميَ الإنساني، لنعملَ على الاستنادِ إليه وتطويرِه وفقَ ظروفِ مجتمعاتِنا، وبما ينسجمُ مع قيمِنا ومبادئِنا، وهنا تأتي أهميةُ الثقةِ بالذاتِ كعنصرٍ ضروريٍ لمعالجةِ الكثيرِ منْ مشكلاتِنا".
وقال: "في وطنِنا، وفي غيرِ وطنِنا، تُرتكبُ الكثيرُ منَ الجرائمِ والسرقاتِ باسمِ العلمِ، فكم منْ دراسةٍ قدمَت لمشاريعَ كبرى أُشيعَ بأنها علميةٌ، ولكنها كانت تمررُ منْ هذا الفريقِ السياسيِ أو ذاك، ويتمُ إسنادُها إلى إحصاءاتٍ وأرقامٍ، وهيَ في حقيقةِ الأمرِ مزيفةٌ ومغشوشةٌ، وجلُ منافعِها تعودُ إلى أصحابِ المصالحِ السياسيةِ، ومنَ المؤلمِ أنه باتَ لكلِّ فريقٍ سياسيٍ خبراؤه العلميون والفنيون، حتى صارَت الأرقامُ وجهةَ نظرٍ، ولم يعدِ الشعبُ قادراً على رؤيةِ الواقعِ على صورتِه الحقيقيةِ، فزادوا الناسَ حيرةً وضياعاً، ولم يعد أحدٌ يستطيعُ أن يحاسبَ أحداً.. وتمَ حرمانُهم منْ حقٍّ أساسٍ لهم في معرفةِ الحقيقةِ ومحاسبةِ المسؤولين".
وتابع: "أيها الأحبة، عندما تعيشونَ الانفتاحَ والحبَ لله، فلنْ تستطيعَ رياحُ العصبيةِ أنْ تهزَكم، طائفيةً كانت أم مذهبيةً، في بلدٍ تُفترسُ فيه لقمةُ عيشِ الناسِ، وتنتهكُ كرامتُهم باسمِ الدينِ والطائفةِ أو المذهبِ.. فاحذروا أنْ تلوّثوا عقولَكم المشرقةَ الطاهرةَ بمثلِ هذهِ العصبياتِ التي ما صُنعَت إلا لتحقيقِ مآربَ فئويةٍ ولتكونَ ذريعةً لارتكابِ الموبقاتِ، الموبقاتِ في السياسةِ والاقتصادِ والاجتماعِ، ولوْ كانَ ذلكَ على حسابِ تعطيلِ الدولةِ وبناءِ الوطنِ وتدميرِ القيمِ".
وختم: "نحنُ نودّعُكم اليوم، ندعو اللهَ سبحانه وتعالى إلى أنْ يوفّقَكم في الدخولِ إلى سوقِ العملِ، رغمَ صعوبةِ الأوضاعِ في البلادِ، حيثُ لا دولةَ تخطّطُ لمستقبلِ الخريجين، ولا استثمارَ لهذه الطاقاتِ العلميةِ في النهوضِ بالوطن، فالدولةُ ينهشُها صراعُ المواقعِ والمحسوبياتِ والمحاصصاتِ، ونقولُ لكم: لا تدخلوا اليأسَ إلى عقولِكم وقلوبِكم، استثمروا أيَّ فرصةٍ للعمل، ولو كانَت لا تلبي طموحاتِكم، ابدأوا ولو بمشاريعَ صغيرةٍ، استثمروا أوقاتَكم في تطويرِ معارفِكم، واعملوا على تنميةِ خبراتِكم ورفعِ مستوى ثقافتِكم".