رحب رئيس بلدية رأس بعلبك، العميد دريد رحال، بـ"السيد علي فضل الله والوفد المرافق له"، معتبراً "أنها مناسبة غالية أن يقوم سماحته بزيارة هذه البلدة الصامدة التي عانت أياماً صعبة جراء تواجد مسلّحي التنظيمات الإرهابية في أعالي جرودها، إضافةً إلى الأضرار التي لحقت بها بفعل السيول الجارفة التي اجتاحتها، مؤكّداً أنَّها ستبقى ملتقى للأديان وستظلّ منفتحة على محيطها".
ثم تحدَّث راعي أبرشية رأس بعلبك، الأب إبراهيم نعمو، مؤكّداً أن "هذه البلدة عاشت في صلب ومضمون تعاليم فضل الله، الذي نادى بالعيش المشترك والتسامح والانفتاح وقبول الآخر كما هو".
من جهته، عبر فضل الله عن "سعادته بهذا اللقاء المتنوّع وهذا التكريم الذي يجمعه مع الأعزاء من أهل هذه البلدة الكريمة، التي حرصت على أن تعيش بصدق القيم التي تحملها؛ قيم المحبة والانفتاح والتواصل والتلاقي مع محيطها".
واكد انه "لا يمكن للإنسان الَّذي يعيش قيم الدين وروحيته أن يحمل في قلبه حقداً أو ضغينة على من يختلف معهم في الدين أو المذهب أو السياسية"، مشيراً إلى "أننا نريد لهذا الوطن أن يكون عنواناً من عناوين القيم التي حملها الأنبياء والرسل الذين ننتمي إليهم".
ولفت إلى "اننا لا نريد للبنان أن يكون وطن الرسالة، وأن يقدّم نموذجاً بأن الأديان عندما تتحرك، فهي قادرة أن تتعايش وتتواصل مع بعضها البعض"، مشدداً على أن "مسؤوليتنا جميعاً أن نعزز هذا التعاون، وأن نتجاوز كلّ الحسابات الخاصَّة لمصلحة لحساب العام".
وقال: "من هذا المنطلق، رفضنا الطائفية التي هي تجمّع عشائريّ لا يحمل غالباً القيم، آملين أن نصل إلى مرحلة في هذا البلد نرى المسلمين فيه يطالبون بحقوق المسيحيين ومطالبهم، ونرى المسيحيين يطالبون بحقوق المسلمين ومطالبهم. عندها، نستطيع أن نبني وطناً؛ وطن المساواة والعدلة"، مؤكداّ "وقوفه إلى جانب بلدة رأس بعلبك في الأفراح والأحزان"، معبراً عن "حزنه وأسفه لما تعرضت له البلدة من سيول جارفة أدت إلى خسائر بشرية ومادية"، مطالباً الدولة بـ"العناية والاهتمام بمطالب هذه المنطقة، والعمل على إزالة الغبن والحرمان الَّذي تعانيه".
ودعا الدولة إلى "أن تكافئ هذه المنطقة التي ما بخلت يوماً على الوطن، وقدَّمت التضحيات من أجله، ودفعت الكثير في مواجهة العدو الصهيوني والتكفيري"، كما دعا إلى "الإسراع بتشكيل حكومة جامعة نستطيع من خلاها مواجهة كل التحديات، كما دعا الجميع إلى أن يخرجوا من أطرهم الخاصَّة إلى الإطار العام، وأن يشعروا بأن لبنان لا يمكن أن يحكم إلا بالتوافق، لا بغلبة طائفة على طائفة أو موقع سياسي على موقع".
ثم زار بلدة القاع، وكان في استقباله الأب إيليان نصر وحشد من الأهالي، وتفقَّد كنيسة البلدة والمركز الصحّي فيها، ثم عقد اجتماعاً موسّعاً حضره المطران إلياس رحال، ورئيس بلدية القاع بشير مطر، ورئيس الكليَّة الشرقيَّة في زحلة الأب سابا سعد، وعدد من الفاعليات.
وبعد كلمة ترحيبيَّة من الأب إيليان نصرالله، تحدَّث المطران رحال قائلاً: "قلوبنا وأيدينا مفتوحة للجميع، وخصوصاً السيد فضل الله، الذي نحبّه على محبّة والده الَّذي كانت تربطنا به علاقة، آملين أن يستمرّ هذا التواصل والتلاقي، ولا سيَّما في هذه المنطقة التي اختلط فيها دم الجميع دفاعاً عنها في وجه ما تعرَّضت له من هجمات وتفجيرات".
ثم تكلَّم فضل الله، شاكراً "لهم هذا الاستقبال وهذه الكلمات الَّتي تؤكّد الحرص على بناء منطقة نموذجية في هذا الوطن، تمثّل عنواناً للانفتاح والتواصل مع محيطها، داعياً إلى "تعزيز هذا التواصل الذي نريده أن يكون صورة لبنان الذي نؤمن ونحلم به".
ورأى أنَّ "ما تعرَّضت له بلدة القاع من هجمات، كانت تهدف إلى إيجاد شرخ بينها وبين جيرانها، عبر الإساءة إلى هذه العلاقة، من خلال التفجيرات الَّتي ضربتها وأدَّت إلى سقوط العديد من الضحايا".
واعتبر أنَّ "المنطق التكفيري والإلغائي هو حالة طارئة، وجذوره ليست عميقة، وهو يستهدف المسلمين قبل الآخرين، مشيراً إلى أننا كنا معاً، وعشنا سوياً، وسنبقى كذلك في المستقبل".