يضعنا الإنجيل أمام جماعتين، سماوية وأرضية، تتكوّنان من تتألّف شخصيّات لَعِبت دوراً أساسيّاً في حدث التجسّد: مريم، يوسف، الملائكة، الرعاة، المجوس، هيرودوس...، وهؤلاء كلّهم شاهدوا ميلاد الربّ وعبّروا عن فرحهم بهذا الحدث العجيب، إلاّ أن منهم مَن أمرَ بقتل الصبّي!.
سيكون موضوع تأملنا في تساعية الميلاد الحاضرة، بدورِ كلٍّ من هذه الشخصيّات المذكورة في حدث ميلاد الربّ، متوّقفين مذهولين معها بهذا الحدث العجيب الذي ملىء الزّمان والمكان، وفتح أبواب السماء على أمام الطفل الإلهي لينزل إلى عالمنا وينقٌلنا من الظلمة إلى النّور.
نُعيِّدُ بعضنا البعض قائلين...
مقدّمة
من زمانٍ قريبٍ، قيلَ لنا أن نُعيّد بعضُنا بعضاً في عيد الميلاد، باستعمال عبارة: "وُلِدَ المسيح"، والإجابة عليها تكون من المُتَلَقّي" هللويا".
جميلةٌ هي هذه المُعايدة الميلادية، ولكنّنها لا تحُلّ محلَّ العبارات التي درَجَ آباؤنا وأجدادنا على استعمالِها منذ القديم، والتي هي بدورها غنيّة ومُرتبطةٌ بمعنى الميلاد الأصيل.
1- مخطوط بكركي 66
في مخطوط بكركي 66، الذي يَضمّ، صلوات أسبوع الميلاد الماروني، نقع على العديد من الصّلوات التي تُلازم عيد الميلاد، والتي صلتها الكنيسة المارونيّة عبر الأجيال.
فعيد الميلاد أوّلاً هو "عيدُ الأعياد"، لأنَّ كلّ الأعياد أخذت منه واغتنت؛ فلو لَم يُولَد المسيح في العالم، لَما كُنّا على ما نحنُ عليه اليوم (صلاة صباح الإثنين، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
وهو عيدٌ "مقدّس"، لأنّه احتفالٌ بمولِدِ القُدّوس الذي حلَّ في العالَم وأتى بالسلام والرّجاء الصّألِح للبشريّ وقدّسنا (صلاة صباح الثلاثاء، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
وهو عيدٌ "عظيم"، لأنّه عيد ميلاد المُخلّص (صلاة صباح الخميس، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
وهو عيدٌ "سَعيد"، لأنّه سَببَ فَرِحٍ للبشرية كلّها على ما قاله الملاك للرُّعاة في بيت لحم (لو2: 10). وعربون اليوم السّعيد الذي ينتظرنا في المجد السّماوي (صلاة صباح الثلاثاء، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
وهو عيدٌ "مجيد"، لأنّه عيدٌ مُحَوِّلٌ إلى الخير (صلاة الخميس من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
وهو عيدٌ "مُذهِل"، مُحيّرٍ للعقول، أمام حقيقةِ الله الذي صار إنساناً من إنسان ومن زرعٍ إلهي، وَوُلِدَ كما يُولَدُ الإنسان، وعاش كما يعيش الإنسان، ومات كما يموت الإنسان (صلاة صباح الأحد، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).
2- نُعيّد
فلا نَخَف من أن نُعيِّد بعضُنا بعضاً بكلِّ هذه التعابير التي استعملها آباؤنا وأجدادنا في صلواتهم، فنقول لبعضنا البعض: "ميلاد مَجيد"، و"ميلاد سعيد"، و"ميلاد عظيم"، و"ميلاد مُقدّس مليء بالنِّعَم"، مُكرّمين هذا العيد، متأمّلين بما يَحويه من قداسةٍ ونِعَمٍ ومجدٍ وعَظَمَةٍ وسعادة، متوّقفين مدهوشين كالملائكة، ومريم ويوسف، وكالرّعاة والمَجوس، أمام سرّ الله الذي صار إنساناً، لنصيرَ نحنُ بدورنا أبناء الله.
3- نستقبل الله في قلوبنا
أيّها الأحبّاء، سواء استعملنا هذه العبارة أو تلك في معايداتنا لبعضنا البعض، المهمّ أن يصير الله حقيقةً حاضِرَة في قلوبنا، حيّةً على الدّوام، وفاعِلةً فينا ومُثمِرَةً ثمار المحبّة التي منها كلّ قداسة، والعدالة والحريّة والحقيقة، التي هي في أساس السلام مع الله ومع الخليقة.
صلاة
"هَلُمّوا نَفرَحُ في يَومِ الأفراحِ هذا، فَفيه تَفرَحُ السّماوات والأرضُ وكُلُّ البَرايا. فلنَهتِف وَنَقُل. كم قالَ اليَقِظُ: ألمَجدُ لله في العُلى والسّلامُ على الأرضِ، والرّجاءُ الصّالِحُ والفَرَحُ لِبَني البَشَرِ، لأنَّ الربَّ المَسيحَ وَلِدَ في مغارةِ بيَت لحم. آمين" (فرض صباح العيد، من أسبوع الميلاد الماروني، مخطوط بكركي 66).