صحيفة يديعوت أحرونوت تحدثت في مقال لها في 25-12-2018، ذي دلالة، عن الخطر الإستراتيجي الذي يهدد الكيان الإسرائيلي، حيث قالت:«الخطر الإستراتيجي الأكثر إثارة للقلق هو تدني روح القتال والتطوّع في الجيش الإسرائيلي»، وأضافت: «في هذه الجبهة يترك رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت لخلفه تركة إشكالية، حتى لو لم تقع مسؤوليتها كلها على عاتقه، وهي انخفاض الرغبة في الانضمام لألوية قتالية في الجيش في أوساط الشباب، والانخفاض الحاد في الرغبة لدى المجندين في الانضمام للجيش الثابت الذين يمارسون الجندية كمهنة وحيدة لهم»..
إن الكيان الإسرائيلي ورغم التفوّق التسليحي والتكنولوجي، إلا أنّ جيشه بات يفتقر للروح القتالية التي تعدّ أحد أبرز الثغرات لديه.. وهو ما لفت إليه تقييم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام 2018 الذي أشار إلى تآكل الروح القتالية لدى الجنود الصهاينة، الأمر الذي أثار حالة من القلق لدى قيادة الجيش التي لجأت إلى قرارات جديدة لتدبر النقص في الوحدات القتالية في ظل رغبة المجندين بالالتحاق بالوحدات التقنية والاستخباراتية بدلاً من الوحدات القتالية.
أوعزت قيادة الجيش السبب في تراجع الرغبة في الانضمام للوحدات القتالية إلى «طبيعة المجتمع الإسرائيلي التي تشكّلت في الأعوام الأخيرة، والتي تميل إلى التخطيط للتطلع إلى ما بعد الخدمة في الجيش، وكيف يمكن لفترة الخدمة في الجيش أن تشكل بالنسبة لهم رافعة نحو المجتمع والحياة الحقيقية، بحيث يكونوا قادرين فيها على التقدم بالسلم الاجتماعي الاقتصادي»، إلا أن الكاتب في صحيفة «معاريف» ران أدلست تحدّث عن أسباب أخرى تتعلّق بعدم رغبة هؤلاء الجنود في اتساخ أيديهم وأرواحهم.. والحال هذه فإن دوائر القرار الأمني والعسكري في الكيان الإسرائيلي ترى أن هذا الواقع يثير القلق ويشكل تهديداً مستقبلياً في ظل تنامي قوة قوى المقاومة وقدراتها الردعية وتآكل القدرات الردعية للجيش الإسرائيلي، وانتفاء الحوافز لدى الضباط والجنود الإسرائيليين على خوض الحرب التي لم تعد نزهة وباتت خطراً على حياتهم.. وهذا يكشف حقيقة أن هؤلاء الضباط والجنود الصهاينة ليس لديهم الاستعداد للتضحية بأنفسهم لأنهم لا يملكون القضية العادلة والإيمان بما يقدمون عليه، على عكس المقاومين في لبنان وفلسطين الذين يقبلون على القتال بروح الاستعداد للشهادة.
وفي هذه المعادلة ينتصر من يملك الإيمان والشجاعة والإقدام والجاهزية لخوض القتال، ويهزم من يفتقد لمثل هذه الصفات.. وهذا يؤكد أن جيش الاحتلال ليس جيشاً مقاتلاً وإنما هو جيش كان يعتمد في حروبه السابقة، التي كان ينتصر ويتقدم فيها، على التكنولوجيا العسكرية والاحتماء بدبابة الميركافا المحصنة وغيرها من وسائل القتال الحديثة إلى جانب دعم الطيران الحربي المتطور، وفي ظل غياب مقاومة تملك الجاهزية والقدرة على خوض القتال في مواجهته.. غير أن هذا الواقع قد تبدل جذرياً وأصبح هذا الجيش المحتل في مواجهة مقاومة من طراز جديد قادرة على إتقان فنون القتال وخوض المواجهة المباشرة معه، وامتلاك السلاح القادر على تدمير دبابات الميركافا، إلى جانب قدرات صاروخية رادعة لعدوانه.. كل ذلك يؤكد أن جيش الاحتلال لم يعد يملك قدرة الردع من ناحية، وبات قوة مهزومة لا يملك الإيمان ولا القدرة على تحقيق النصر، ولا الاستعداد لخوض القتال الحقيقي في الميدان في مواجهة مقاومين يتقنون فنون القتال والاستعداد للشهادة من ناحية ثانية... والحال هذه من الطبيعي أن يدخل الكيان الإسرائيلي مرحلة الاضطراب والتخبط والقلق على مستقبله ووجوده.