أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى أنه "منذ اقتلاع نظام عمر حسن البشير، الذي رمى بثقله على الشعب السوداني طيلة ثلاثين عاماً، يوم 11 نيسان الماضي، والحوار بين المجلس العسكري الانتقالي و"قوى الحرية والتغيير"، التي قادت الحراك الشعبي منذ كانون الأول الماضي ضد النظام، يشهد حالة من المد والجزر، وكأن العلاقة بينهما محكومة بالشكوك، وعدم الثقة، ما يوفر للقوى المعادية، وخصوصاً، فلول النظام السابق، المتغلغلة في مختلف أركان الدولة، الفرصة؛ لتخريب المنجز التاريخي، الذي تحقق قبل أكثر من شهر".
واضافت: "إذا كان الجانبان يدركان ذلك، كما يعلنان في مواقفهما من الأحداث الدامية، التي وقعت، مؤخراً، في الخرطوم وغيرها؛ حيث سقط شهداء وجرحى في عمليات إطلاق نار على المتظاهرين السلميين؛ فالأمر يستدعي من جانبهما، أن يكون الحوار جدياً، وينتهي إلى توافق كامل بينهما، حول كل مراحل الفترة الانتقالية، وتشكيل مؤسساتها؛ لقطع الطريق على محاولات جر البلاد إلى فوضى، لن يستفيد منها إلا بقايا النظام السابق، والقوى التي تتربص شراً بالسودان"، مشيرا الى أن "الحوار بين قوى الثورة ليس ترفاً، ولا وسيلة لكسب الوقت، إنما صيرورة يفرضها الواقع؛ لإخراج السودان من عنق الزجاجة، والأخذ به إلى معارج الحرية والديمقراطية، التي تفترض التوافق والانسجام؛ للوصول إلى حل يلبي طموحات الشعب السوداني، وأهداف الثورة التي باتت مهددة؛ جرّاء هذا التلكؤ والمماطلة في التوصل إلى اتفاق حول الانتقال بالسودان إلى الدولة المدنية، التي توفر العدالة والحرية للجميع، وتضع حداً لمظاهر التفلت والتمرد في بعض الولايات، وتطلق مسيرة محاربة الفساد والتنمية، التي ينتظرها الجميع"، مشددا على أننا "بتنا نخشى؛ جرّاء انعدام الثقة بين المجلس العسكري الانتقالي و"قوى الحرية والتغيير"، وبعد الإصرار على البقاء في الميادين إلى حين تلبية مطالب الحراك الشعبي، وخروج عناصر الفتنة من الدهاليز، وتلوث الشوارع بالدماء، وتأجيل الحوار، أن تتسع الفجوة بين طرفي الثورة، وتنغلق منافذ الحوار؛ جرّاء دخول عوامل خارجية على الخط، ما يخلق صراعات محاور، قد تؤثر في المسيرة، وتعيق الاتفاق، وربما تطيح الثورة وأهلها"، معتبرا أنه "لا بد من رسم طريق إلى الديمقراطية، متكامل الأركان في المرحلة الانتقالية، يقوم على تشكيل حكومة مدنية تتولى السلطة لفترة زمنية، يتم الاتفاق عليها إلى حين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ويكون شعار هذه المرحلة، تنفيذ شعارات الحراك الشعبي، وتثبيت ركائز الحكم المدني؛ بعد اجتثاث بقايا النظام السابق"، ومؤكدا أن "الدولة المدنية تعني أن تتولى القوى السياسية، أو من تختارها الحكومة المدنية إدارة مؤسسات الدولة؛ شرط أن تكون محل ثقة، وغير ملوثة بالفساد، أو مرتبطة بقوى الإسلام السياسي المشبوهة الولاء، وتخفيف قبضة العسكر عن مفاصل الدولة؛ كي لا تتكرر مرحلة النظام السابق"، ومضيفا: "لم تفت الفرصة بعد، وعلى المجلس العسكري الانتقالي و"قوى الحرية والتغيير" أن يحسما أمرهما، وأن يقدم كل طرف منهما التنازلات؛ من خلال الحوار الجدي، على قاعدة أن الوطن يتسع للجميع، قبل أن يدخل الوطن في مهب الصراعات".