في المخيمات الفلسطينية، هناك تصنيف لدرجات البؤس، يستعير نجوم الفنادق للتشبه بها. هذا مخيم بنجمتين، وآخر بخمس نجوم، أما ما يصطلح عليه الفلسطينيون، فهو مخيم مارالياس، ذو السبع نجوم. إنه أفخر انواع النكبة، منذ عام 1948 والى اليوم. أزقته الضيقة، ونظافة أحيائه النسبية وتخشيباته المتواضعة، تشي بأنّ مَن يسكن هذا الحيّ البائس لا يمكن أن يخرج منه وأن يقطع امتاراً قليلة، يصل بعدها الى طرقات فسيحة وحدائق وأبنية زجاجية فخمة.
في مخيم السبع نجوم، تتحدث مجموعة قيادية من حركة «فتح» أفرادها حكماً مسؤولون في تراتبية السلطة الوطنية الفلسطينية، عن قرار وزير العمل كميل ابو سليمان، من دون تحفظ.
لا تشكيك بوزير العمل، ولا بمرجعيته السياسية، ولا بالخطوات الكبيرة في اتجاه المصالحة اللبنانية الفلسطينية، بل استهجان لتوقيت القرار وشرح لنتائجه السيئة على الفلسطينيين.
يقول هؤلاء: لسنا أجانب في لبنان، بل نحن لاجئون نريد العودة الى وطننا، ولا تنطبق علينا صفة الأجنبي، الذي يغادر لبنان بعد انتهاء عمله، بل نحن مشرّدون من وطننا، ولنا وضع خاص، ولا يمكن تجريدنا من سبل الحياة، بقرارات لا يمكن تطبيقها، ونعني بها قرارات العمل في لبنان.
لقد اتى هذا القرار في توقيت مريب، فما معنى ان يصدر بعد مؤتمر البحرين، الذي أفشلناه بعدم حضورنا؟ وكيف يمكن أن نقنع أهلنا انّ الهدف منه ليس التضييق علينا، لنغادر لبنان؟ وكيف يمكن ان يستبق القرار الحوار الثنائي اللبناني الفسلطيني، الذي يفترض أن يؤدي الى تنظيم اوضاع الفلسطينيين في لبنان؟
ويشيرون الى أنّ ما يتعرض له الفلسطينيون في لبنان داخل المخيمات وخارجها، بالغ الصعوبة، حيث يمنع إدخال مواد البناء حتى لترميم المنازل الآيلة للسقوط، علماً انّ هذه المنازل بالعشرات عاينتها المنظمات الدولية، وطلبت السماح بترميمها، دون جدوى.
لسنا جزءاً من اي انقسام في لبنان، يقول هؤلاء ولا نريد ان نلعب هذا الدور، فالمصالحة حصلت، وقدمنا اعتذاراً للشعب اللبناني عن اخطاء قد تكون ارتكبت، وفي المقابل نتمنى أن لا نقع ضحية اي مزايدة بين الاطراف السياسية اللبنانية، وقرار السلطة الوطنية والرئيس «ابو مازن»، هو الاحتكام للدولة اللبنانية فقط، واحترام القانون على الاراضي اللبنانية، وهذا ما أبلغه للمسؤولين اللبنانيين، وبشهادة هؤلاء فإنّ الوجود الفلسطيني الموقت في لبنان كان طوال الفترة الماضية، عامل استقرار ومساندة للدولة، وساهم بضبط المخيمات، والتعاون في مواجهة الإرهاب.
يكشف هؤلاء أنّ الرئيس «ابو مازن» اتصل بالرئيس سعد الحريري متمنّياً تأجيل تطبيق اجراءات وزارة العمل، كي يتم التفاهم على تنظيم الملف الفلسطيني، ولئلّا يدفع الفلسطينيون الثمن. وأنّ توجيهات حركة «فتح» والسلطة الوطنية، صارمة بعدم حصول اي تحرك احتجاجي خارج المخيمات الفلسطينية، هذا على فرض ان هذه الاحتجاجات لا يمكن منعها داخل المخيمات.
ويشيرون الى أن التواصل مع الاجهزة الامنية كان مفتوحاً في الايام الماضية، وقد رفعت «فتح» الغطاء عن ايّ تحرك خارج المخيمات، كما ان التوجيهات من رام الله قضت بتهدئة الفلسطينيين، لعدم اتاحة الفرصة لأي طرف باستغلال الاحتجاج وحرفه عن مساره، وهذه سياسة ثابتة للسلطة الوطنية الفلسطينية، الهدف منها منع ايّ طرف داخلي او اقليمي من استثمار القضية الفلسطينية ومأساة الفلسطينيين في الشتات.
الخلاصة بحسب هؤلاء أن المطلوب إعادة تقييم قرار وزارة العمل، وتفعيل التواصل اللبناني المشترك، سواء الرسمي أو مع الطرف المعني، لأنّ هذا القرار احدث احتقاناً وأعاد إطلاق موجة قديمة من النعرات لا مبرر لها، والأفضل كما طلب «ابو مازن» من الرئيس الحريري تجميد تنفيذه، لفترة محددة ريثما يعاد درس الوضع الفلسطيني في لبنان من جوانبه كافة.