لفت البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال لقائه نقيب المحررين جوزف القصيفي على رأس وفد من مجلس النقابة إلى أنه "بفرح كبير نستقبلكم اليوم في الديمان التي تحمل معاني كبيرة وابعادا كثيرة على مشارف هذا الوادي المقدس، ولا سيما أننا نستعد اليوم لمئوية اعلان دولة لبنان الكبير، حيث من هذا المكان انطلقت المسيرة الكبيرة للبطريرك الحويك من يوحنا مارون ومن هذا الوادي الذي شهد نضال 17 بطريركا خلال اربعمئة عام وقاوم ونضال كل منهم بذراعيه المدني والكنسي مع المقدمين وواجهوا كل الصعوبات في زمن المماليك وزمن العثمانيين واستشهد منهم البطريركين حجولا والحدشيتي، وتوجت هذه المسيرة مع البطريرك المكرم الحويك وهذه المسيرة اللبنانية ثمرة جهود ونضال ولم تستمر او تسقط "بقفة".
وأشار إلى أنه "اليوم نتساءل كيف عاش البطاركة آباؤنا في الوادي ونحن اليوم لا نتمكن من الوصول اليها الا بالسيارات". وتحدث عن تكريم البطريرك الحويك وما وصلت اليه دعواه، آملا "ان يرفع مع البطريرك الدويهي على مذابح القديسين وان تتثبت باعجوبة لكي ندعو قداسة البابا الى لبنان ليعلن القداسة من عندنا".
وأكد "اننا اليوم نعيش بقلق كبير ونعود الى الوراء اشواطا، ونتأسف على دماء الشهداء التي اريقت لان المسؤولين لم يتعلموا ويأخذوا العبر من كل ما حصل. لقد عشنا الحرب في لبنان والتي اتت نتائجها باتفاق الطائف الذي وافق عليه المثلث الرحمات البطريرك صفير بعدما خير بين الفوضى والحرب او القبول بالطائف، واخذ موقفا بقبول الطائف بدل الحرب والمشكلة ان اتفاق الطائف لم يطبق بنصه وروحه، وتبين انه يتضمن ثغرات عديدة تشبه طريق معبدة، لكنها تحوي حفرا كثيرة وليس عندنا اليوم سلطة تحكم، والبرهان حادثة قبرشمون المؤسفة التي عطلت الحكومة والتي لا تزال تتفاعل وتتظهر الخلافات حول المحاكم وحول صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومن يدعو لعقد مجلس الوزراء، والمسؤولون يواصلون مخالفة الدستور والقوانين".
وأضاف "الدستور والقانون طريق نسير عليه واذا تعثرنا نتدهور، فإلى أين سنصل؟ العالم كله ينظر الينا ينظر الى لبنان لدعمه وعقدت عدة مؤتمرات من روما الى باريس وبلجيكا من اجل مساعدة لبنان، واليوم سيدر لدعم الجيش والاقتصاد والنازحين والمسؤولون عندنا غير آبهين، فلا رؤيا ولا تطلع الى البعيد، أقروا الموازنة مشكورين ولكنها لا تتضمن قطع حساب ولا اصلاحا اقتصاديا، ونعود الى موضوع المحاكم، فهل بتنا في دولة مزارع وطوائف ونافذين يسير القضاء بحسب الاهواء، واذا اعجبنا الحكم نرضى به وان لم يعجبنا نرفضه، واذا استلمنا منصبا قضائيا او امنيا او اداريا نتحكم بالناس من خلاله؟ وهل يجوز ان يأكل القوي الضعيف؟ وكيف يمكن ان نرضى بما يحصل على الصعيد الامني؟".
وتابع "نداء عاجلا الى اللواء عماد عثمان سائلا كيف يقبل بفبركة ملفات لاشخاص من دين واحد ومذهب واحد؟ نحن مع القانون، ولكن هل مسموح تعذيب الناس في اقبية الامن الداخلي وشعبة المعلومات خلال التحقيق معهم؟ الامر لم يعد يطاق لاننا بتنا بعيدين عن مفهوم الدولة، وبات القوي يأكل الضعيف، والشعب فقد كل الثقة بالحكام والبرهان ان 51 بالمئة من الناس لم تشارك في الانتخابات ولم يقترع سوى المنتمين الى الاحزاب الملزمين بالاقتراع، اما الباقون فليس لديهم ثقة بدولة تضع القوانين جانبا وتنفذ ما تريد استنسابيا خلافا للدستور والقانون والميثاق. نعم، انه لامر مقلق لان اكثر شبابنا المتعلم الذي دفع اهلهم الاموال الطائلة لتعليمهم يهاجرون ويبرعون في بلدان الاغتراب. ألا يحق لهم ان ينجحوا ويعملوا في بلادهم؟. نعم لا يحق لهم العمل والنجاح في لبنان لان كل من يريد اقامة اي مشروع في لبنان عليه ان يمر "هون وهون وهون ويدفع بكل المحلات"، اذا سمح له بذلك يطلب منه توظيف من يريدون، لذا يترك المستثمر لبنان الى الخارج، فهل هذا هو لبنان؟ وهل هكذا نستعد للمئوية الاولى؟ وهل هكذا نطل على العالم؟ كل مسؤول يرمي التهم على غيره ويتخاصمون كالاطفال، وان الاطفال يتصالحون بعد ساعة. اما هم فيتخاصمون الى الابد على حساب الدولة والمؤسسات والشعب. وانني آسف كبطريرك كما الشعب اللبناني على الدماء التي سالت من اجل ان يبقى لبنان ولكن من لا يتعب بشيء لا يحزن عليه هذا واقعنا للاسف، ولكن لا يمكننا الاستمرار بهذا الواقع".