جدد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي دعوته إلى تسهيل تشكيل الحكومة.
وفي عظته خلال قداس الأحد الذي ترأسه في دير سيدة البلمند، نوه بـ"أصالة إيمان الشعب الأنطاكي في اللواء وبمحبته وغيرته"، لافتاً إلى أننا "كمسيحيين أنطاكيين، مزروعون في هذا الشرق ومنغرسون فيه منذ فجر المسيحية"، مشيراً إلى أننا "خيرة جباله ووديانه، نحن صخره وأرزه الذي يمد روحه في أغصانه ليلاقي الجميع، وفي كل أنحاء العالم، في عصر تنمو فيه روح التزمت والانغلاق والإثنيات والقوميات".
وجدد التأكيد على أننا "كأرثوذكس نحن أبعد ما نكون عن الخطاب الطائفي الفئوي. نحن مجبولون، أولا وأخيرا، بالوطنية التي ترى في الوطن البوتقة التي تصهر الجميع في وحدانية حال، وتحفظ لكل مكون من طوائفه دوره وكيانه"، قائلاً: "الأرثوذكس مع غيرهم في هذه الديار صنعوا مجد لبنان وأفاضوا طيبه على الدنيا".
وأشار إلى أن "لبنان الذي يعبر هذا المخاض يدعونا جميعا لنتوافق ونكون صفا متراصا وجبهة داخلية متماسكة لتشكيل حكومة، تكون حكومة إنقاذ، في أسرع وقت"، مناشداً الجميع وبكل قوة "تسهيل هذا الأمر رأفة بلبنان وإنسانه، فالأولوية اليوم ليست للمصالح والتجاذبات وتقاذف المسؤوليات، إنما تفعيل عملية الانقاذ وتحقيق ما يسحق الفساد ويعالج الانهيار ويرفع الألم عن الناس ويعيد إليها كرامتها ويلبي تطلعات الشباب ويطمئنه إلى استقرار غده".
وأضاف: لعل لبنان يحتاج في أقرب وقت إلى أن تنخرط مختلف مكوناته وشرائحه وطاقاته في حوار جدي يعالج بشكل جذري مكامن الخلل في الحياة السياسية فيه والأسباب التي تنتج هذه الأزمات الكبرى كي لا يبقى غارقا دائما في تداعيات نتائجها. وهذا ما نرجوه وندعو اليه".
وأكد أن "ما يهمنا ككنيسة هو أن ننظر أولا إلى خير مجتمعاتنا وأن نقصي عنها كل الشوائب لينمو إنساننا روحا وجسدا"، مشدداً على أن "لبنان لم يوجد ليكون ساحة لتصفية المصالح. ونحن لا ننسى أن المسيح أتى إلى دنيانا من أجل الإنسان الذي يرزح تحت صليب خطيئة وشقاء وتعب".
ولفت إلى أنه "في خمسينيات القرن الماضي أطلق ابننا الطيب الذكر غسان تويني صرخته الشهيرة بدنا ناكل جوعانين، وها نحن أيضا ندعو الساسة في هذا البلد إلى وضع الخلاف السياسي جانبا والنظر إلى الإنسان ولقمة عيشه"، قائلاً: "اختلفوا سياسة واتفقوا إنماء، اختلفوا سياسة واتفقوا خدمة ورأفة بإنسان يقاسي البطالة وغلاء المعيشة، اختلفوا سياسة واتفقوا واجتمعوا يدا واحدة تجتث من يسرق لقمة الإنسان ويرميها في مزاريب الهدر والفساد".
وثمن "إصرار الشباب على حراكه، ولكننا في الوقت نفسه، ندعو جميع الذين خرجوا إلى الشوارع يطالبون بحقوقهم إلى الابتعاد عن العنف وإلى الحفاظ على الطابع السلمي لتحركاتهم كي لا ينزلق البلد إلى نزاعات مدمرة تزيد على مأساة الشعب الحالية مآس إضافية تؤخر تعافي لبنان وتعمق مشاكله الاقتصادية والمالية والاجتماعية الكثيرة".