ما زالت قضية العميل عامر إلياس الفاخوري تتفاعل يوماً تلو آخر.
فبعيداً عن الغوص في التجاذبات السياسية، التي أعقبت قرار "المحكمة العسكرية الدائمة" في بيروت برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، بالإجماع، بكفِّ التعقّبات عنه، بدعوى سقوط الحق العام بمرور الزمن العشري.
فإنّ المعلومات التي تنشرها "اللـواء" ما كانت لتؤثّر على القرار، الذي اتخذته المحكمة بشأن العميل الفاخوري، التي استندت بذلك إلى مواد في قانون "أ.م.ج".
فقد تكشّفت معلومات جديدة بشأن الحالة الصحية التي عانى منها العميل الفاخوري بعد وصوله إلى لبنان في 4/9/2019، تنفيذاً للمُهمّة السياسية والأمنية التي أوكلت إليه من قِبل المُخابرات الأميركية، وهو أنّه أُصيب بفيروس "إبشتاين – بار" "Epstein-Barr virus"، وهو فيروس غير مُميت، وذلك وفق ما أكدت إبنة العميل الفاخوري، جيلة، إلى "realclearpolitics".
تُطرح التساؤلات لجهة كيفية إصابته بذلك، هل هي مُصادفة، أم إنّه أُصيب بهذا الفيروس، وما هو دور المُخابرات الأميركية في إيصال هذا الفيروس، لمنع استجواب العميل الفاخوري، ونقله إلى المُستشفى، قبل أنْ تنقله طائرة مروحية عسكرية أميركية من مقر السفارة الأميركية في عوكر إلى الولايات المُتّحدة الأميركية، بما يُشكّل تهريب مطلوب من وجه العدالة، في ضوء مُذكّرة منع السفر لمُدّة شهرين، الصادرة عن القاضي الجزائي في النبطية أحمد مزهر.
ويُطرح التساؤل المشروع لأنّ الموقوف الفاخوري انتقل ما بين "سجن الريحانية"، حيث كان في غرفة مُستقلّة، ومن ثم "مستشفى أوتيل ديو"، ومنها إلى "مستشفى سيدة لبنان".
وفيروس "إبشتاين – بار" هو فيروس من عائلة فيروسات الهربس (الحلأ)، من أكثر الفيروسات التي تُصيب البشر، ويشتهر بتسبّبه بكثرة الوحيدات العدوائية، وقد سُمّي الفيروس بإسم العالمين مايكل إبشتاين وإيفون بار، اللذين ساهما باكتشاف الفيروس عام 1964، داخل خلايا عيّنة مأخوذة من ورم سرطاني، وهذه العيّنة أدّت كذلك إلى اكتشاف مرض اللمفوما الافريقية أو ليمفوما بوركيت نسبة للمُكتشف دينيس بوركيت.
ويُصيب هذا الفيروس جميع الفئات العمرية، ويتواجد في المناطق الجغرافية كافةً، وتتلخّص أعرض داء وحيدات النوى الخمجي بـ: "الحمّى والتهاب الحلق والتهاب في الغدد الليمفاوية"، كما يؤثّر هذا المرض على الكبد
والطحال في كثير من الأحيان، ونادراً ما تحدث أي اختلاطات مُؤثِّرة على القلب أو الدماغ، ونادراً أيضاً ما يُسبّب المرض الوفاة.
عادة ما ينتقل فيروس إبشتاين - بار عبر الاتصال المُباشر، وخاصة عبر اللعاب، ما أكسبه إسماً في الغرب لدى المراهقين (مرض التقبيل). هذا وكثيراً ما يكون الفيروس موجوداً داخل لعاب الأصحّاء دون التسبّب بالمرض، ومن جهة أخرى فإنّ انتقال المرض عبر الهواء أو الدم قليل الحدوث.
وتمتد فترة حضانة المرض من 4-6 أسابيع، ويكون المُصاب فيها مُعدياً للأسابيع الثلاثة الأولى. ثم تظهر الأعراض بعد ذلك تباعاً، ويستمر ظهورها من شهر إلى شهرين، ويصبح الفيروس بعد ذلك "هاجعاً" في بعض الخلايا في الحلق والدم ويستمر بقاؤه مدى الحياة.
فبعد وصول العميل الفاخوري، إلى "مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي"، ومن ثم التحقيق معه من قِبل الأمن العام، بتاريخ 12/9/2019، بناءً لإشارة النيابة العامة العسكرية، واستجاوبه من قِبل قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا بتاريخ 17/9/2019، أصدرت مُذكّرة توقيف بحقّه، بقيت هذه جلسة الاستجواب الوحيدة، فلم يحضر إلى جلسات الاستجواب لديها، أو في النبطية أو لدى قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي.
وبدأ الحديث عن تردّي وضعه الصحي، ما حال دون حضوره جلسات الاستجواب والمُحاكمة.
هذا يفرض تساؤلات حول إذا ما قامت المُخابرات الأميركية بنقل هذا الفيروس إلى العميل الفاخوري، من خلال الطعام أو الأدوية، حيث ظهرت عليه هذه العوارض، التي لم يكن مُصاباً بها قبل حضوره إلى لبنان، خصوصاً أنّ الكثير من العملاء البارزين يمكن استخدامه معهم مثل هذه الحالات، سواء للتخلّص منهم لعدم الإدلاء بمعلومات هامّة أو لإعادة إجلائهم وتزويدهم بالترياق الذي يكون مُتوافراً، وسجل ذلك حافل بالعديد من العمليات المشابهة، وفي طليعتها عندما تعرّض رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل لمُحاولة اغتيال في الأردن بتاريخ 25/9/1997 على أيدي عناصر من جهاز "الموساد"، قاموا بحقنه بمادّة سامّة، لكن اكتشفت السلطات الأردنية مُحاولة الاغتيال، وأُلقِيَ القبض على اثنين من عناصر "الموساد" المُتورّطين في عملية الاغتيال، وطلب العاهل الأردني – آنذاك – الملك حسين بن طلال من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المصل المُضاد للمادّة السامّة التي حُقِنَ بها مشعل، حيث أُرغِمَ نتنياهو على تقديم المصل المُضاد للسُم المُستعمل، فتمَّ شفاؤه.
ستكشف الأيام المُقبلة حقيقة مرض العميل الفاخوري الذي أصبح بالعناية الطبيّة والسياسيّة والأمنيّة الأميركيّة.