تمنى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على البعض "تخفيف عنترياته وتهديداته"، مذكرا الجميع بأنه "عبر تاريخ لبنان لم يستطع أحد إخضاع الشعب، فقد مرت علينا إمبراطوريات وممالك كثيرة منذ ما قبل عصر المماليك وخلاله وبعده وصولا إلى عهد الوصاية السورية، والجميع رأى ما كانت النتيجة. لذا من الأفضل أن نعتمد دائما لغة المنطق والهدوء والرواق في التخاطب في ما بيننا، والاهم من ذلك هو أن نتشارك جميعا في الحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، باعتبار أنه المكسب الأساسي والوحيد الذي ما زال يتمتع به حاليا الشعب".
واشار جعجع في تصريح عقب لقائه وعقيلته النائبة ستريدا جعجع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في المقر البطريركي الصيفي في الديمان، الى "إننا ما زلنا نعاني تداعيات إنفجار المرفا حتى اليوم وسنبقى كذلك لفترة طويلة إنطلاقا من فداحة الكارثة التي حلت بنا والتي لن تنتهي للأسف بأقل من 200 شهيد و6000 جريح وخسائر لا يمكن تقدير قيمتها في الوقت الراهن، فضلا عن عشرات آلاف المواطنين المشردين خارج منازلهم حتى اللحظة. أما الذين تمكنوا من العودة إلى منازلهم فقد قاموا بذلك بعدما عمدوا إلى إقفال الفجوات في جدران منازلهم وإغلاق النوافذ بالنايلون وليس بعد إعادة ترميم هذه المنازل كما يجب، وبالتالي هذه الكارثة هي أفظع من أي حدث مر علينا خلال الخمسين أو المئة عام المنصرمة من تاريخنا".
واعتبر أن "التحقيق المحلي لن يؤدي إلى نتيجة حقيقية لسبب بسيط وهو أن السلطة هي المتهمة وعلى مستويات مختلفة منها، فكيف تكون هي من يحقق في هذه الجريمة؟ وحتى للأسف الإدارات المختلفة من أمنية وعسكرية وقضائية وإدارية وسياسية بالدرجة الأولى متهمة، وبالتالي لن تتمكن هذه الإدارات من إيصالنا إلى النتيجة الحقيقية". وقال: "ليس لدينا نتائج مسبقة لذلك لم نتهم أحدا حتى هذه اللحظة ولن نقوم بذلك، فنحن في انتظار تحقيق جدي لا يمكن أن يتم سوى عبر لجنة تحقيق دولية، لذلك سنبدأ انطلاقا من يوم الإثنين المقبل بجمع التواقيع على عريضة نيابية للطلب من الحكومة اعتماد لجنة تحقيق دولية في هذه الجريمة وسنعمد إلى إرسال هذه العريضة في الوقت نفسه إلى الأمم المتحدة باعتبار أن هذه هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة التي هي مطلبنا جميعا، وبذلك يرتاح شهداؤنا حيث هم وأهاليهم يرتاحون أيضا والجميع يرتاح ولا يبقى لدى أي شخص شكوك، وتنتفي مختلف الأسباب التي تسمح لأي كان أن يسوق اتهاما لشخص آخر، زورا أو حقيقة".
ووجه جعجع تحية إكبار وإجلال "لجميع الشهداء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت باعتبار أنهم سقطوا في سبيل الوطن ولو لم يكن ذلك في المكان المناسب، كما وجه تحية كبيرة جدا للشهيد رالف ملاحي من فوج إطفاء بيروت الذي استشهد وهو يحاول إطفاء الحريق، ومن خلاله لجميع أهالي عين الرمانة الموجودين في المناسبات والمواقع كلها لمحاولة الدفاع عن هذا الوطن، وهم كما كانوا دائما وقفوا في هذه المناسبة برأس مرفوع وعلى استعداد دائم للتضحية في سبيل لبنان".
وتطرق الى مسألة تأليف الحكومة العتيدة، لافتا إلى أننا "لا نعتقد أن أي حكومة يمكن أن تكون هي الحل في الوقت الراهن بوجود المجموعة الحاكمة على ما هي عليه، وطالما أنه يتم السعي الى تشكيل حكومة جديدة، وإذا كان هناك من أمل لأي حكومة أن تنجز أي شيء يذكر، فهي حتما حكومة مستقلين تماما، ونحن ضد حكومة أقطاب أو حكومة وحدة وطنية بشكل كلي وكامل رغم تمسكنا بالوحدة الوطنية، ولكن موقفنا يأتي انطلاقا من أننا عاينا ورأينا ماذا أنجز هذا النوع من الحكومات في الأعوام ال30 المنصرمة، وما نشهده اليوم هو نتاج هكذا حكومات أو ما شابه، وبالتالي لن نعود نكرر بعد الذي مر علينا التجربة نفسها والعودة إلى نقطة الصفر".
وأعاد جعجع التشديد على أن "ما ينبغي القيام به هو تشكيل حكومة مستقلين ولكن بالفعل مستقلين لا أن تكون كالحكومة المستقيلة التي كانت مستقلة في الظاهر فحسب، في حين أن كل حزب من أحزاب السلطة يدير مجموعة من الوزراء فيها، ما أدى إلى عجزها عن تحقيق النتيجة المطلوبة". ورأى أن "الحل الفعلي يكمن في تقصير ولاية مجلس النواب الحالي باعتبار أننا بوجود الأكثرية النيابية الحالية، لن نصل إلى أي مكان، لذلك سنعمل على تقصير ولاية هذا المجلس وسنقدم نهار الإثنين باسم تكتل الجمهورية القوية اقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس".
وتطرق جعجع إلى مسألة حياد لبنان، وقال: "في هذه المناسبة أريد أن أوجه لغبطته تحية كبيرة على كل الجهود التي يبذلها من أجل إيجاد حل فعلي متوسط وطويل الأمد وليس مجرد حل آني للمشاكل اللبنانية، وعلى هذا الصعيد سيرسل غبطته مذكرة الإثنين المقبل لجميع الافرقاء المعنيين يوضح فيها ما هو الحياد الذي يطرحه، وبعدها سيكون لنا في تكتل الجمهورية القوية عريضة نيابية أخرى، ومن الممكن أن يكون لدينا في وقت لاحق عرائض شعبية من أجل مطالبة الحكومة ومجلس الأمن الدولي بتأكيد حياد لبنان وكي تقوم الحكومة بكل الخطوات المطلوبة لوضع هذا الحياد موضع التنفيذ".
وختم موجها معايدة لجميع اللبنانيين في مناسبة حلول عيد انتقال السيدة العذراء "بظروف أفضل على أمل أن نتخلص بشفاعتها من المشاكل والمآسي كالتي أصابتنا بانفجار مرفأ بيروت".