يُشكّل التوافق الفلسطيني اختراقاً نوعياً، في توقيته ودلالاته، انطلاقاً من إدراك أنّ المرحلة لا تتحمّل تكتيكاً، والوقت ليس للمُناورة، نظراً إلى حجم المخاطر المُحدِقة، التي تتطلّب مُواجهة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ"صفقة القرن"، ونوايا الاحتلال الإسرائيلي بضم أراضٍ في الضفة الغربية، وموجة التطبيع العربي - الإسرائيلي.
مُواجهةُ ذلك، تتطلّب حكمة ورجاحة عقل، بحوار فلسطيني داخلي، يُحقّق مُصالحة تاريخية، بالاتفاق على خارطة طريق وطنية لتحقيق الشراكة والمُصالحة، بإمكان الأطراف الفلسطينية المعنية تحديد نتائجها، بتوقير العوامل المُساعِدة لذلك، كخطوة أساسية في إعادة ترتيب البيت الداخلي، والتي تتم للمرّة الأولى بجهود فلسطينية دون أي وسيط عربي أو إقليمي أو دولي، بل تحت مظلّة علم فلسطين، وبصوتٍ فلسطيني مُوحّد، ومن خلال "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" المُمثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ينطلق التوافق على المبادئ بمواقف واضحة، وفق رؤية فلسطينية واحدة، تُؤكد على الحوار، القابل للتوافق والاختلاف والتباين - أي إذا لم يتم التوصّل إلى التطابق فالتكامل.
تأكيداً لخطوات إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، تواصل تنفيذ مُقرّرات "اجتماع الأمناء العامّين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني"، الذي عُقِدَ بدعوة من الرئيس محمود عباس ورئاسته، تزامناً بين رام الله وبيروت، يوم الخميس في 3 أيلول/سبتمبر 2020 عبر تقنية "الفيديو كونفرنس".
وسيصل اليوم (الإثنين) إلى العاصمة السورية، دمشق، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب وعضو اللجنة المركزية للحركة روحي فتوح، وحيث ينضم إليهما عضو اللجنة المركزية للحركة الدكتور سمير الرفاعي.
وعلمت "اللـواء" بأنّ هذه الزيارة، تستغرق يومين، ومُخصّصة للقاء الفصائل الفلسطينية الخمسة المُتواجدة في العاصمة السورية، وهي: "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، "الجبهة الشعبية" - "القيادة العامة" "مُنظّمة الصاعقة" و"حركة الجهاد الإسلامي"، لاستكمال البحث بمُقرّرات لقاء الأمناء العامّين السابق، لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وإطلاعهم على ورقة التفاهمات بين "فتح و"حماس".
هذا وبعد مُصادقة حركة "فتح" على التفاهمات، في ضوء اللقاءات مع حركة "حماس" في اسطنبول، كُلّفت لجنةً من أعضاء اللجنة المركزية: جبريل الرجوب، عزام الأحمد وروحي فتوح، مُتابعة الحوار مع "حماس" وفصائل العمل الوطني الفلسطيني.
سريعاً جاءت مُباركة حركة "حماس" لبيان "فتح"، والإشادة بـ"الروح الوطنية التي تضمّنها بيان اللجنة المركزية لحركة "فتح" برئاسة الرئيس محمود عباس، والتأكيد على المُضي لإنجاز المُصالحة".
وأعلنت حركة "حماس" عن تكليف لجنة من المكتب السياسي برئاسة نائب رئيس الحركة صالح العاروري، مُتابعة الحوار مع حركة "فتح" وجميع الفصائل الفلسطينية.
واللجنة سُداسية تتألّف من أعضاء اللجنة التنفيذية لحركة "حماس"، وتُمثّل مناطق الضفة الغربية، قطاع غزّة وخارج فلسطين المُحتلّة.
جاء ذلك، خلال بحث حركة "حماس" في اجتماعات داخلية، مُخرجات اجتماعين سابقين جمعاها مع الفصائل الفلسطينية الأخرى وحركة "فتح"، خاصة المُتعلّقة بتطوّرات الحالة الوطنية الفلسطينية.
بعد إقرار حركتَي "فتح" و"حماس" التفاهمات التي جرت بينهما، واطلاع الفصائل الفلسطينية عليها، من المُنتظر أنْ يدعو الرئيس عباس إلى عقد اجتماع للأمناء العامّين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني، ليُصار إلى إقرار الرؤية الفلسطينية المُوحّدة، من أجل إقرار ورقة التفاهمات بين حركتَي "فتح" و"حماس" باعتبارها تُمثّل الكل الفلسطيني.
على أنْ يلي ذلك تفويض من الفصائل الوطنية والإسلامية للرئيس عباس، كي يتمكن من إصدار مرسوم رئاسي بالدعوة إلى الانتخابات العامة، خلال 6 أشهر، وعلى 3 مراحل، بالتوالي: التشريعية فالرئاسية ومجلس وطني، حسب التمثيل النسبي.
وأن يتم تشكيل حكومة ائـتلاف وطني بعد الانتخابات.
على أن يتلو ذلك حوار وطني شامل في العاصمة المصرية، القاهرة، لمُناقشة الآليات التي يجب العمل بمُوجبها والأساس السياسي للانتخابات.
هنا يجب الأخذ بالاعتبار أنّه ليس بالسهولة جمع الأمناء العامّين مراراً وتكراراً، بل إنّ بعض الملفات قد يقتصر البحث فيها بين مَنْ تُخوّلهم الفصائل الفلسطينية رئاسة اللجان التي يتم تشكيلها، وعندما تدعو الحاجة الطارئة لمُشاركة وتدخّل الأمناء العامّين، يتم ذلك.
لقد اختار الجانب الفلسطيني أنْ تكون الخطوة التنفيذية، اللجوء لصندوق الاقتراع، بهدف تجديد شرعية النظام السياسي.
وتوازياً، البحث في سُبُل تفعيل المُقاومة والمُواجهة المُباشرة مع الاحتلال
والإسراع بتشكيل هيئة وطنية تضم شخصيات وازنة، تضع استراتيجية نضالية لتجاوز الانقسام وكيفية إجراء المصالحة، بتثبيت الشراكة الوطنية في إطار المُنظمة.
يُدرك الفلسطينيون أنّ الخطر هو على الوجود، في ظل النوايا الأميركية - الإسرائيلية مع بعض الرغبات العربية، بالاستفادة من التناقضات القائمة لبث مزيد من الفرقة داخل الساحة الفلسطينية.
لذلك، مطلوب من الكل الفلسطيني، تجسيد التوافقات والتفاهمات والمُقرّرات بشكل سريع على أرض الواقع.