تغيّرت مقاربة عملية التأليف الحكومي بعد تكليف نجيب ميقاتي بالمهمة، وبدت مؤشرات إيجابيّة واضحة في أول أيام مسيرة رئيس الحكومة المكلّف، رغم عدم الوصول الى نتائج نهائية لغاية الآن، بإنتظار لقاء الإثنين، وما يعقبه من اجتماعات خلال الاسبوع المقبل.
تتحدث مصادر مطّلعة لـ"النشرة" عن تعاطٍ مرن ومتبادل لرئيس الجمهورية ميشال عون ولميقاتي مع ملف التأليف، أقلّه في الشكل، الأمر الذي لم يتوافر إبّان مهمة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لإعتبارات أهمّها أن الحريري لم يحظَ بضوء دولي وعربي أخضر، كان ينتظره تحديداً من السعودية، ولأن التوتر الضمني كان يحكم علاقة النائب سعد الحريري برئيس الجمهورية بعد الإطاحة المتبادلة بالتسوية السياسية التي كانت تسود بين الفريقين.
يلعب الشكل دوراً مهماً في مسار المهمة الحكومية، بدليل ان عون وميقاتي تمسكا بجوهر طروحاتهما، من دون تنازل، لكن مقاربتهما لملف التأليف بمسؤولية وطنية أتاحت فتح الأبواب لإيجاد مخارج.
وعلمت "النشرة" ان التفاهم يحكم علاقة عون وميقاتي ببعضهما خلال العملية القائمة حالياً، مما يسمح بتأليف حكومة يحتاجها لبنان وتضغط لأجلها عواصم دولية، وخصوصاً باريس التي أبقت خطوط هواتفها ساخنة مع بيروت ترصد كل إشارة ومعطى حكومي.
تتحدث المصادر ذاتها ان فرنسا تعتمد سياسة العصا والجزرة إزاء اللبنانيين، لذلك جاء قرار الاتحاد الاوروبي في وضع إطار للعقوبات على السياسيين اللبنانيين في هذا السياق، تحضيراً لإجراءات اوروبية مؤلمة في حال تعطّل التأليف الحكومي هذه المرة، بينما وضعت باريس خطة لمؤازرة لبنان مالياً فور تأليف حكومة ميقاتي.
فهل يبتّ عون وميقاتي أمر الحكومة الاسبوع المقبل؟.
يقول مطّلعون لـ"النشرة" أن العقدة الحكومية المتبقّية هي مزدوجة: حقيبتا الداخلية والعدل. يريد رئيس الجمهورية ان تكون الحقيبتان من حصّة المسيحيين لتسمية وزيريهما، بينما يصرّ ميقاتي على التمسّك بالحقيبتين. وتتحدث المصادر ذاتها عن أن جزءا من العقدة المزدوجة موضوع قابل للحل، من خلال ابقاء "العدل" من الحصة المسيحية، لكن بشرط ميقاتيٍّ ان يتولى الحقيبة وزير مستقل يقبل به عون وميقاتي معاً. اما الجزء المتبقي من العقدة فهي حقيبة "الداخليّة" التي تقول مصادر رؤساء الحكومات السابقين أنهم إشترطوا على رئيس الحكومة المكلّف أن تبقى ضمن الحصّة "السنّية" من دون أي تنازل عنها. وفي حال أصر رئيس الجمهورية على التمسّك بها، فلم تستبعد تلك المصادار في حديثها لـ"لنشرة" أن يُقدم ميقاتي على خطوة الإعتذار. وبحسب المعلومات فإن الفرنسيين الذين يواكبون عملية التأليف باتوا على يقين ان العقدة الاساس هي في هذه الحقيبة التي يتوقّف أمر ولادة الحكومة اللبنانية عندها. فإذا حصل توافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف بشأن "الداخلية" يوم الاثنين، فإن الحكومة ستولد خلال الاسبوع المقبل، واذا بقيت عقدة هذه الحقيبة قائمة فإن الولادة مستبعدة الى حدّ الإعتذار يوماً ما.