في خطوة لافتة وخطيرة وتتناقض مع كل الرفض الفلسطيني الرسمي والسياسي والشعبي، كشف المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني انه بدأ الانتقال من مرحلة "الإقتراح" و"استكشاف" إمكانية إحالة خدمات تقدمها "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين لمنظمات أممية بالانابة وتحت إشراف الوكالة، إلى مرحلة "المضيّْ".
المفوض لازاريني وفي مقابلة صحفية أكد انه"ماضٍ في إقامة شراكات مع وكالات دولية أخرى ضمن عائلة الأمم المتحدة لضمان توفير دعم مالي لاستمرار خدمات الوكالة وبقائها على قيد الحياة"، في وقت اعتبرت فيه مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان هذا الاصرار على الاقتراح والمضي قدما، يعني انه غير آبهٍ لكل الاعتراض الفلسطيني وبكل ما ورد من مخاطر سياسية وقانونية، على مستقبل اللاجئين والذي يتمثل بالتمهيد بتفكيك "الأونروا" وتحويل قضية اللاجئين من سياسية بامتياز إلى إنسانية بحتة.
وقال مدير "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" علي هويدي لـ"النشرة" أن هذا المضيّ سينزع المسؤولية السياسية الدولية تجاه اللاجئين والتي تعبر عنها "الأونروا"، إذ أن تمويل الوكالة يجب ان يكون ويبقى من قبل الحكومات والدول وليس من خلال منظمات أممية أخرى أو أي جهة أخرى"، متوقعا "أن يُثار هذا الموضوع في اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا المقرر انعقاده منتصف الشهر القادم حزيران في بيروت واستغلاله في مرحلة التحضير للتصويت على تمديد تفويض عمل "الأونروا" لمرحلة جديدة في كانون الأول المقبل، وهو ما يجب متابعته والتنبه له والوقوف بحزم أمام أي تطوير وتوسع لـ"المضيّ".
توازيا، حذرت القوى الفلسطينية من محاولات المفوض لازاريني تنفيذ مخطط تصفية "الاونروا" عبر هذا الإصرار تحت مبرر توفير دعم مالي لاستمرار خدمات الوكالة، بما يعنيه ذلك الانهاء التدريجي لدورها، على طريق تصفية حق عودة اللاجئين"، معربة عن "خشيتها لوجود مخطط دولي تتولاه أطراف مشبوهة بالاتفاق مع اسرائيل هدفه الأساسي إسقاط العهدة الدولية للاجئين الفلسطينيين من الاونروا إلى ما يُسمى المفوضية السامية للاجئين أو مؤسسات أخرى، بما يُحولّ مأساة ونكبة الشعب الفلسطيني من مشاكل سياسية إلى مشكلات إنسانية".
ارباك الاونروا
بالمقابل، اثار ما كشفه عضو "اللجنة الشعبية الفلسطينية" لمخيم عين الحلوة عدنان الرفاعي عبر "النشرة" عن ان الوكالة نقلت ملفات اللاجئين من مقرها في عمان–الاردن الى الاسكوا في بيروت كمقدمة لشطب حق العودة...مما أثار ضجة كبرى في الاوساط الفلسطينية ودفع "الاونروا" الى تأكيد الخبر دون نفيه مع توضيح أن هدفه قيام مجموعة من الموظفين على أرشفة السجلات الناقصة، وهو استكمال لعمل الارشفة الالكترونية للسجلات الورقية التي تتم حالياً في بيروت بمكتب الاسكوا وليس في مكاتب الاونروا"، مبررة أن تواجد فريقها في بيروت ما هو الا اجراء روتيني ليس له علاقة بنقل الملفات بل لطبيعة المكان المجهز للاعداد والبحث والتدقيق.
واوضح الناشط الفلسطيني محمد حسن الشحماوي ان الاونروا اطلقت مؤخرا مشروعا لحفظ سجلات اللاجئين الفلسطينيين وربط العائلات الفلسطينية بعضها ببعض، وان هذا المشروع يأتي في سياق الدور الرئيسي الذي تقوم به الوكالة منذ تأسيسها وهو تسجيل اللاجئين والحفاظ على سجلاتهم التاريخية تأكيدا لدورها التاريخي كشاهد أممي على النكبة... اي إعادة تسجيل كل لاجئ غير مسجل حاليا لدى الاونروا بسبب الوفاة، وربطهم بأفراد أسرهم الحاليين، حيث أن هؤلاء كان يتم شطب تسجيلهم في حال الوفاة حتى عام 2010 حيث قامت "الأونروا" باطلاق نظام الكتروني جديد لتسجيلهم وحفظ بياناتهم.
تساؤلات مشروعة
غير ان الباحث المختص بالشؤون الفلسطينية في لبنان موسى نمر، اكد ان الرد غير واضح او مقنع لانه مغلف بغموض في زمن العجز وضرب الخدمات، او انهاء بعضها بحجة عدم التزام بعض الدول المانحة بالتزاماتها المالية، وهذا يوكد على شي ما يعمل به واقتناع الدول المانحة بهذا البرنامج يدفعها الى تمويله"، مشيرا الى "ضعف الرقابة في بيروت بخلاف الدول المضيفة الاخرى"، متسائلا "لماذا في لبنان بينما في السابق في زمن تغيرات البرامج وتطويرها والتدريب والعمل كان يتم في الرئاسة عمان، أكان في التعليم او في الخدمات الاجتماعية والاغاثة والنقليات والامن وغيرها"، معتبرا ان "العمل في بيروت وبعيدا عن مركز "الاونروا" له فضل في الابتعاد عن التساؤل والمناقشة بين فريق العاملين، اذ كانوا من جميع الاقاليم وبكثرة النقاش يتم كشف السر وحل اللغز.
وتساءل النمر عن سر التوقيت، وما الهدف ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ وما يعني شجرة العائلة؟وكيف لها أن تجلب التمويل، والاونروا تصرخ من العجز المالي وتهدد انها ستوقف عددا من الخدمات او تشارك بها منظمات اممية؟فالنقل يتمّ الكترونيا بنسخه من الاساسي وتعديله كما يرغبون بلا حسيب ولا رقيب؟ والارشفة الناقصة تتم في كل اقليم لوحده تخفيفا للمصاريف؟ والعمل في مبنى الاسكوا اكثر امانا وبعيدا عن اي خلل.