مفهومان متناقضان بشرياً، ومتصلان الهياً. ففي المفهوم البشري، من يخدم يكون عادة غير مسؤول ولا يتمتع بسلطان وقوة ونفوذ، بينما في المفهوم الالهي، كان المسيح واضحاً ان من يريد ان يكون الاول بين الآخرين وان يجمع بين النفوذ والسلطة، فعليه ان يكون خادماً للبشر انما وفق قانون المحبة. فخدمة البشر من اجل البشر لا تجوز، اما خدمتهم من اجل الله فواجب. الفارق كبير بين الاولى والثانية، فالاولى تفتقد الى المحبة وتتطلع الى السيطرة والتسلط، فيما الثانية مجبولة بالمحبة وقوامها المسؤولية والخلاص.
لم يفهم ابنا زبدى اولاً غاية مطلبهما، فهما اعجبا بالمسيح وارادا ان يكونا الى جانبه عن يمينه ويساره، قد يكون من الظلم ان ننسب اليهما حب التسط لانهما عاينا المسيح وعرفا جوهره، ولكن من المؤكد انهما لم يدركا في ذلك الوقت مدى العذاب والصعوبات التي تواجههما ليسيرا على درب الصليب والقيامة.
ليكون الخلاص للجميع، ارتضى المسيح ان يكون ذلك الخادم الذي يبذل نفسه في سبيل الآخرين، وهو "لم يأت ليُخدم بل ليَخدم".