على وقع التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر على الجبهة الجنوبية، بالتزامن مع العرقلة التي تشهدها مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كان من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى خطاب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله في اليوم العاشر من عاشوراء، حيث كان من المتوقع أن يذهب إلى إعادة ضبط معادلة الردع، بسبب التجاوزات الإسرائيلية المتكررة، بالتزامن مع الإجابة على بعض الأسئلة التي تطرح في الجانب اللبناني.

في هذا السياق، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بالإضافة إلى التأكيد على إستمرار العمليات العسكرية على الجبهة إلى حين وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهي المعادلة التي باتت معروفة مسبقاً، التطور الأساسي هو رسالة التهديد التي بعث بها السيد نصرالله إلى تل أبيب، لناحية إستهداف مستوطنات جديدة لم يتم إستهدافها من قبل، في حال تمادت في إستهداف المدنيين اللبنانيين، مع العلم أن "حزب الله" كان قد عمد إلى ذلك، في الأسابيع الماضية، حيث ذهب إلى توسيع رقعة المواجهات من جانبه.

بالنسبة إلى هذه المصادر، السؤال اليوم هو كيف ستتعامل إسرائيل مع هذه الرسالة، التي تأتي في إطار صيانة معادلة الردع القائمة بين الجانبين، على إعتبار أنها من خلال الإستمرار بالنهج نفسه تكون هي من يستدعي توسيع الحزب لرقعة العمليات العسكرية، وهو ما يفتح الباب أمام مجموعة أخرى من الأسئلة، تبدأ من قدرتها على تحمل ذلك، في حين هي تسعى لمعالجة أزمة سكان المستوطنات الشمالية، ولا تنتهي عند ما إذا كانت ستذهب إلى ذلك كي يكون لها حجة، من وجهة نظرها، للمزيد من التصعيد في عدوانها.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الأمر يتوقف على حقيقة نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بالنسبة إلى المرحلة المقبلة، التي باتت مرتبطة إلى حد بعيد بنتائج الزيارة التي سيقوم بها إلى الولايات المتحدة، رغم التسليم، بالنسبة إلى الواقع في غزة، بأن الرجل لا يريد الذهاب إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، لكنها تشدد على أن المعادلات، التي يضعها "حزب الله"، تبقى عاملاً مهماً في ضبط أو لجم أي خطوة من الممكن أن يفكر فيها.

على صعيد متصل، تشير المصادر المتابعة إلى أنّ خطاب أمين عام "حزب الله" تضمن رسائل أخرى بالغة الأهمية، تتعلق باليوم التالي للعدوان في الجانب اللبناني، لا سيما أن الكثير من الأسئلة حول هذا الأمر كانت تطرح على مدى الأشهر الماضية، وهو ما تقصد الإجابة على بعضها بشكل واضح، خصوصاً لناحية أن الدولة اللبنانية هي الجهة المسؤولة عن التفاوض، في تكرار للموقف الذي كان قد الحزب قد تبناه خلال مرحلة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، بالتزامن مع نفيه كل ما يشاع عن إتفاق جاهز، بعد المعلومات التي كانت قد تحدثت عن إتفاق تم مع المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، ينتظر وقف إطلاق النار في غزة.

ما تقدم، بحسب المصادر نفسها، لا ينفصل عن رسالة أخرى، تتعلق بحديث السيد نصرالله عن أن مستقبل المنطقة ستحدد على ضوء نتائج المعركة الحالية، ما يؤكد أن كل الملفات العالقة، منذ السابع من تشرين الأول الماضي، لن تتم معالجتها في الوقت الراهن، وهو ما قد يتأجل إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، بسبب التعقيدات التي طرأت على المشهد السياسي في الولايات المتحدة، خصوصاً مع تقدم فرص الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض.

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى نقطة بالغة الأهمّية، تتعلق بالوعد الذي أطلقه السيد نصرالله إلى سكان القرى الحدودية، بالنسبة إلى عملية إعادة الإعمار، بعد الكثير من علامات الإستفهام التي رُسمت حول هذه المسألة التي تعتبر جوهرية لدى الحزب، على إعتبار أنها تتعلق بالبيئة الحاضنة وقدرتها على الصمود، ما يعيد إلى الأذهان ما حصل أيضاً بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي في شهر تموز من العام 2006.