صدق حزب الله عندما أعلن على لسان مسؤوليه انه لا يثق بإسرائيل ولا برئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو، فرغم كل ما نُقل عن تطمينات بخصوص الضربة، جاءت العملية الاسرائيلية لتستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، في عملية أمنيّة معقّدة وقاسية للغاية، استهدفت المعاون الجهادي لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، فؤاد شكر، الذي يشغل منصباً مشابهاً لمنصب قادة الجيوش النظاميّة، فهل فعلاً تعرض المسؤولون اللبنانيون للخديعة أم انهم كانوا يعلمون بنية اسرائيل ضرب الضاحية الجنوبية؟.
قبل ساعات من الضربة قال وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب أن "لبنان تلقى تطمينات من دول معيّنة، بأنّ رد إسرائيل على حادثة مجدل شمس في الجولان المحتل سيكون "محدودا"، وان الضربة المحدودة تعني لنا عدم استهداف الضاحية الجنوبية وبيروت"، وبالتالي يمكن القول أن هناك رأيين اليوم في لبنان، الرأي الأول بحسب مصادر سياسية تابعت كل الأجواء السياسية والدبلوماسية التي سبقت الضربة الاسرائيلية، أنّ المسؤولين اللبنانيين كانوا يظنّون بحسب ما نقل إليهم من رسائل، أن الهجوم لن يطال الضاحية الجنوبية وبيروت، وهذه التطمينات وصلت من الجانب الأميركي تحديداً، على إعتبار أن ليس هناك من جهة قادرة أخرى على إعطاء مثلها.
وتضيف المصادر: "إنطلاقاً من الوقائع والاتصالات، يمكن القول ان المسؤولين تعرضوا لخديعة في هذا المجال، وهذا الواقع يعبّر عن سذاجة كبيرة في مقاربة الحرب وشؤونها، نظراً إلى أن الولايات المتحدة شريكة اسرائي في حربها، وبالتالي هي ليست الطرف القادر على إعطاء مثل هذه التطمينات، وبالتالي لم يكن من المجدي تصديقها، خصوصاً أن واشنطن تدرك، قبل غيرها، أنّ إستهداف الضاحية الجنوبية بشكل يؤدي إلى هذا العدد من الضحايا المدنيين لا يمكن أن يمر مرور الكرام، من دون تجاهل حاجة "حزب الله" أيضاً إلى الردّ، لمنع تلّ أبيب من فرض معادلات جديدة عليه.
تكشف المصادر عبر "النشرة" أنّ هؤلاء كانوا شبه متأكّدين أن الضربة الاسرائيلية ستطال البقاع، ولن تكون في بيروت أو الضاحية، ويتحدّثون اليوم عن وجود من أوهمهم بذلك عمداً.
اما الرأي الثاني فيقول بأن المسؤولين كانوا على علم بأن احتمال ضرب الضاحية الجنوبية هو قائم وقوي، وقد تحدّث عنه أولاً ولو بشكل غير مباشر المبعوث الأميركي آموس هوكستين الذي عبّر عن خشيته من قيام اسرائيل بتخطّي الحدود، وخشيته من ردّ حزب الله على الضربة باستخدام صواريخ بعيدة المدى، وأيضاً رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الذي كان الأكثر جرأة وصراحة في التعبير عن صعوبة المرحلة وخطورتها، وبالتالي لا يمكن القول أن المسؤولين في لبنان لم يكونوا على علم.
بحسب المصادر فإن نيّة اسرائيل اغتيال المعاون الجهادي للسيد نصر الله فؤاد شكر تسبق عملية مجدل شمس، فالرجل على لائحة اغتيالاتها منذ زمن، ولكنها كانت تبحث عن ذريعة تُبرر لها هذا الهجوم من خلال القول أنها تقوم بالردّ لا بالمبادرة وبالتالي بعد الحادثة كانت كل الظروف مهيّأة للتنفيذ، وتُشير المصادر الى أنّ الأميركيين كانوا يعلمون بنوايا اسرائيل حتى منذ ما قبل ضربة مجدل شمس، وانّ هدف ما حصل في الجولان كان لمحاولة منع انعكاس الضربة في الضاحية حرباً في المنطقة لا ترغب بها أميركا، كذلك تلفت المصادر النظر الى أن نتانياهو لم يكن ليقدم على هذه الخطوة لولا الغطاء الاميركي والدعم الكامل لما يأتي بعدها، حتى لو أنها حصلت في ظلّ إدارة لا تزال تقول أنّها تعمل لإنهاء الحرب، واقتراب وصول إدارة، بنظر نتانياهو، تمتهن عمليات الاغتيال الكبير كاغتيال قاسم سليماني.
كذلك ترى المصادر أنّ ما قاله نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب عندما اعتبر أنه "إذا سقط ضحايا مدنيّون أو استهدفت بيروت وضواحيها فلن نعتبر ذلك ردًّا مدروسا ومحدودا"، يؤشر أيضاً الى أنّه من خلال حديثه مع هوكستين كان يُدرك أن هذا الاحتمال قائماً، مشيرة الى أن المسؤولين اللبنانيين كانوا على علم ولكنهم ربما رفضوا التصديق أنّ الاسرائيليين يمكن أن يكسروا كل القواعد بهذا الشكل.