رغم كل ما يُحكى عن ملف رئاسة الجمهورية وضرورة انتخاب رئيس يُنهي حالة الفراغ التي تعيشها البلاد، وتأييد كل القوى السياسية لهذا الأمر من حيث المبدأ، انما هي لا تزال تسعى لأن يكون الانتخاب لصالحها، حتى من هم في الخارج، يرون أن الفرصة مؤاتية لوصول رئيس للجمهورية يلبّي طموحاتهم، وهذا ما قد يعني فشل كل المحاولات من جديد.
تتفاوت المواقف اليوم من الاستحقاق المذكور، بين من يرغب بالانتخاب، ومن يريد التأجيل ومن لا يرغب بذلك قبل نهاية الحرب. سنحاول الإضاءة على مواقف الكتل من هذا الملف، بدءاً من التيار الوطني الحر الذي يُعتبر اليوم من المؤيّدين لانتخاب رئيس للجمهورية دون أن يكون الأمر متعلقاً بوقف الحرب ووقف إطلاق النار، على أن يكون المنتخب رئيساً توافقياً لا علاقة له لا برئيس تيار المردة سليمان فرنجية ولا قائد الجيش جوزاف عون، وهو يعتبر بحسب مصادر سياسية متابعة أنّ اللحظة مؤاتية لهذا الطرح.
تُشير المصادر الى أن التيار يعتبر أن التأخير يعني المزيد من تفكك للدولة ويشكل خطراً وجودياً على لبنان، إنما هذا الرأي لا توافقه القوات اللبنانية التي لا تستعجل انتخاب الرئيس اليوم. وبحسب المصادر فإنها قرأت بتخلّي رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن الحوار كشرط أساسي للانتخاب، والموافقة على وصول رئيس توافقي، تنازلاً فرضته الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان وحزب الله واغتيال أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله والقيادات الأخرى، وبالتالي فإنّ انتظار المزيد من نتائج هذه الحرب قد يجعل فريق المقاومة غير قادر على المشاركة حتى باختيار الرئيس، ولذلك بحسب المصادر فإنّ القوات اللبنانية لا تستعجل الانتخاب لتعويلها على نتائج الحرب ورهانها على هزيمة المقاومة.
بالمقابل يقف الثنائي الشيعي أمام خيارات صعبة، فهو قبل أيام من اليوم، قبل اغتيال السيد حسن نصر الله، كان على استعداد لبدء البحث الجدّي بالملف الرئاسي والسير بالمرشح التوافقي، لكن ما حصل بعد اغتيال السيد نصر الله عقّد الموقف، فظهرت مطالب أميركية بوصول رئيس للجمهورية يتولّى ملف التفاوض، وكأنّ المطلوب انتخاب رئيس تحت النار والحرب، وألاّ يكون على توافق مع فريق المقاومة، لذلك تكشف المصادر أن الثنائي فرمل اندفاعته الرئاسية وهو يشدّد اليوم على أولوية وقف الحرب قبل البحث بأيّ أمر آخر، إلا إذا عاد بعض المراهنين على الحرب إلى رشدهم.
أما الحزب التقدمي الإشتراكي فموقفه قريب من الثنائي الشيعي، إذ تكشف المصادر أن رئيس الحزب وليد جنبلاط يتفهم رغبة الثنائي بعدم المضي قدماً بانتخابات رئاسية تحت وقع الحرب، مشيرة إلى أن جنبلاط بنفس الوقت يعتبر أن الوقت بات مناسباً لانتخاب رئيس توافقيّ، يطمئن حزب الله وخصومه بنفس الوقت.