في خطابه الأخير يقول أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم: "حزب الله" لا يعول إلا على الميدان، ونحن لن نبني توقع وقف العدوان على حراك سياسي، ولن نستجدي لإيقاف العدوان، سنجعل العدو هو الذي يسعى إلى المطالبة بوقفه"، وفي ذلك رسالة واضحة بأن طاولة التفاوض رغم كل ما يُحكى ويُقال لم تُعقد بعد بشكل جدّي، فالكلمة لا تزال للميدان، في لبنان وإيران.
بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا نجح رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بالحصول على فرصة زمنية إضافية بغية الوصول إلى هدفه الأسمى وهو ضرب إيران، ومن الأدلة على هذه الرغبة ما نقلته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن أوساط مقربة منه قولها أن الرجل مقتنع بأن "النصر الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون توجيه ضربة حقيقية لها، مع التركيز على برنامجها النووي"، وبالتالي لم يعد مخفياً هدف نتانياهو الأساسي، والذي إن حققه سيوقف الحرب بعد عام ونيّف على اندلاعها، ولذلك عليه إقناع رئيسين أميركيين، تقول مصادر سياسية لبنانية.
ترى المصادر أن رئيس الحكومة الاسرائيلية فشل قبل الانتخابات وخلال كل المرحلة الماضية للحرب من إقناع الديمقراطيين وتحديداً إدارة جو بايدن من دعمه لضرب إيران وبرنامجها النووي، خصوصاً بعد أن اكتشف أن هذا المشروع يتطلب تعاوناً أميركياً مباشراً لا يقتصر فقط على الدعم اللوجستي والتغطية السياسية، مشيرة إلى أن هذا الفشل لم يُنهِ أحلام نتانياهو، لذلك عوّل على وصول ترامب إلى البيت الأبيض ولم يحقق للديمقراطيين ما كانوا يعملون لأجله من وقف للحرب للإستثمار الإنتخابي.
اليوم يعتبر نتانياهو أن أمامه فرصة جديدة، تتمثل أولا بأن بايدن لم يعد لديه ما يخسره ولم يعد بحاجة للتفكير بالحرب الإقليميّة، ولا يخشى انعكاس أي مسألة على الانتخابات الأميركية، وبالتالي لديه فرصة بأن يكون الرئيس الأميركي الذي يُنهي طموحات إيران النوويّة، ويضرب الملف الذي شغل العالم لسنوات طويلة، وبالنسبة إلى المصادر فإنّ نتانياهو يعوّل على موافقة بايدن على هجوم كهذا، وموافقة ترامب عليه، فبالنسبة إلى الرئيس الأميركي الجديد الراغب بالسلام في الشرق الأوسط، والذي يراه من خلال عيون إسرائيل، ويُريد زيادة مساحة هذا الكيان، لن يجد أفضل، بحسب ما يعتقد نتانياهو، من أن يتسلم منصبه في البيت الأبيض بعد ضربة قاضية لملف إيران النووي، تسهل له مهمته.
هكذا يرى أن الفرصة الذهبية هي الآن، ولهذه الأسباب يرى حزب الله أن زمن التفاوض لم يحن بعد ولا يوجد سوى الميدان لإفشال خطط نتانياهو، لذلك تكشف المصادر أن الحزب بصدد تكثيف عمله العسكري، ورفع مستوى النوعيّة، وما شهده الميدان خلال الساعات الماضية من استخدام لصواريخ جديدة يُعتبر بمثابة المقبّلات لما هو مقبل، فهو يرى أن الفرصة الزمنية المثالية لرئيس الحكومة الاسرائيلية يجب أن تتحول فرصة زمنية له لكي تبدل المشهد، وهو على قناعة بأنه قادر على ذلك.
تختم المصادر بالتأكيد على أن الأيام المقبلة ستشهد على مفاجآت عديدة، وفي أكثر من ساحة، على أن يكون المشهد أوضح خلال أسابيع، فهل ينجح نتانياهو بتحقيق حلمه، أم يعود الى الحظيرة بعد ترويضه؟.