منذ ما قبل الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، تُطرح في الأوساط السياسية الكثير من الأسئلة حول كيفية الوصول إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، على قاعدة إقتناع معظم الأفرقاء بضرورة إنهاء الشغور الرئاسي بأسرع وقت ممكن، في ظل التحديات المنتظرة في المرحلة المقبلة.

منذ تحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعداً لجلسة إنتخاب، في 9 كانون الثاني المقبل، يدور حديث في الأوساط المحلية عن أن هذه الجلسة ستكون حاسمة، حيث تتحدث مختلف القوى السياسية عن مؤشرات إيجابيّة، تبدأ من عدم حديث قوى الثامن من آذار، تحديداً "حزب الله" و"حركة أمل"، عن شروط مسبقة، كالذهاب إلى الحوار أو التوافق، قبل الوصول إلى موعد الجلسة، لكن هذا لا يعني سحب ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، نظراً إلى أن هذه القوى لا تزال ترى أن من الممكن التوافق على الإسم، على عكس ما تؤكد قوى المعارضة.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه من الناحية المبدئية هناك أكثر من سيناريو حول الجلسة المنتظرة، تبدأ من إحتمال حصول إتفاق على إسم الرئيس المقبل، في الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة، الأمر الذي يتطلب مبادرة قوى الثامن من آذار إلى تقديم تنازلات، في حال أصرت باقي القوى على الإستمرار في رفض إنتخاب فرنجية، حيث تلمح إلى ما كان يُطرح، في الفترة الماضية، عن أن إنتخاب الرئيس جزء غير معلن من إتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنّها تسأل عن الأسباب التي ستدفع قوى الثامن من آذار إلى تنازل من هذا النوع، من دون ضمانات كبرى، خصوصاً أنها تعتبر نفسها في مرحلة هي الأخطر من تاريخ لبنان.

في موازاة ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى سناريو آخر يقوم على أساس عدم حصول أي إتفاق مسبق على إسم الرئيس، لكن من دون أن يذهب أي فريق إلى إستخدام ورقة النصاب في الدورة الثانية، ما يعني ترك اللعبة الديمقراطية تأخذ مجراها الطبيعي، الأمر الذي ترى أنه بالإضافة إلى صعوبة توقع حصوله، قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة على مستوى المرحلة التي تلي، لا سيما بالنسبة إلى سهولة الإتفاق على إسم رئيس الحكومة المكلف وتركيبتها وبرنامج عملها، وتضيف: "ليس هناك من يعتقد أن هذا السيناريو هو الأفضل، بل على العكس من ذلك قد يكون هو الأخطر، بسبب تركيبة البلد والهواجس التي لدى كل فريق".

بالإضافة إلى ما تقدم، تتحدث هذه المصادر عن سيناريو ثالث، يقوم على تدخل القوى الخارجية، الدولية والإقليمية، بشكل مكثّف لرعاية تفاهم سريع حول الإستحقاق الرئاسي، يكون من ضمن سلة شاملة يتم الاتفاق فيها على إسم رئيس الحكومة المكلف وتركيبتها وبرنامج عملها، على قاعدة أنّ المطلوب الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة السياسية في البلاد، لكنها ترى أن هذا الامر يحتاج إلى تفاهمات كبرى، لا تبدو ظروفها ناضجة، على الأقل حتى الآن.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، بالإضافة إلى السيناريوهات المذكورة في الأعلى، هناك أخرى، تتعلق بعدم الذهاب إلى إنتخاب رئيس في تلك الجلسة، تبدأ من العودة إلى لعبة النصاب، من قبل أي فريق يرى أن لا مصلحة له بذلك، ولا تنتهي بإحتمال عدم حصول أي مرشح على أكثرية 65 صوتاً، في حال لم يُصار إلى تعطيل النصاب، وتضيف: "هذا الواقع قد يؤدّي إلى أزمة كبرى في البلاد، أو إلى فتح باب الحوار الجدّي للوصول إلى تفاهم".

في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أن الأمور مفتوحة على كافة الإحتمالات، خصوصاً أن ليس هناك من توجه محسوم حتى الآن، حيث أن البعض بدأ يتحدث عن دور من الممكن أن يلعبه مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان يستطيع ذلك قبل تسلم ترامب رسمياً، والا فإنّ الأمور ستؤجّل إلى ما بعد ذلك، وكيف سيكون الواقع اللبناني في ذلك الوقت.