لم يُعجب إسرائيل مشهد عودة الجنوبيين إلى قراهم مع اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار، ولم تكن اسرائيل راضية تماماً عن الإتفاق الذي فُرض في الميدان أولاً وفي أروقة السياسة الدولية ثانياً، لذلك يتصرف العدو اليوم بشكل يوحي وكأنه الآمر العسكري في منطقة جنوب الليطاني، ويقدم لشعبه صورة الجيش الذي سيطبق القرار الدولي 1701 بالقوّة، لذلك تجاوزت خروقاته الـ55 خرقاً حتى لحظة كتابة هذا المقال.

بعد انتهاء حرب تموز عام 2006 مارس العدو الإسرائيلي عدوانيته في الجنوب لأكثر من مرة، كما استمر تواجده العسكري فيه إلى ما بعد انتهاء الحرب بشهرين تقريباً، واليوم يتكرر المشهد، مع فارق بسيط بوجود هدف يسعى إليه بأن يكرس تدخله بالنار، وهو ما لا يمكن القبول باستمراره، لذلك تُشير مصادر سياسية لبنانية إلى أن لبنان الذي يمارس حزب الله ضبطاً للنفس ورفضاً للاستفزازات الإسرائيلية، يتواصل مع القوى الدولية التي عملت على خط إنهاء الحرب للجم الإسرائيلي.

وترى المصادر أن التعويل اليوم سيكون على المظلة الدولية التي ظللت الإتفاق، وبناء عليه يُنتظر في الساعات المقبلة وصول الممثل الفرنسي داخل لجنة مراقبة تطبيق الإتفاق، بعد أن وصل رئيس اللجنة الجنرال الاميركي جاسبر جيفيرز منذ أيام، مشيرة عبر "النشرة" إلى أن عمل اللجنة يُفترض أن ينطلق هذا الأسبوع، وهناك وعود أميركية وفرنسية بوقف الخروقات الإسرائيلية.

كذلك تكشف المصادر أن لبنان سيطرح مع اللجنة فور تسلمها لمهامها مسألة عودة النازحين الجنوبيين إلى قراهم، وتسريع عملية الانسحاب الإسرائيلي، ومسألة الخروقات الجوية حيث لا تزال المسيرات حاضرة في سماء لبنان، كذلك الطائرات الحربية التي تحلق على علوّ منخفض في الجنوب ومناطق أخرى.

تؤكد المصادر تمسك لبنان بكامل حقوقه في أراضيه وعودة النازحين إلى الحدود وإعادة الإعمار، حيث يبدو لافتاً في هذا الملف بدء الحركة، في الداخل والخارج، تحديداً من خلال الدور الذي ستؤديه قطر في هذا المجال، مشيرة إلى أن لبنان سيرفض فرض أي شروط عليه من خارج الاتفاق ولن يسمح بتثبيت أمر واقع يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية.

كان لافتاً في الخروقات الإسرائيلية ما اعلنته ​قيادة الجيش اللبناني​، عن أنّ "مسيّرةً للعدو الإسرائيلي استهدفت جرّافةً له، أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبّارة العسكري في منطقة حوش السيد علي-الهرمل، ما أدّى إلى إصابة أحد العسكريّين بجروح متوسّطة"، فهذا الخرق يتخطى ما أعلنه العدو عن نيته استهداف كل خرق للاتفاق من قبل المقاومة، وترى المصادر أن الاعتداء على الجيش يعني بشكل واضح أن العدو لا يفرق بين لبناني وآخر وبين مكون وآخر، مشددة على أن الأميركيين سيكون لهم موقف جاد من استهداف الجيش اللبناني لأنهم يعولون عليه من أجل تطبيق اتفاق وقف النار، كما أنهم يرون أن الإعتداء على الجيش وتحليق المسيرات الإسرائيلية فوق مدينة بيروت هما الخرقين الأبرز حتى اللحظة.

وتكشف المصادر أن قيادة الجيش أبلغت المستوى السياسي أن العدو الإسرائيلي يحاول عرقلة انتشاره في الجنوب، خصوصاً بعد القرار بانتشار 6 آلاف جندي خلال أقل من 8 أسابيع، مشيرة إلى أن هذه المسألة ستكون أولوية لدى اللجنة الدولية، حيث أن فرنسا تمارس ضغوطاً على الجيش اللبناني من أجل الإنتشار سريعاً، مشيرة إلى أن لبنان بانتظار اللجنة اليوم لتتحرك قبل أن يتحرك من اجل الدفاع عن سيادته وحقوقه، وتتكرر عمليات المقاومة التي بدأت امس بشكل تحذيري على موقع داخل مزارع شبعا المحتلة.