أظهرت معطيات عملية التأليف الحكومي ان مطالب القوى السياسية من رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام تعدّدت وفرملت الاندفاعة السريعة لولادة الحكومة، حيث واجه سلام بشكل رئيسي مشكلة التمثيل السنّي، بعد اعتراض الكتل النيابية السنّية على تجاهل احجامها، وهو ما أثاره تكتل "الاعتدال الوطني" بصورة خاصة، معترضاً على القفز فوق الواقع التمثيلي للتكتل في الشمال. بينما كان يحاول قياديو "المستقبل" ضمناً، الاّ يكون التمثيل الحكومي السنّي بعيداً عن أجوائهم أو خصماً سياسياً لتيارهم.

كما ان القوى السياسية المسيحية طالبت بحقائب حكومية وازنة، مما وضع سلام في مساحة التجاذب بين بعضها من جهة، وبينها وبين قوى التغيير من جهة ثانية.

وأشارت مصادر مطّلعة، لـ"النشرة" إلى أن الاعتراض التغييري سُجّل على مشاركة الثنائي الشيعي بإتجاهين: حقيبة المال، واسم الوزير المطروح. مما أطلق حملة واسعة لرفض الرضوخ لمطالب الثنائي المذكور، لاقت تجاوباً عربياً و دولياً مؤيداً لرأي القوى المعترضة على التسمية الشيعية تحديداً، فإضطر سلام إلى التصريح من بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون، بأنّ وزارة المال ليست حكراً لأحد، او ممنوعة عن احد.

ورأت المصادر نفسها "ان الدخول العربي - الدولي على ملف التأليف جاء نتيجة الحديث ايضاً عن وجود ثلث معطّل داخل جسم الحكومة العتيدة، عبر حصة الثنائي الشيعي وحلفائه التقليديين"، رغم ان التحالفات تغيّرت، ولم يعد التيار "الوطني الحر" حليفاً لحزب الله، كما كان سابقاً.

كل ذلك طرح سؤالاً جوهرياً: هل يحاول سلام التفلّت نهائياً من تمثيل الثنائي الشيعي في الحكومة، تحت حجة الأسماء المطروحة، وتسمية وزراء من دون موافقة الثنائي، لإحراج كل من "حركة امل" و "حزب الله"، واخراجهما من الحكومة؟ في حال حصل ذلك، سيتجه الثنائي الشيعي لعدم اعطاء الثقة النيابية للحكومة العتيدة، لكن القوى السياسية الأخرى ستجد نفسها محكومة بالسقف ذاته الذي أدى إلى تسمية نواف سلام لتأليف الحكومة.