ليس تفصيلاً أن يلتقي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بغالبية القوى السياسية التي ستشكل الحكومة المقبلة، ما عدا الثنائي الشيعي، خصوصاً أنّ لقاء الرجل برئيس المجلس النيابي كان لقاءً بروتوكولياً عادياً لم يتم خلاله التطرق إلى أيّ ملف سياسي، فهل يوجّه "السعودي" نحو تشكيل حكومة أمر واقع؟

منذ اللحظة الأولى المرافقة لعملية تكليف القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة بدا واضحاً أن الثنائي الشيعي لم يكن راضياً، وكان هذا المدخل الأساسي الذي دفع خصوم الثنائي وإعلامهم لاتهامه بأنه السبب بتعطيل التشكيل، خصوصاً مع بروز معضلة وزارة المال التي يطالب الثنائي أن تكون من حصته، وتسليم الآخرين بأن تكون المالية شيعيّة بشرط أن يتولاها وزير من خارج الثنائي، ولكن بالواقع ليس هذا التفصيل فقط ما يُعيق الولادة الحكوميّة.

بحسب مصادر سياسية متابعة فإن المسألة الشيعية داخل الحكومة محسومة من حيث الحصة، لكنها لم تُحسم بعد من حيث الأسماء بعد فهناك خلاف حول إسم وزير المال حيث يُصر رئيس المجلس على إسم ياسين جابر بمقابل طروحات رئيس الحكومة المكلف الذي يطرح أسماء شيعية من خارج الثنائي من بينها لمياء مبيض وطلال سلمان، وهناك خلاف أيضاً على أسماء وزراء يقترح توزيرهم حزب الله ويعتبر سلام أنهم غير ملائمين للحكومة التي يعمل على تشكيلها.

وتُشير المصادر إلى أن مسألة "شيعية" وزارة المال بالنسبة للثنائي تتعلق به كفريق سياسي يمثل الطائفة في البرلمان والحائز على كامل الحصة البرلمانية الشيعية بعد الانتخابات الأخيرة، وبالتالي من غير المنطقي توزير في وزارة المال من لا علاقة له بهما أو حتى يُعتبر خصماً لهما بالسياسة، فالمسألة سياسية أيضا وليست طائفيّة حصراً، ولذلك فإنّ الإصرار على جابر لا يعني حصرية الإسم بقدر ما يُريد بري القول أنه يرفض الفكرة التي يحاول البعض فرضها من خلال القبول بتوزير شيعي في الماليّة على ألاّ يكون من حصة الثنائي.

إنما ليست المسألة الشيعية هي التي تُعيق التشكيل فقط، فهناك مشاكل تمثيل لبقاء المكونات، ففي الشق المسيحي هناك صراع بين التيار الوطني الحر والقوات، فالأول الذي يرفض أن تحصل كتلة نوابه المطرودين والمستقيلين على حصة، يعتبر أن أصوات التيار التي أوصلت النواب هي التي تستحق التمثيل، وبالتالي حصته يجب أن تكون مساوية لحصة القوات اللبنانية، فكتلته كانت 18 وكتلة القوات 19، وهذه معضلة، علماً أنّ للقوات أيضاً مشكلتها فهي تطالب بوزارة سياديّة واخرى خدماتيّة، ورئيس الجمهورية يسعى للحصول على حصة من الحقائب السياديّة الضامنة للأمن أيضاً.

في الشارع السنّي الوضع ليس أفضل، فهناك صراع كبير على وزارة الداخليّة، وهناك حصة من الوزارات "الاستثماريّة" يسعى "الخارج" لأن يكون فيها من يُعتبر قريباً منه كشرط للإستثمار، وهناك حصّة لجماعات المجتمع المدني المدعوم خارجيّا، وهذا سيكون له حديث مفصّل لاحقاً، لذلك بظل كل هذه المشاكل هناك من ينصح نواف سلام بأن يرسم التشكيلة التي يراها مناسبة ويتوجّه بها إلى قصر بعبدا للتشاور بخصوصها مع الرئيس جوزاف عون وتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة والتوجّه نحو البرلمان، وعندها من يختار رفضها فليصوت بلا ثقة.

بهذه الطريقة، تقول المصادر أنّ سلام قد يعطي الماليّة للشيعة لكن لإسم يختاره، وسيعطيهم الحصّة المتفق عليها مع الأسماء التي اختاروها، وسيضعهم أمام الأمر الواقع، تماما كما سيفعل مع الآخرين، فهو سيكون قد مثّل الجميع إنما بحسب ما يراه مناسباً وسينتظر الثقة بناء على السطوة الخارجيّة، وهذا ما سيكون الإمتحان الثاني امام العهد بعد الامتحان الأمني في الجنوب، فهل يبدأ العهد بقنابل موقوتة من هذا الحجم؟!.