رأت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنه "لا بد لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد أن تتغير كي تستعيد موقعها ودورها وعافيتها، وتخرج من أعباء سنوات الاحتراب الثقيلة والقيود الدولية التي كبلتها وأنهكت الشعب السوري".

وأشارت إلى أن "الفترة الانتقالية التي رافقت وصول النظام الجديد، وضعت سوريا أمام مصير مجهول غير معروف التوجه لا داخلياً ولا عربياً ولا خارجياً، وكأنها دخلت في حالة فراغ، حملت معها مخاوف داخلية وعربية استناداً إلى إرث ثقيل للجماعات المسلحة التي وضعت يدها على السلطة. مخاوف مما تحمله من أفكار وتوجهات وقيم وسوابق تتعارض مع حاجات الشعب السوري والقيم التي فطر عليها من تآلف تاريخي بين مختلف أطيافه ومذاهبه ومعتقداته، وتوقه للحرية والديمقراطية؟".

وأضافت: "لأن الدول مثل الطبيعة تكره الفراغ كما يقول أرسطو، فإن بقاء المرحلة الانتقالية في سوريا كانت ستشكل عبئاً ثقيلاً على النظام الجديد، وستقدمه للعالم على أنه غير قادر على الولوج بسوريا إلى مرحلة جديدة تخرجه من حالة الأزمة المزمنة، وأنه يريد السلطة للسلطة، ولا يستطيع التغيير، ولا التخلي عن أفكاره التي حمل أثناءها السلاح من أجل التغيير".

ولفتت إلى أن "الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها السلطة الجديدة بتعيين أحمد الشرع رئيساً لسوريا في المرحلة الانتقالية، ويقوم بمهام رئاسة الجمهورية، ويمثلها في المحافل الدولية، على أن يشكل مجلساً يتولى التشريع في البلاد إلى حين كتابة الدستور الجديد بدلاً من الدستور الذي أُلغي، إضافة إلى حل الجيش والأجهزة الأمنية القديمة وإعادة بناء الجيش على أسس وطنية، وحل حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية وحل مجلس الشعب، تعتبر من وجهة نظر النظام الجديد خطوة لا بد منها لإعادة بناء المؤسسات، لأن دولة بلا مؤسسات لا يمكن أن تعيش ولا يمكن أن تقوم لها أركان سلطة".

وسألت: "هل يمكن بناء دولة في ظل تشظي القوة العسكرية المهيمنة من دون ضابط أو رابط بينها؟ ثم من أين تستمد السلطة الجديدة شرعيتها من دون وجود دستور يفصل بين السلطات، ويحدد دور المؤسسات؟ ذلك أن أي شرعية لا تقوم من خلال شرعية الشعب لا يعتد بها، لكن ما حصل هو شرعي في الواقع وما حصل هو إدارة سياسية لمرحلة مؤقتة إلى حين استكمال بناء المؤسسات وفق الإرادة الشعبية، وليس وفق خيارات ورؤى مجموعات مسلحة لا تزال تقبض على الموقف الأمني والسياسي، وتحدد اتجاهاته".

واعتبرت أنه "لا بد من وجود إطار دستوري لملء الفراغ يحدد بشكل واضح ملامح المرحلة المقبلة"، مشيرة إلى أنه "لا يكفي أن يتحدث الشرع عن مرحلة مضت والحفاظ على السلم الأهلي والبنية الاقتصادية التنموية، واستعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية، إذ لا بد من فكر جديد يقوم على إقامة توافق داخلي بالتأكيد على السلم الأهلي وتكريس الوحدة الوطنية، وجعل المواطنة هي الأساس الذي يقوم عليه الوطن، وعدم العودة إلى الانتقام والإقصاء والاستبعاد، وعلى أن يكون القانون فوق الجميع، وعدم العودة إلى النظام الأمني، وضمان الحرية والديمقراطية كأساس للحكم".

وسألت: "هل تنجح سوريا في المرحلة الجديدة على عكس تجارب الآخرين الذين دخلوا في مراحل انتقالية وكأنها لم تتغير؟"