اكد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اننا نريد استعادة ثقة المواطنين الذين عانوا من الكثير من الأزمات المالية والاقتصادية والتي تجاوز عمرها ست سنوات، إضافة الى انفجار مرفأ بيروت وكذلك من الحرب الأخيرة التي تعرض لها لبنان.

ولفت في حديثه التلفزيوني الأول الذي اجراه مساء اليوم من السراي الحكومي الى ان الإحصاء المركزي لمنصة العمل الدولية يقول إن رغبة الشباب في لبنان بالسفر تبلغ 69%. نريد أن نعكس هذا الواقع، مشددا على وجوب أن يشعر الشباب بأن لديهم فرص عمل وأمل، وأن نغيّر هذه المؤشرات . وقال:" لم أنقطع يومًا عن لبنان، وكنت سفيرًا للبنان في الأمم المتحدة ومحاميًا له على مدى عشر سنوات ، و لقد فوّتْنا العديد من الفرص في لبنان، ولا يجب أن نستمر في ذلك".

واعتبر انه فوّتْنا العديد من الفرص، ومنها ما بعد الانسحاب الإسرائيلي عام ٢٠٠٠،وكذلك بعد الانسحاب السوري من لبنان عام ٢٠٠٥ ، مؤكدا انه "كفى تفويتا للفرص"، لافتا الى انه كان هناك ايضا انتقائية في تطبيق اتفاق الطائف .

واعتبر سلام انه وتعزيزًا لمبدأ فصل السلطات، كان المعيار الأول الذي اعتمدته عدم توزير أي نائب، كما اشترطتُ عدم ترشّح أي من الوزراء للانتخابات البلدية أو النيابية دعمًا لحياد الحكومة ونزاهته . وقال:" أعلم أن الأحزاب تشكّل أساسًا لأي حياة ديمقراطية سليمة، لكن في هذه المرحلة كنت أخشى أن تتحوّل الحكومة إلى ساحة للمناكفات السياسية، بينما أمامها مهام كبيرة".

ولفت الى انه اعتمد معيار البحث عن كفاءات تعمل في الشأن العام والسياسات العامة، أي أشخاص متمرّسين في هذا المجال. أما من ليسوا متمرّسين في السياسات العامة، فكان لا بد أن يكون لديهم قصص نجاح في مجالاتهم. وقال :" كان عليّ أن أنال الثقة، ولذلك كان على الوزراء أن يكونوا مقبولين من الكتل النيابية دون أن يكونوا حزبيين، وكشف ان هناك بعض الكتل حاولت فرض معاييرها عليه، مثل حجم تمثيلها وعدد وزرائها.

واعتبر انه كان لدى التيار الوطني الحر مشكلة في حجم تمثيله بسبب الفارق بين عدد نوابه الحالين وعدد نوابه السابقين، بالإضافة إلى عدد أصواته النيابية، ولكن لم أتمكن من فهم هذه الحسابات.

اما بالنسبة الى تكتل الاعتدال، فقال سلام :" كان هناك إشكال حول التمثيل المناطقي الذي طالبوا به و طرحت عليهم أسماء ذات كفاءة أعلى من تلك التي عرضوها عليّ".

واكد سلام انه لا توجد وزارة حكرا على طائفة، ولا وزارة ممنوعة على طائفة، مشيرا الى ان جميع الوزارات هي وزارات سيادية، ولفت الى ان تصنيف الوزارات الأربع على أنها محصورة بالطوائف الأربع الكبرى هو تقليد جديد لا يتناسب مع تاريخ البلد.

واعتبر رئيس الحكومة ان أبناء الجنوب، وبعد الحرب، اعتبروا أنفسهم مجروحين، ويجب مراعاة هذه الجروح وتضميدها، ولو تم تغيير وزير المالية، لكان ذلك اعتُبر انقضاضًا سياسيًا على الطائفة الشيعية، مشددا على ضرورة عدم وجوب أن يشعر أي فريق بأنه منكسر، ولكن في الوقت نفسه، مؤكدا ان وزارة المالية ليست حكرًا على الشيعة في اتفاق الطائف، ولا يوجد أي عرف يكرّس ذلك.

وأشار سلام إلى ان لجنة البيان الوزاري اجتمعت اليوم بعد الظهر والبيان سيرد على التحديات التي يواجهها البلد، والتحدي الأول الذي نواجهه جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي واعادة الاعمار. ولا بد من التأكيد على التنفيذ الكامل للقرار1701 وعلى وتفاهمات وقف إطلاق النار والتزام عملية إعادة الأعمار.، وهناك تحديات ثانية هي الإصلاح المالي والاقتصادي والإصلاح السياسي وهما متلازمان ومن هنا أردت أن اطلق على الحكومة عنوان الإصلاح والانقاذ.

وأعلن نريد الانسحاب الاسرائيلي أن يتم في 16 شباط وليس في18 منه، ونحن سنستمر بتجنيد كل القوى الديبلوماسية والسياسية لننجز الانسحاب قبل تاريخه. وسنجند كل الطاقات الديبلوماسية للضغوط على إسرائيل ونحن نقوم بدورنا كاملا من خلال إرسال الجيش والتعامل بجدية لتطبيق القرار1701، وهناك آلية المراقبة التي تقوم بدورها ولسنا مقصرين بالقيام بالتزاماتنا. ونحن نريد أن نسبق الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب.

واعتبر سلام أن الناس تفاءلت ورأت بأن هناك صفحة جديدة فتحت مع انتخاب الرئيس جوزف عون ومع خطاب القسم وتشكيل الحكومة ولكن عمر هذه الحكومة نحو شهر وهذا الوقت القصير لا يبدد شعور عدم الثقة، وعلى الناس أن تصبر علينا ثم محاسبتنا على التنفيذ وانا واثق بأننا سننفذ. وما يهمنا هو أن نبقى على قدر طموحات الناس والشباب.

وأشار سلام في ما يتعلق بموضوع السلاح في شمال وجنوب الليطاني وعلى امتداد مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة وما يجب أن يطبق في هذا الخصوص هو ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني التي تقول ببسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل اراضيها، وهذا قبل القرار 1701 وقرار وقف إطلاق النار الأخير واي شيء اخر. اما منطقة جنوب الليطاني فهي منطقة منزوعة السلاح، وتذاكينا في السنوات الماضية، وهذا ما جعلنا ندفع الثمن الغالي، وخاصة أهلنا في الجنوب الذين دمرت قراهم، ونحن لذلك ملتزمين بإعادة بناء ما تهدم.

اما بالنسبة إلى الإصلاحات الاقتصادية فإننا ما نريد شطبه هو الكلام عن شطب الودائع ونود شطب هذه الفكرة، معتبرا أن البيان الوزاري سيتضمن مسألة الودائع.

وأكد سلام أن الدولة تكون قوية بمقدار استعادة ثقة المواطنين ومن دون إعادة الصحة إلى القطاع المصرفي لن تكون هناك استثمارات وبالتالي لا ودائع، من هنا ضرورة إعادة هيكلة المصارف والثقة بها باعتبار انها ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي في البلد. هذا بالاضافة إلى العمل بجدية على استقلالية القضاء."

واضاف:" من دون قضاء مستقل لا حماية للحريات ولا ضمانة لأي حق من حقوق الناس ولا استثمارات لذلك البداية يجب أن تكون من إعادة الثقة بالدولة التي لا يمكن أن تتحقق الا استقلالية القضاء التي تشكل نقطة تقاطع بين الإصلاحات المالية الاقتصادية المطلوبة وبين الإصلاحات السياسية. واستقلالية القضاء لن تتحقق الا عبر انشاء السلطة القضائية المستقلة. وعلينا أن نعرف ان القضاء العدلي والقضاء الإداري والقضاء المالي يشكلون السلطة القضائية."

واكد سلام "على ضرورة استكمال الإصلاحات التي نص عليها اتفاق الطائف والتأخير بتطبيق اللامركزية الادارية الموسعة أدى إلى جنح البعض نحو الفيدرالية. وللأسف هناك عملية تخويف من تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية."

وشدد سلام على أهمية تحصين الدستور وتفسيره وإبعاده عن التجاذبات السياسية ومفهوم الأكثرية والاقلية."

وقال: "هناك مجموعة من الأولويات الأفقية قبل الأولويات العمودية وكلها ملفات ملحة ومن حق المواطنين الحصول على 24 ساعة من التيار الكهربائي، والاهم هو تشكيل الهيئة الناظمة التي لم تتشكل حتى اليوم علما انه علينا البدء بتشكيل الهيئات الناظمة وملء الشواغر في المراكز الادارية ونحن ملزمون المناصفة في وظائف الفئة الأولى وعلينا العودة إلى مجلس الخدمة المدنية وتنظيم المباراة الوظيفية وتفعيل الأجهزة الرقابية واعتماد آليات واضحة وشفافة في التعيينات وملء الشواغر."

وعن الفرص التي يمكن ان يبنيها لبنان وسوريا معا في شأن الاستثمارات والإعمار واعادة النازحين، أوضح سلام" ان المسالة تتطلب حوار بين لبنان وسوريا على مختلف الملفات وهي اليوم قابلة للحل او المعالجة اكثر من السابق. اما بالنسبة لموضوع علاقات لبنان مع دول الخليج، هذا الامر بحاجة إلى ترميم كي نستطيع الاستفادة من الخدمات الاستثمارية". وقال:" هناك فرصة جديدة أمامنا ونحن والعرب على خط واحد"

عن موضوع تمويل الإعمار في الجنوب، اكد رئيس الحكومة ان هذا" وعد والتزام، انه التزامنا تجاه اهلنا في الجنوب وسوف نسعى لتحقيقه وهذا يتطلب دعم عربي ودولي، وفي المرحلة الاولى علينا اخراج اسرائيل من الجنوب وتامين شروط استقرار هناك يتطلب استكمال تنفيذ القرار 1701 ووقف الأعمال العدائية، بعدها ندخل فورا إلى موضوع اعادة الإعمار وهذا التزام، وحينها يمكننا التوجه إلى إخواننا العرب والى المنظمات الدولية من اجل حشد الاموال الضرورية للإعمار". لافتا إلى أن تقديرات البنك الدولي منذ فترة قصيرة أشارت إلى ان كلفة الإعمار هي بين 8 و 9 مليار دولار، انما للأسف اليوم ارتفعت إلى 10 او 11 مليار دولار".

وعن إمكانية ان يكون هناك قانون انتخاب جديد، قال:" على الصعيد الشخصي هذا القانون الانتخابي لا يرضيني، انه تشويه لكل ما قمنا فيه في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخاب وكنت حينها اميناً للسر".

وشدد سلام على" أننا نحصن انفسنا من خلال ثقة الناس التي يجب ان نستردها، وثقة الشباب فهذا البلد لهم. فخطاب قسم الرئيس نحن سنساعد في بنائه وهذا الأمر لا يمكن ان يحصل بيوم والشباب هم جزء من هذه الورشة".

وحول اشتراطه ان يكون الوزير من خريجي الجامعة الاميركية، أوضح انها" مسالة أسيء فهمها والبعض حاولوا الاصطياد في المياه العكرة، طبعا لم اقل هذا الكلام، وانا احد خريجي الجامعة اللبنانية فكيف أقول كلاما يسيء اليها".

وعن رؤيته الخاصة للإنقاذ، اجاب:" كنت لمدة عشر سنوات سفيرا للبنان ومحام عنه في الامم المتحدة، وعندما كنت في محكمة العدل الدولية ومن خلال الملفات التي كانت امامي، بقيت قريبا من هموم المنطقة. ما جعلني أكون هنا هو ثقتي في هذا البلد والفرصة الني رايتها متاحة امامه، وهذه الفرصة اصبحت مضاعفة مع انتخاب الرئيس عون وخطاب القسم، إضافة إلى الثقة التي وجدتها في المواطنين".

وأردف:" لقد وقعت مع فخامة الرئيس على مرسوم تشكيل الحكومة المؤلفة من 24 وزيرا وكلنا حكومة واحدة متضامنة، وكل كلام عن التعطيل هو من السابق"

وعن قدرة الحكومة على تعزيز دور المرأة، ان المرأة تشكل نصف المجتمع وكان من المفترض ان "نعمل" احسن، اي لا في القانون الانتخابي الذي كنا وضعناه مع الوزير الراحل فؤاد بطرس، اشرنا إلى ضرورة ان تضم تركيبة كل لائحة ثلث مقابل ثلثين والحرية للناخب بان يختار ما يناسبه، وهذا ما يسمى بالتمييز الإيجابي

وختم بالقول :"أنا سعيد ان تكون مقابلتي الاولى عبر شاشة تلفزيون لبنان الذي يجب ان يستعيد دوره ونامل ان يعود إلى تألقه، ولاستعادة ثقة المواطنين علينا مصارحتهم عبر التواصل معهم من خلال وسائل الاعلام".