أوضح عضو كتلة "اللّقاء الدّيمقراطي" النّائب مروان حمادة، عمّا إذا كان يتوقّع فرار الرّئيس السّوري السّابق بشار الأسد وسقوط نظامه، "أنّني كنت ربّما أتوقّع أن يجري انقلاب معيّن، أي أن تتمرّد وحدة من وحدات الجيش السّوري كالفرقة الرّابعة وتخرج على سلطة قائدها شقيقه ماهر الأسد. وقلت ربّما يحرّكها الحرص على الدّولة السّوريّة الخاضعة للنّفوذ الإيراني. لم أكن أتوقّع هذا الانهيار الكامل الّذي بدت بوادره في عدم الرّدّ على إسرائيل على مدى أكثر من سنة. لم يصدر بيان عن غزة ولا قبل ذلك. غارات يوميّة على سوريا ولا ردّ".
وأشار، في حديث لصحيفة "الشّرق الأوسط"، إلى أنّ "النّظام السّوري كان مهتمًّا دائمًا بالسّيطرة على قرارين حتّى لا نقول جغرافيّتَين: القرار اللّبناني المستقل والقرار الفلسطيني المستقل، وهذا هو سرّ العداء المستمر لقيام دولة متماسكة في لبنان. طبعًا أن يكون لبنان مقاطعة أو محافظة غربيّة لسوريا، هو حلم سبق الأسدين، ولم يكن هذا في ذهن "حزب البعث العربي السّوري" فقط".
وكشف حمادة "أنّني ذهبت إلى دمشق في اليوم التّالي لاختفاء الإمام المغيّب موسى الصدر، وكنت وقتها رئيس تحرير صحيفة "لوريون لوجور"، والتقيت وزير الإعلام آنذاك أحمد إسكندر أحمد، الّذي كان أحد أقرب النّاس للرّئيس السّوري الرّاحل حافظ الأسد. كنت أسأله وقتها إذ كانت هناك علاقة طيّبة مهنيًّا، فقال لي: "لا تسأل يا مروان. فهذا (الصدر) عظامه صارت مكاحل"، أي أنّه كان متأكّدًا من مقتله. حصل هذا في اليوم التالي لاختفائه. لم أستطع أن أحذف من ذهني أنّه كان هناك دور سوري في إخفاء الصّدر".
ولفت إلى أنّ "السّبب هو ربّما خوف النّظام السّوري من زعامة شيعيّة مستقلّة تكون أكثر لبنانيّة وأقرب إلى العرب ومتمرّدة على الفلسطينيّين عمومًا وعلى تيّار "الرفض" القريب من سوريا خصوصًا. ما أريد قوله هو إنّه ليس هناك أحد نجا من الأسدَين الأوّل أو الثّاني".
كما ذكر أنّ "في 10 أيلول 1982، التقيت والرّئيس السّابق للحزب "التقدّمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بحافظ الأسد. في سياق حديث الأسد عن صداقاته مع قائد الاتحاد السوفياتي السّابق يوري أندروبوف، وأنّه سيقوم بهجوم مضاد ضدّ أميركا والقوّة المتعدّدة الجنسيّات، وقوله لنا "سأزوّدكم بالطّبع بالسلاح أيضًا كي تدافعوا عن الجبل"، أتذكّر ملاحظة لجنبلاط، الّذي قال إنّ في لبنان نظامًا سياسيًّا وقد تمّ انتخاب رئيس للجمهوريّة الرّاحل بشير الجميل، فيجب أن نتعاطى مع هذا الواقع الجديد، كما يحصل في كلّ مرّة. فسأل حافظ الأسد أمامنا: "عمّن تتحدّثون؟ عن بشير الجميل؟"، قلنا: "طبعًا فقد انتخب". فقال (ملوّحًا بيده): "انسوا بشير الجميّل، انسوه".
وتابع حمادة: "حصل هذا في 10 أيلول 1982، وكان بشير منتخَبًا رئيسًا للجمهوريّة قبل أيّام وما زال يحتفل بانتخابه. بعد 4 أيّام من كلام الأسد، اغتيل بشير، وكنّا لا نزال في دمشق بينما انتقل جنبلاط إلى عمّان لزيارة عائلته. هكذا عرفنا باغتيال الجميّل".
وبيّن أنّ "موجة الاغتيالات استهدفت لاحقًا مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الرّاحل الشّيخ حسن خالد. كما تمّ استهداف قيادات فلسطينيّة. طبعًا إسرائيل كانت لها المسؤوليّة الكبرى في اغتيال الفلسطينيّين ولاحقتهم حتّى تونس، لكن النّظام السّوري لم يقصّر في طرابلس وغيرها".
وأكّد "أنّني لا أبرّئ النّظام السّوري السّابق أبدًا من قتل رئيس الجمهوريّة الأسبق رينيه معوض. قد يكون آخرون شاركوا النّظام السّوري في الاغتيال، ففي كلّ مرّة يكون هناك عمل مشترك في الاغتيالات. هذا ما حصل مع رئيس الحكومة الرّاحل رفيق الحريري".
إلى ذلك، أضاف حمادة: "رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون كان في البداية متّفقًا مع السّوريّين، على أساس أن يترك البلد في الوضع الّذي يعيش به، وضع يلبذي من جهة طموحاته بأن يكون رئيسًا في بعبدا ولو على مزبلة صغيرة، ومن جهة ثانية يتباهى بأنّه قاوم سوريا برغم أنّ المازوت كان يأتي من سوريا والسلاح يأتي من العراق. كانت خلطة عجيبة".
وأفاد بالنّسبة لرئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، بأنّهم "في البداية طمأنوه بعدما مشى والبطريرك الماروني الرّاحل مار نصرالله بطرس صفير في اتفاق الطائف، ما يعني أنّ هذا الجناح المسيحي قد تمّ تأمينه (في مقابل الجناح الرّافض لاتفاق الطائف بقيادة ميشال عون). ولكن بعد ذلك، بدأ إعداد الحفرة له. أتوا به إلى الحكومة، فاعتذر. كان رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية مطروحًا، ولم يكونا قادرين على الجلوس مع بعضهما. جاءوا لجعجع بقصة تفجير الكنيسة".
وشدّد على أنّ "لا علاقة لجعجع أبدًا بتفجير الكنيسة. كنت وزير صحة وذهبت مع رئيس الوزراء آنذاك رفيق الحريري إلى الكنيسة. بدا أنّ كلّ شيء كان مدبّرًا لتفجير الكنيسة، ثمّ محاولة إغلاق جسر نهر الكلب ونفقه، بهدف لصق الاتهام بأنّ هناك عمليّةً إرهابيّةً وبأنّ هناك محاولةً تقسيميّةً، ولحقتها أيضًا محاولة ضدّ زميلنا في الحكومة نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق ميشال المر وأُلصقت بسمير جعجع".
وأشار إلى أنّ "كثيرين نبّهوا جعجع ومنهم الرّئيس الرّاحل الياس الهراوي أنّ الأفضل له أن يخرج من لبنان، لكنّ جعجع رفض الخروج. التّفجير دُبّر من المخابرات السّوريّة واللّبنانيّة آنذاك، والحريري على عِلم بذلك. تبيّن ذلك معنا. لذلك أُسديت النّصيحة لجعجع بأن يخرج من لبنان لأنّهم ينوون عليه، لكنّه لم يقبل أن يغادر فجلس 11 سنة في السّجن".