اشار رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بحسب ما ينقل عنه زواره، الى انه "لا يبدي تشاؤماً بوصول مساعي تأليف الحكومة الى نتائج إيجابية. يرى أن الاندفاعة التي بدأت مع تسمية الرئيس المكلف تمام سلام لا تزال موجودة، مع الاعتراف بوجود عراقيل". ويصحح رئيس الجمهورية السؤال: هل تفرملت اندفاعة سلام؟ يجيب: "هل المقصود فُرملت؟".
ورأى سليمان بأن "الانفتاح على تأليف حكومة لا يزال موجوداً، لكن هناك صعوبات تعترض تجسيده. بالنسبة إلى الثلث المعطل، يرى سليمان أن الحاجة إليه انتفت بوجود إعلان بعبدا وطاولة الحوار الوطني التي تبحث في ملف استراتيجية الدفاع الوطني". وحينما طرح تأليف حكومة حيادية "اعتبرت أنها تلبي وظيفتها لجهة أنها حكومة لثلاثة أشهر تقريباً وللإشراف على الانتخابات، وعليه لا تستدعي التوقف فيها عند الأحجام والحصص. ولكنني اقترحت حينها أن يتم توسيع مساحة الوسطيين داخلها".
وحدد سليمان موقعه كرئيس للجمهورية في هذه اللحظة التي يمر بها البلد، وعنوانها الدفاع عن الثوابت الوطنية وتحصينها. يقول: "ربما لم أستطع أن أنفذ كل ما فكرت فيه، ولكنني مصرّ على أن أحمي كل الثوابت الوطنية التي أؤمن بها والتي هي سر وجود لبنان ورسالته ودوره". كرر سليمان في هذا السياق أنه ضد التمديد لمجلس النواب، وأنه سيطعن فيه "لأن تمديد الاستحقاقات الدستورية والاستهتار بها يؤديان الى فقدان الثقة بلبنان، وأيضاً الى هز ثقة اللبنانيين ببلدهم، وهذا يؤثر سلباً على استقراره الاقتصادي". وحذر من أنه "إذا مددنا على نحو يتجاوز مبادئ النظام الديموقراطي، فإن الاقتصاد سيهتز، خصوصاً أن سعر الليرة مرتبط أيضاً بالثقة بالبلد".
واستدرك سليمان بأنه يتفهم أن يحصل تأجيل تقني لأسباب قاهرة، ولكن يجب أن يقترن ذلك مع تحديد مهلة محددة لإنتاج قانون انتخابي تجري الانتخابات على أساسه. وطرح في هذا السياق اقتراحاً يقضي بأنه "في حال حصل التمديد التقني، فلنتوافق على مهلة محددة ننجز خلالها قانون انتخاب، وحينما تنتهي المهلة، يحل مجلس النواب نفسه ويدعو إلى انتخابات عامة". وأوضح أن "المبدأ عندي هو ضرورة احترام المهل الدستورية، لارتباطها بالثقة بلبنان وبثقة اللبنانيين ببلدهم، ومردود ذلك على الوضع الاقتصادي".
وعن اقتراح قانون اللقاء الارثوذكسي يقول سليمان: "لامني الكثيرون لأنني قلت جهاراً إنني ضد اقتراح القانون الارثوذكسي. ولكنني مرتاح الضمير". وكشف أنه "في البداية كان موقفي أنني سأطعن فيه حينما يتم إقراره في مجلس النواب، ولكنني لن أعارضه علناً. مع اقتراب موعد انتهاء المهل وبروز حاجة إلى إقرار قانون جديد، أصبحت معارضتي الصامتة له غير عملية ومضرّة". وكرر أنه "في حال أقرّ مجلس النواب "الارثوذكسي"، فإنني سأطعن فيه من الناحية المبدئية، وإذا لم يقبل طعني فإنني لن أقف مكتوف اليدين ومتفرجاً، بل سأقاوم فكرته الانغلاقية، من خلال مشاركتي في تشكيل لوائح انتخابية في كل الطوائف وفي كل لبنان. إنني من موقعي كابن للمؤسسة العسكرية ورئيس جمهورية لدي حضور في كل الطوائف". ويعتقد سليمان أن قانون "الأرثوذكسي" كما هو مطروح يقوّي التطرف داخل الطوائف، "ورغم أنني مع النسبية ولست مع قانون الستين، إلا أن الأخير أفضل منه مئة مرة".
ولاحظ أنه حتى قانون انتخاب مختلط مع صوت واحد لناخب واحد، هو أفضل من "الأرثوذكسي"، لأنه أقله يعطي كل مواطن حق الاقتراع لمرشح من طائفة أخرى. أضاف: "حتى قانون الدائرة الفردية أنا ضده، وقد أطعن فيه أيضاً لأنه يخدم نفس فكرة تفتيت البلد ووحدة النسيج الحضاري".
واعتبر رئيس الجمهورية أن "احتساب الوجود المسيحي في لبنان وحمايته لا يتمّان عبر قراءة الارقام، بل برؤية تأثيرهم الحضاري على الشريك المسلم". وشرح: "لنلاحظ كيف أن رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري أيّد مشروع الزواج المدني. وهو فعل ذلك لأنه أخذ في الاعتبار مسيحيين وازنين. كذلك فإن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وقّع تفاهمه مع الجنرال ميشال عون في كنيسة مار مخايل. وهذه إشارات إلى أن التأثير الحضاري هو الذي يضمن بشكل أساسي للمسيحيين ضمانات الوجود والحضور والفعالية السياسية". اضاف: "أنا من موقعي لا أستطيع أن أشتغل سياسة مجردة. أنا أعمل بما يتناسب مع المعنى الحضاري للبنان، ولصيانة التعايش فيه وحماية الدستور". ولفت الى أنه أول رئيس جمهورية يمارس الطعن لضمان سيادة القانون، مذكّراً بواقعة طعنه في قانون ترقية رتباء من الأمن العام.