لم تستطع لجنة التواصل النيابية إنجاز إتفاق لبناني حول قانون الإنتخابات، رغم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ترأس جلساتها شخصياً، فالمشاريع عُرضت والفيتوات وُضعت فوراً، حتى بدا أن كل فريق يتربّص بطرح الفريق الآخر.
يقول بري أمام زواره أن أي تقدم لم يحصل منذ أعاد عمل اللجنة وترأس إجتماعاتها، حتى أن الجلسة الأخيرة في عين التينة إستحصلت على أجوبة الكتل بالرفض أو القبول المشروط للتمديد أو القانون الإنتخابي، ويرفض رئيس المجلس القول أنها سبّبت تراجعاً، ويقول "لا تراجع ولا تقدم وسأتابع الإتصالات لتحديد الموقف لاحقاً".
من خلال المعطيات تبدو الصورة غامضة حول مسار الإستحقاق الإنتخابي، وإن كان كلام بري يحمل مدلولات منذ أن قال لأعضاء اللجنة الفرعية بعد رفض المشاريع المطروحة: "إنتبهوا إننا على أبواب الستين". وحين يُسأل رئيس المجلس عن أسباب رفض المشاريع يشير إلى أنه حاول إستيلاد التوافق، حتى أنه أقنع حركة "أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بالدخول في نقاش حول المشروع المختلط الذي قدمه الثلاثي "المستقبل" و "الإشتراكي" و"القوات"، وكاد المجتمعون يصلون إلى إتفاق لولا الخلاف حول نقطتين أساسيتين.
لم يُقفل بري الباب أمام إمكانية التوافق، لا زال يراهن على حلٍ ما قبل 31 الشهر الجاري، ولذلك يقول أن لا فراغ سيحصل في لبنان، ويستغرب كيف "ينادي اليوم البعض بضرورة عقد جلسة عامة وهم أنفسهم من كانوا يرفضون عقد جلسة بحجة الميثاقية". وحول التمديد يقول رئيس المجلس أمام زواره إن حصوله لمدة بضعة أشهر تحت عنوان "تمديد تقني" لا يُعتبر تمديداً، ويشير هنا إلى الدورة النيابية السابقة التي جرى تمديد مدتها ثمانية أشهر بتعديل بسيط ضمن مادة واحدة.
يُذكّر بري أنه عارض ولا يزال التمديد للمجلس، "إلاّ إذا وُجد سبب محدّد يُبنى عليه كي لا يكون التمديد عبثياً". أما حول كلامه عن الإطلالة على أبواب الستين، يكرّر رئيس المجلس النيابي قوله: "أنا ضد الستين من هنا إلى آخر الدنيا، ولكن إذا قدّم المسيحيون ترشيحاتهم على أساس الستين سأضطّر إلى السير به"، لكن بري يردف كلامه بالإشارة إلى أن "الستين بحاجة إلى شُغل وترميم".
أكثر من ذلك، يؤكد بري أمام زوّاره أن الإنتخابات وفق قانون الستين ستمدّد الواقع "لأنها ستأتي بنفس الطاقم وذات النتيجة والطبعة مع فروقات طفيفة... حتى أننا لن نستطيع بالمهلة المتبقية للترشح تبديل الأسماء المطروحة للنيابة".
معطيات رئيس المجلس تفتح الباب أمام كل الإحتمالات، في وقت تحضّرت فيه القوى السياسية لتقديم طلبات الترشح على أساس قانون الستين، وستزدحم أروقة وزارة الداخلية بين الخميس والجمعة والإثنين بالمرشحين أو من يمثّلهم.
وفي هذا السياق، سجّّلت الساعات الماضية تواصلاً على الخطوط السياسية لكن بدا أن خيار إستيلاد قانون مختلط أمر صعب جداً، بينما واجه التمديد رفضاً حول المبدأ أو المسافة الزمنية، فالتيار الوطني الحر أصرّ على الإنتخابات في موعدها في حال عدم إيجاد قانون بديل وتم البقاء على "الستين"، كما طالب بضمانات لعدم التمديد لرئيس الجمهورية أو القادة العسكريين والأمنيين. ولم يقبل "المستقبل" بتمديد تتجاوز مدتّه خمسة أو ستة أشهر مع التمسك ب"الستين" أو "المشروع الثلاثي". فيما أعلنت "القوات" إنفتاحها على التمديد، كذلك ربطت حركة "أمل" و"حزب الله" أمر التمديد بالتوافق.
إزاء ذلك، بدا أن الإنتخابات ستحصل في موعدها، إلا إذا إستجدّ عامل توافقي يُحبك بين القيادات السياسية، لكن العقبة الوحيدة تبدو امام إجراء الإنتخابات في الموعد المحدد هي الحاجات المالية التي تحتاج إلى قرار حكومي، وإذا توافرت النيات تستطيع حكومة تصريف الأعمال الإنعقاد تحت عنوان ظرف إستثنائي لإقرار متطلبات الإنتخابات، إلاّ إذا حصل توافق سياسي على عقد جلسة نيابية تبحث في طرح النائب نقولا فتوش تأجيل الإنتخابات و التمديد للمجلس مدة سنتين. هنا أصبح الإقتراح بعيد المنال لكن قد لا يكون مستحيلا.