بعدما دُفن ووري الثرى على يد البعض، عاد قانون الستين إلى الحياة من جديد..
هي "المعجزة" التي "انتصرت" على ما يبدو على "معجزة" التوافق التي بدت أكثر من "مستحيلة"، فقانون الستين الذي ذهب البعض لحدّ "تحريمه" عاد ليصارع من جديد، في ظلّ معطيات تؤكد إمكانية اللجوء إليه باعتباره "أهون الشرّين"..
وإذا كان هذا القانون بحاجة لـ"شغل وترميم" كما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري لزواره، فإنّ العلاقات بين اللبنانيين برمّتها باتت بحاجة لـ"شغل وترميم"، وهو ما أوحى به الجوّ المتشنّج الذي ساد الساحة اللبنانية خلال الساعات الماضية على وقع أحداث القصير التي ترجِمت "جنونا" في طرابلس، وصولا إلى تصريحات وصل بعضها لحدّ اتهام "حزب الله" بـ"استنساخ التجربة الاسرائيلية"، كما قال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري..
لجنة التواصل لم تمت.. ولا قانون الستين!
بعد أن كانت جلسة لجنة التواصل النيابية يفترض أن تكون "الأخيرة"، قرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يبقي اللجنة على قيد الحياة، ولو موقتا، وهو أوضح لزواره أن باب التوافق لم يقفل بعد، وأنه لا يزال يراهن على حلّ قبل نهاية الشهر الجاري، بل إنّ لا مكان للفراغ في المرحلة المقبلة، علما أنّ بري نفى حصول تقدّم أو تراجع في اللجنة، كاشفا أنه سيواصل اتصالاته في المرحلة المقبلة لتحديد الموقف لاحقا.
وبالتزامن، أوحت كلّ المواقف والمؤشرات إلى أنّ قانون "الستين"، الذي سبق أن دفنه الأفرقاء المتصارعون، عاد إلى الحياة من جديد، وهو ما ألمح إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لزواره، كما نقل هؤلاء عنه لـ"النشرة"، حيث ذكّر أنه ضدّ هذا القانون ولكن "إذا قدّم المسيحيون ترشيحاتهم على أساسه، سنضطر للسير به"، مشدّدا في الوقت عينه على أنّ هذا القانون سيحتاج لـ"شغل وترميم" في هذه الحالة.
وكان لافتا ما أعلنه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون عن أنّ مرشحي "التيار الوطني الحر" سيقدمون ترشيحاتهم للانتخابات النيابية خلال المهلة المحددة تحسبا لأي طارئ وفق "قانون الستين"، وإن حرص على القول أنه لا يزال ضدّ هذا القانون، كما أنه أيضا ضدّ التمديد بالمطلق، إلا أنه لن يقاطع الانتخابات في حال سقط القانون الأرثوذكسي في المجلس النيابي.
وسط ذلك، وفي ما بدا وكأنه "ردّ مضاد" على "الحملة" التي تعرّض لها مسيحيا على خلفية تخليه عن القانون "الأرثوذكسي" وما وُصف بـ"الانقلاب على الاجماع المسيحي"، حمّل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "التيار الوطني الحر" مسؤولية إجراء الإنتخابات النيابية على أساس قانون الستين، واصفا ذلك بأنه "جريمة كبرى" يرتكبها "التيار". وفيما نفى جعجع أن يكون حزب "القوات" بصدد تقديم أي ترشيحات حاليا، استدرك قائلا: " إذا قررنا أن نقدمها فلكي نقطع الطريق أمام من يريدون أن ينجحوا بالتزكية، وليس لأننا نريد انتخابات وفق الستين".
الجيش يدفع ضريبة الدم مجدّدا..
وبعيدا عن الشأن الانتخابي، بقيت أحداث القصير في صدارة الاهتمام المحلي، خصوصا في ظلّ ما يُحكى عن "تورّط لبناني" في المعارك الدائرة هناك، المعارك التي حضرت "تداعياتها" بصورة عنيفة في عاصمة الشمال طرابلس، حيث استمرّت الاشتباكات التقليدية بين باب التبانة وجبل محسن، ليدفع الجيش اللبناني من جديد الضريبة تطبيقا لشعار "شرف، تضحية ووفاء"، حيث أعلن استشهاد كلّ من الشهيدين الجندي أول علي شحادة والمجند الممددة خدماته عمر الحاج عمر وإصابة ستة آخرين بجروح مختلفة إصابات بعضهم خطرة بنتيجة المواجهات، ما دفع قيادة الجيش للتحذير من "مغبة الاستمرار في التمادي بالاعتداء على المواطنين واستهداف مراكز الجيش"، والتأكيد على انها "ستتعامل بكل حزم وقوة مع مصادر إطلاق النار والمظاهر المسلحة كافة، وستلاحق العابثين بالأمن ميدانيا وقانونيا الى أي جهة انتموا".
ومن التطورات الميدانية إلى المواقف السياسية، والتي برز منها بيان شديد اللهجة لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري حمل فيه بشدّة على "حزب الله"، متّهما إياه بأنه "اختار أن يستنسخ الجرائم الاسرائيلية بحق لبنان واهله، ليطبقها على اهل مدينة القصير السورية وقرى ريف حمص"، ومعتبرا أن الحزب "تحوّل الى رأس حربة في جريمة موصوفة ينفذها النظام ضد شعبه، بل الى ما يمكن وصفه بجيش الدفاع الإيراني عن نظام بشار الاسد"، على حدّ تعبيره.
وفيما لم يصدر أي تعليق عن الحزب على ما يحصل، رغم تكاثر الأنباء عن ازدياد عدد قتلاه في سوريا خلال الساعات الماضية، ربما بانتظار الكلمة المرتقبة لأمينه العام السيد حسن نصرالله في مهرجان عيد المقاومة والتحرير في مشغرة يوم السبت المقبل، برز كلام للنائب عاصم قانصو، في حديث لـ"النشرة"، تحدّث فيه عن إلقاء القبض عن 18 مقاتلا لبنانيا "من جماعة الشيخ سالم الرافعي" في القصير.
كلمة أخيرة..
هو "الجنون" بكل ما للكلمة من معنى، على كلّ الصعد..
هو "جنون نيابي" يمثله نواب نسوا أو تناسوا مهماتهم خلال أربع سنوات، واستفاقوا فجأة لـ"يصارعوا" الوقت قبل أن يجدوا أنفسهم أمام خيارات "لا مفرّ منها" بين تمديد لا يستحقونه وقانون دفنوه..
وهو "جنون أمني" يعود ليثبت نفسه بين الفينة والأخرى، ليذكّر اللبنانيين بأنّ "التفجير" قد يكون أسهل الأمور على الإطلاق، إذا لم تتحرّك "الدولة" فورا وتضع حدا لكل ما يحصل..
هو "الجنون"، وكما يقال، "الجنون فنون"!