هي مأساة العبارة الأندونسية التي ذهب ضحيتها أشخاص حاولوا الهروب من الفقر والعوز والأوضاع الأمنية المتردية في طرابلس فوجدوا في اللجوء الى استراليا ملاذاً، لم يدركوا حينها أن الطريق غير آمنة وأن الموت سيكون مصيرهم المحتوم... تعوّد أبناء المدينة على غياب الدولة عنهم لسنوات وقد أبت إلا أن تحضر عبر حشد من السياسيين إنتظرهم في مطار بيروت الدولي ليهنأهم بسلامة العودة الى "الجحيم"!

إهمال الدولة هو السبب!

في قاعة الشرف في مطار بيروت إنتظر الأهل وصول ذويهم الناجين... هناك في زاوية من الزوايا تقف إمرأة والدمعة في عينيها لا تعرف إذا كانت دمعة فرح على عودة إبنها بالسلامة أم "غصة" و"عتب" على الحظ الذي لم يساعدهم على الخروج مما هم فيه. إنها والدة لؤي بغدادي إبن 25 ربيعاً التي فرضت عليه الأيام الصعبة أن يقرر السفر الى الخارج هرباً من المعارك في باب التبانة وجبل محسن ومن الفقر والجوع في المدينة، بحسب ما تشير لـ"النشرة". وتتابع "الحياة الصعبة منعتنا حتى من إكمال التعليم لأولادنا وهم نشأوا على أصوات الرصاص والقذائف فبات هذا الأمر جزءاً من حياتهم اليومية، ويوم قرروا الهروب من هذا الموضوع لتأمين مستقبلهم أبت الحياة أن تساعدهم". تؤكد "أم لؤي" أن أياً من العائلة أو إبنها الناجي كانوا يدركون أن "السفر سيتم بهذه الطريقة أي بعبارة صغيرة بل كان الاتفاق ان السفر سيكون بسفينة كبيرة". هذا ما أكدته بدورها أم عمر سويد التي تنتظر هي الأخرى رؤية ابنها الناجي بشوق، وتشكو عبر "النشرة" من إهمال الدولة لهم في باب التبانة "حيث لا مستقبل لأولادنا". وتطالب الدولة بمزيد من الاهتمام بمدينة طرابلس، وتقول: "لو يعاملوننا كما يعاملون النازحين السوريين ويفرضون الامن في مدينة طرابلس لما كنا وصلنا الى هنا".

"مافيا" تقف خلف المسألة!

الساعة العاشرة وعشر دقائق حطت الطائرة التي تقل الناجين، فتحت الأبواب وأول الواصلين كان لؤي بغدادي، هو لا يستطيع التحدث كثيراً فهو لا يزال تحت تأثير الصدمة، لكن جلّ ما عبّر عنه أن "مافيا" كبيرة تقف خلف الموضوع، ففي أندونيسيا كنا نتعامل مع ضباط ولا يمكن لهؤلاء أن يتعاملوا مع أشخاص عاديين لو لم يكن الأمر منسقاً وعلى مستويات كبيرة".يؤكد أنه "خدع لأن السفينة التي يجب أن تقلنا كانت مختلفة تماماً عن التي توجهنا بها ولكن "ما باليد حيلة"، فنحن حاولنا الهرب من الحياة السيئة التي كنا نعيشها لكننا لم نستطع". أما عمر محرز عائد وحده دون عائلة ودّعها في ذلك البحر، يبكي ويحمل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كما ومسؤولي المنطقة المسؤولية، ويضيف: "سافرت هربا من الأوضاع الأمنية السيئة". وهنا يرفض عضو كتلة "المستقبل" النائب خالد زهرمان هذا الكلام، مؤكداً لـ"النشرة" أن "سعد الحريري أرسل وفداً من نواب عكار الى أندونيسيا ومن بعدها تحركت الحكومة لذا من الظلم تحميلنا هذه المسألة"، ويشدد على أن "العاملين الإقتصادي والأمني سببان رئيسيان في هذه الكارثة ونحن نحمل الحكومة المسؤولية".

حتى لحظة الاتفاق السياسي لتسوية الأوضاع "الأمنية" و"الاقتصادية" في طرابلس تبقى هذه المدينة مسرحاً "لموت محتوم" لا يستطيع كثيرون الهروب منه!

للإطلاع على الصور (إنقر هنا)

تقرير باسكال أبو نادر