لم ينته "مخاض" البيان الوزاري بعد، رغم الأجواء "الوردية" التي سعى بعض أعضاء لجنة صياغته صبغ مهمّتهم بها..
لم تُسعِف اللغة العربية الإنشائية، لغاية كتابة هذه الأسطر، أعضاء اللجنة في التوصّل لـ"توافقٍ" يفهمه كلّ فريقٍ على ذوقه، ذلك أنّ "العُقَد" لا تزال ماثلة، وبينها إصرار فريق الرابع عشر من آذار على تضمين البيان إعلان بعبدا بحرفيته لا روحيته، الأمر الذي سيقابله الفريق الآخر بالإصرار على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وفق ما أكد زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"النشرة".
وفي وقتٍ يتواصل البحث عن "صيغة تسوية" ترضي الجانبَين ولا تُحرج أحدًا، يبقى الأمن الهاجس الأول لدى المواطنين، خصوصًا في ضوء المعلومات التي تتكشّف تلو آخر عن مخططات "جهنّمية" يسعى الإرهابيون عبرها لإدخال لبنان في "المجهول"، مخططات بعضها أحبِط ودُفِن في مهده، فيما لا يزال مصير بعضها الآخر مجهولاً..
اعترافات نعيم عباس تابع..
بقي الوضع الأمني إذًا في واجهة الأحداث، وهو الذي دخلت إسرائيل على خطه، مع الغارة التي شنّها الطيران الإسرائيلي على الحدود السورية اللبنانية، والتي قالت بعض المصادر أنّها استهدفت موقعًا لـ"حزب الله"، علمًا أنّ أيّ معلوماتٍ رسمية لم تصدر عن هذه الغارة لا من الجانب اللبناني ولا من الجانب الاسرائيلي، حيث اكتفى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بالقول أنّإسرائيل ستقوم بكلّ ما هو ضروري للحفاظ على أمنها، ولا حتى من جانب "حزب الله" الذي اكتفى إعلامه بنفي حصول أيّ غارة داخل الأراضي اللبنانية، دون أن ينفي حصول الاعتداء بالمُطلَق، أو ما أشيع عن سقوط عددٍ من عناصره جرّاءها.
وبعيدًا عن هذه الغارة، وفيما عمّمت قيادة الجيشصورةً لأحد المطلوبين لارتكابه جرائم خطرة، داعية كلَّ من يتعرّف عليه إلى الاتصال بغرفة عمليات القيادة، تسرّبت معطياتٌ "خطيرة" من إفادة الموقوف نعيم عباس، قال فيها أنّهمسؤول جزئياً أو كلياً عن معظم العمليات الإرهابية التي استهدفت الضاحية الجنوبية، ابتداءً من إطلاق صواريخ على الشياح منتصف عام 2013، وصولاً إلى توقيفه، مروراً بتفجير بئر العبد وانتحاريي الشارع العريض. واللافت في اعترافات عباس، بحسب صحيفة "الأخبار"، تواصله مع "أبو خالد السوري"، رفيق أسامة بن لادن وعبد الله عزام، ووكيل أيمن الظواهري في سوريا، والمكلف من قبله بالتحكيم بين "النصرة" و"داعش"، وكذلك ذكره اسم أحد الذين كانوا ينقلون إليه الأموال من "داعش" (سلّمه مبلغ 20 ألف دولار)، ويُدعى الشيخ عمر جوانية، قال إنه أحد العاملين في جمعية التقوى ببيروت.
وفي سياقٍ غير بعيد، لفت ما ذكرته صحيفة "النهار" نقلاً عن مصادر أمنية عن أنّشابين كانا يقفان قبل ظهر الثلثاء على سطح بناية في محلة الاونيسكو تطل على مبنى السفارة الروسية ويستعملان المناظير والكاميراتوأبلغت احدى السيدات عنهما. وعند حضور دورية أمنية الى المكان غادر الشابان المحلة الى جهة مجهولة.
البيان الوزاري لم ينتهِ بعد..
سياسيًا، لم ينته "مخاض" البيان الوزاري بعد، على الرغم ممّا قيل عن "صيغ جاهزة" و"جلسات حاسمة" أجّلت أكثر من مرّة، وبقيت "العقدة" الأساسية تتركّز حول إعلان بعبدا الذي يصرّ الوزراء المحسوبون على "14 آذار" على أن يرد بـ"حرفيته" في البيان الوزاري، وهو ما يرفضه الفريق الآخر، في وقتٍ نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"النشرة" عنه قوله أنّ هذاالإصرار سيقابله إصرارٌ على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
وبحسب هؤلاء الزوار، فإنّ المَخرَج يقضي بالسير في البيان من دون "اعلان بعبدا" وانما يجري العمل بروحيته، وكذلك من دون ذكر المعادلة الثلاثية، وانما يجري التأكيد والتشديد على حق لبنان واللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي من دون التطرق الى هذه الثلاثية. وقال برّي إنّه عندما عاد من جولته الخارجية قبل ايام كان موضوع "إعلان بعبدا" مبتوتاً على أساس أن يُستعاض عنه في البيان الوزاري بتأكيد التزام مقرّرات الحوار الوطني، فيما بقي موضوع المقاومة غير مبتوت، ولكن فجأة برزت عقدة "إعلان بعبدا" وصدرت دعوات تطالب بالتزامه حرفيّاً.
وكان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور قدّمصيغة تلحظ إعلان بعبدا والقضايا الوفاقية والنأي بالنفس في بند خاص، إلا أنّها اصطدمت بالاعتراضات، حيث اعتبر وزير المال علي حسن خليل أنّهذه الصيغة غير ناضجة وتحتاج لنقاش، وأنّ البيان يجب أن يكون متوازناً يحفظ المناخ الذي على أساسه تألفت الحكومة، في وقتٍ أوصى تكتل "التغيير والإصلاح" بإنجاز البيان الوزاري في أسرع وقت والانتقال إلى جلسات الثقة"التي نتمناها سريعة ومنتجة"، بحسب ما أعلن أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان، الأمر الذي عاد وأكد عليه العماد ميشال عون الذي شدّد على وجوب الإسراع بعبور طريق التسوية تفاديًا للإصابة بـ"رصاص القنص الإقليمي والدولي"، كما قال.
كلمة أخيرة..
بين إعلان بعبدا وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، لا يزال وزراء "الوحدة الوطنية" عاجزين عن الوصول لـ"حلّ وسط"، حلّ قد لا يكون سوى "حبر على ورق" ولكنّ "التنازل" عنه لا يمكن أن يكون واردًا..
الحكومة شُكّلت، وكلّ فريقٍ يعتقد أنه قدّم من "التنازلات"، كما يقول، ما يكفي لكي يفرض "شروطه" داخل لجنة صياغة البيان الوزاري، منطقٌ إذا بقي سائدًا، فهو سيقضي لا شكّ على ما سُمّيت بـ"حكومة المصلحة الوطنية" قبل أن تبدأ العمل، ولو أدّت تسوية من هنا أو هناك لإنجازٍ بيان توافقي في نهاية المطاف!