بمبادرة من الجهاد الإسلامي، تعهد 19 فصيلاً فلسطينياً التعاون مع حزب الله وحركة أمل على محاربة التطرف المذهبي وتحييد المخيمات عن أن تكون بيئة حاضنة لطعن المقاومة. عين الحلوة سيكون بدءاً من الجمعة المقبل منبراً لإطلاق المبادرة واختباراً لها
شارفت القوى الإسلامية في عين الحلوة على وضع اللمسات النهائية على وثيقة تفاهم أرستها مع بقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام»، بعد ثمانية أشهر من جلسات الحوار. في الوثيقة التي ينتظر إعلانها في الأيام المقبلة، يتعهد «الشباب المسلم» (التسمية الجديدة التي أطلقوها على أنفسهم) لـ«عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية والتورط في أي عمل أمني وحماية المخيمات.
وتعوض الوثيقة لـ«الشباب» استبعادهم عن مبادرة «تحييد المخيمات عن الصراعات الداخلية والإقليمية» التي تشارك فيها القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية كافة، والتي أطلقت فكرتها حركة الجهاد الإسلامي وتبنتها حركة حماس. ومن المقرر أن تعلن الجمعة المقبل في مؤتمر صحافي يعقد في عين الحلوة بعد الاتفاق النهائي على بنودها في اجتماع تعقده لجنة الصياغة اليوم في المخيم.
وكان أعضاء المبادرة (منهم رئيس «عصبة الأنصار» أبو طارق السعدي ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» جمال خطاب والمسؤول السياسي لحماس علي بركة وممثل الجهاد أبو عماد الرفاعي)، قد عقدوا اجتماعين تنسيقيين أمس: الأول مع منظمة التحرير الفلسطينية في السفارة الفلسطينية بمشاركة السفير أشرف دبور، والثاني مع قوى التحالف في مقر «فتح الانتفاضة» في مخيم مار الياس. بركة أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن البنود الـ 14 التي تؤلف المبادرة نوقشت مع المرجعيات اللبنانية السياسية والأمنية. «الإيمان بفلسطين وحدها أرضاً للجهاد»، تشكل منطلق المبادرة التي تدعو إلى المحافظة على المخيمات والعمل على منع الفتنة المذهبية والحؤول دون وقوع اقتتال فلسطيني ــــ لبناني ودعم وحدة لبنان وأمنه واستقراره وحماية الهوية وحق العودة ورفض مشاريع التوطين والتهجير. وتعلن إدانة كل عمليات التفجير، متعهدة تعزيز استقرار المخيمات ورفع الغطاء عن كل من يثبت تورطه في الأعمال الأمنية فيها ومنع استقبالهم أو إيوائهم. في المقابل، تعطي المبادرة دوراً للمراجع اللبنانية المعنية بالشأن الفلسطيني لتوفير الغطاء السياسي والقضائي والأمني لتنفيذها وإنجاحها وتخفيف الإجراءات على مداخل المخيمات وحماية المخيمات من الاستهداف.
البند الختامي في المبادرة تعهد أن تكون القيادة الفلسطينية الموحدة في لبنان «المرجعية العليا والمسؤولة المباشرة سياسياً وأمنياً عن الإشراف على المبادرة وتنفيذها». ليس هذا فحسب، بل إن الجهاد وحماس، سمعتا نصائح من مراجع أمنية وسياسية لبنانية بـ«ضرورة إشراك فتح في تحركاتهما اللبنانية». لكن تلك المراجع تعلم أن مبادرة الجهاد وحماس «لا تنفصل عن محاولة العودة الحمساوية إلى الحضن الإيراني من جهة، وعن إدراك المصير الحاسم الذي ينتظر المخيمات إن سكتت عن تورط بعض أبنائها بالإرهاب»، بحسب مصادر فلسطينية مواكبة. فقد اقتنعت القوى الفلسطينية بعد توقيف نعيم عباس وماجد الماجد وإخوانهما وتشكيل الحكومة ومنح الجيش الغطاء الشامل، أن «المجتمع الدولي مصمم على منع تمدد الإرهاب في لبنان واجتثاث مصادره، حتى لو كان الثمن تحويل عين الحلوة وغيره من المخيمات، إلى نسخة ثانية عن مخيم اليرموك أو نهر البارد» تقول المصادر.
ماذا بمقدور أصحاب المبادرة أن يفعلوا إن طلب منهم الجيش المساعدة في تسليم أحد المطلوبين الكبار أمثال توفيق طه؟ علماً بأن بعض أعضائها كانوا حتى اعتقال نعيم عباس ينفون عنه الإرهاب ويحصرون نشاطه بالجهاد ضد إسرائيل. يؤكد بركة أنه «ليس مسموحاً لأحد أن يخطئ»، مؤكداً توافق الفصائل على منع الإخلال بالأمن بنحو حازم و«ما حدا على رأسه ريشة». وماذا لو طلبت الأجهزة اللبنانية تسليم أحد المطلوبين؟ «المبادرة لا تعمل بمفعول رجعي، وما فات مات»، قال بركة تعليقاً على احتمال طلب تسليم شخص مطلوب للدولة منذ 20 عاماً مثلاً. في المقابل، طالب الدولة بالتعاون على معالجة ملفات المطلوبين في المخيمات وتسويتها، «ولا سيما أن الكثير منهم مطلوبون منذ سنوات بقضايا بسيطة».