بمحاولة اغتيال العقيد طلال الأردني أمس، طوّر خصوم فتح في عين الحلوة وقع المعركة، من قذائف ورصاص إلى عبوات ناسفة. العملية الثانية من نوعها في غضون ستة أشهر والمستجدة على سكان المخيم، أعادت نشر شائعات عن لجوء مقاتلين من سوريا إلى عين الحلوة
بعد ظهر أمس، أنهى قائد كتيبة شهداء شاتيلا في حركة فتح العقيد طلال الأردني اجتماعاً في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت، برفقة العقيد أبو شادي السبربري، وقفل عائداً إلى مقره في عين الحلوة. دخل موكبه من حاجز درب السيم قاصداً مكتبه ومنزله في حي حطين، وما إن اجتاز محلاً لتجميع الخردة في منطقة الكينايات، حتى انفجرت عبوة ناسفة أدت إلى تضرر سيارته وإصابة السبربري وثلاثة من مرافقي الأردني ووقوع أضرار مادية في مقهى ومنازل ومحال مجاورة.
مصادر أمنية لفتت إلى تشابه كبير بين عبوة الأردني والعبوة التي فجرت عن بعد في موكب تشييع العنصر الفتحاوي محمد السعدي مطلع كانون الأول الماضي. عبوة أمس التي قدرت زنتها بكيلوغرامين من مواد شديدة الانفجار ومحشوة بكرات صغيرة من الحديد، فجرت عن بعد عبر هاتف خلوي بحسب التحقيقات الأولية. وعلى غرار عبوة السعدي، نقل شهود عيان أن فتى قام بوضع شيء بين الخردة وغادر بسرعة، يرجح أن تكون العبوة التي فجرت. ومن أوجه التشابه كذلك، أن العبوة، برغم توجيهها صوب الهدف مباشرة، إلا أنها لم تنل منه. خلال تشييع السعدي، وضعت العبوة في زاوية إلى جانب طريق المشيعين في منطقة درب السيم، إلا أن ركن سيارة أمامها حاصر عصفها وقلص من أضرارها. أما عبوة أمس، فقد فجرت بعد مرور سيارة الأردني، ما أدى إلى أضرار محدودة.
لكن العبوة التي لم تقتل الأردني، أصابت فتح وعين الحلوة بمقتلة. اعتبر استهدافه المباشر مرحلة جديدة من تصفية الحسابات بين الحركة والجماعات المتطرفة. فالأردني تكثر حوله شائعات الارتباط بأجهزة استخبارات خارجية ويرد لقبه إلى الاشتباه بارتباطه بالاستخبارات الأردنية. كذلك حكي عن ارتباطه بالقيادي المطرود من فتح محمد دحلان. لكن الصفة الثابتة ميدانياً، أنه ورث في السنوات الأخيرة دور قائد الكفاح الفلسطيني المسلح السابق العميد محمود عيسى، في مقارعة الإسلاميين. الخصومة الدموية بينه وبين ما يسمى بقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام»، تحكمت بالمخيم طوال الأشهر الماضية، وخصوصاً أن العناصر المتشددين يتمددون في أحياء ومقار له فيها حضور. اشتباكات مسلحة متكررة، ولا سيما مع جماعة الناشط الإسلامي بلال البدر وعمليات تصفيات واغتيالات متبادلة سجل آخرها قبل أيام باغتيال اليد اليمنى للبدر، علاء حجير. قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، اعتبر أن العبوة «ليست موجهة ضد فتح وحدها، بل ضد الأمن واستقرار المخيم، بخاصة بعد الجهود الوطنية والإسلامية لحماية المبادرة الفلسطينية الموحدة وتشكيل قوة أمنية مشتركة وتحصينه من أي اهتزازات، لأن هناك أناساً متضررين يحاولون تخريب هذا المخيم ويريدونه نهراً بارداً جديداً»، علماً بأن القوى والفصائل كانت قد اتفقت أخيراً على تعزيز عديد القوة الأمنية ودعمها لوجستياً ونشرها في غضون أيام.
لكن بعيداً عن الأردني، ما الذي تفجره العبوة الثانية في عين الحلوة؟ مصادر أمنية ذكّرت بالشائعات التي ترددت طوال الأشهر الماضية «عن توجه عشرات المقاتلين من جبهة النصرة من سوريا إلى عين الحلوة باعتباره بيئة آمنة». وتحدثت عن تقديم تسهيلات للمقاتلين الهاربين من الهزيمة السورية، مثل استئجار منازل لهم في حي الطوارئ والصفصاف خصوصاً، اللذين يشهدان نزوحاً لبعض سكانه بعد سيادة الجماعات المتشددة فيهما. ورجحت المصادر أن يتكرر أسلوب العبوات الناسفة بعد اغتيال كل من الإسلاميين علي خليل وعلاء حجير وقبلهما حسين يعقوب الملقب بالطويل، الذين كانوا يُتهمون بتنفيذ عمليات اغتيال الخصوم، ولا سيما الفتحاويون، ومنهم أحمد شيخان، مرافق الأردني، الذي اغتيل في حزيران من العام الفائت.