وسّعت "إسرائيل" من حملتها العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، في محاولة للبحث عن طرف خيط، حول مصير المستوطنين الثلاثة المفقودين، وجنّدت قواتها بمختلف تشكيلاتهم العسكرية في كل المدن الفلسطينية من أجلهم. لكن على الأرض يبدو المشهد مختلفاً، إذ يرى مراقبون أن حملة الاحتلال العسكرية خرجت عن أهدافها المعلنة، واتجهت نحو الانتقام والقضاء على حركة "حماس" التي توجه لها "إسرائيل" أصابع الاتهام بعملية خطف المستوطنين، وهو ما نفته الحركة على لسان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.
وقد بدا هذا الأمر واضحاً من خلال اعتقال قوات الاحتلال لمئات الفلسطينيين والناشطين في الحركة، إضافة إلى نواب في المجلس التشريعي عنها، على رأسهم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك، قبل أن تعلن أنها تقوم بعملية متدحرجة ضد الحركة ومؤسساتها المدنية والاقتصادية، تشارك فيها القوات الخاصة، وتدرس إبعاد قياداتها من الضفة إلى غزّة.
قرار سابق
وفي السياق، يقول نشأت الأقطش أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، والمختص في الجماعات الإسلامية، أنّ "إسرائيل" قررت اجتثاث حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية بشكل عام منذ التسعينات، لكنها عجزت على فعل ذلك.
وفي حديث إلى "النشرة"، يعتبر الأقطش أن لا وجود لحركة "حماس" في الضفة الغربية المحتلة على مستوى القيادة السياسية والأفراد، لكنّ الوضع القائم لا يعني ذلك تماماً، إذ إنه في عام 2006 إبان الانتخابات، لم يكن ظاهرياً وجود لهذه الحركة، لكنها فاجأت العالم بحجمها المهول وفازت في الانتخابات.
ويوضح الأقطش، أن أحدًا لا يعلم حجم "حماس" في الضفة، سيما وأنها تنظيم سري لا يمكن إظهاره إلا في مواجهة مع "إسرائيل" أو انتخابات فلسطينية جديدة.
من المستحيل القضاء على "حماس"
أما القيادي الحمساوي إسماعيل الأشقر، فيرى أنّ "إسرائيل" لن تألو جهداً في استئصال حركة "حماس" من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، إذ إنّ الاحتلال استخدم عشرات العمليات من أجل ذلك وفشلت فشلاً ذريعاً.
وفي حديث لـ"النشرة"، يشير الأشقر إلى أنّ "حماس" عصيّة على الاستئصال وهي حركة أصبحت كملء البصر والسمع، تمثل الشعب الفلسطيني وبالتالي فإنّ إمكانية القضاء عليها أو استئصالها أصبحت أمراً مستحيلاً. ويضيف: "أمنية الاحتلال أن يقضي على حماس والمقاومة الفلسطينية، وهو حاول أن يجند بعض الدول لكنه فشل، ولن تتحقق أهدافه، فحركة حماس تزداد قوة وشراسة كل يوم".
ويؤكد الأشقر أن "حماس" في تمدد والاحتلال في انحصار، وأن المستقبل للحركة والمقاومة وللشعب الفلسطيني الذي يرفض هذا الاحتلال".
ووفقاً لمتابعين في الضفة الغربية المحتلة، فإن الاحتلال الإسرائيلي يجري في هذه المرحلة، عمليات تصفية حساب مع حركة "حماس" لأنها "القشة التي قسمت ظهر عملية السلام" برأي "إسرائيل"، من خلال دخولها في المصالحة مع حركة "فتح"، وأنّ "إسرائيل" تتذرع بالمستوطنين المفقودين من أجل الانتقام من "حماس".
"إسرائيل" فقدت عقلها
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن "إسرائيل" فقدت عقلها وتمارس أبشع الاعتداءات بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتحاول تدمير البنية التحتية لحركة "حماس" في الضفة الغربية المحتلة، والتهديد بإبعاد قياداتها إلى غزة، وربما اغتيالهم في مرحلة قادمة.
وفي حديث إلى "النشرة"، يشير إبراهيم إلى أنّ الاتهامات الموجهة لحركة "حماس" حول مسؤوليتها عن العملية هي تقديرات، وتوظيف سياسي في سياق الحملة الدولية التي تقوم بها "إسرائيل" ضد حكومة التوافق الوطني الفلسطيني.
لكن النائب عن كتلة "التغيير والإصلاح" في المجلس التشريعي الفلسطيني سميرة الحلايقة، تؤكد في المقابل أنّ الاحتلال الاسرائيلي مصر على اقتلاع حركة "حماس" وقياداتها من الضفة الغربية المحتلة ومعاقبتها، ويهدد عناصرها ونشطائها، وربما يتخذ قراراً بإبعاد قياداتها.
وتقول الحلايقة لـ"النشرة"، "قد لا نفاجأ إذا حصل قرار الإبعاد لأن الاحتلال مصرّ على اقتلاعنا من الضفة الغربية، ويستهدفنا من كل النواحي".
ولا تزال "إسرائيل" تعمل وفق قناعتها بأن المستوطنين الثلاثة المفقودين ما زالوا في الضفة، وعليه ستتواصل عمليات الاعتقال ودهم البيوت والاعتداءات على الفلسطينيين، في محاولةٍ لتوجيه ضربة قاصمة الى قواعد "حماس" في الضفة، ومنع استمرار ترسيخها في قطاع غزة، بعد أن قامت بإغلاق مؤسسات وجمعيات مرتبطة بها، على حد زعم الاحتلال.