منذ 36 عاماً، غيّب الامام موسى الصدر ورفيقاه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، في ليبيا، ومنذ ذلك الوقت ُقطعت اخبارهما، وأصبح تاريخ إخفائه ذكرى يحييها جمهور الإمام في لبنان والعالم، ضمن احتفالاتٍ وتجمعات شعبية كما درجت العادة. إلا أنّ المهرجات المركزي الذي تنظمه حركة "أمل" ألغي هذا العام، وعلى غرار العام الماضي، لأسبابٍ أمنية، واستعيض عنه بتجمعات شعبية في المناطق، على ان يتوجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بكلمة متلفزة للبنانيين.
تأتي الذكرى 36 لاخفاء الامام الصدر في وقت يمر فيه العالم العربي، بأزمات وحروب ومشاكل تجتاح معظم الدول، وفي وقت ايضاً استيقظت فيه الفتنة بين المسلمين، واصبح التعايش الاسلامي المسيحي في خطر بسبب افعال بعض الجماعات الارهابية المرتبطة بمشروع فتنوي تدميري.
جلاء الحقيقة في قضية الامام
وفي هذا السياق، يشير عضو هيئة الرئاسة في حركة "أمل" ورئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان الى ان "قضية الامام الصدر راسخة في الوجدان الوطني، وهي قضية الوطن بامتياز بسبب مكانة الامام الصدر لدى الجميع، وهو الداعي الى العيش المشترك والانفتاح والوحدة الوطنية". ويلفت قبلان إلى أنّ "مفتاح العلاقة مع ليبيا هو جلاء قضية الصدر والوصول الى الحقيقة الكاملة واعادته الى وطنه واهله".
ويكشف قبلان، في حديث لـ"النشرة"، عن "وجود محاولات خفية للقفز فوق القضية واقفال الملف دون معرفة الحقيقة". ويشدد على أنّ "حركة "أمل" لن تقبل بهذا الامر وستستمر مع الدولة والجميع في المطالبة بمعرفة الحقيقة وعودة الامام الصدر.
وفي السياسة، يلفت قبلان الى انه "وفي ذكرى الصدر يبقى خطاب الحركة هو خطاب الوحدة والعيش المشترك كما دعا الامام الصدر في معظم خطباته ودعواته". ويدعو الجميع الى "مواجهة الاخطار التي تحدق بلبنان من الخطر التكفيري الارهابي الى الخطر الاسرائيلي على الحدود الجنوبية".
قضية وطن
من جهته، يشير مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية الامام الصدر، القاضي حسن الشامي، إلى أنّ اللجنة شكلت بعد سقوط طرابلس الغرب-ليبيا وفرار الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وتم وضع قواعد لها بشكل رسمي، واعتبار قضية الامام الصدر قضية وطن وليست قضية عائلة او حزب او طائفة". ويلفت الى ان "عامل الوقت مهم جداً لتحرير الامام وليس لمعرفة مصيره او كشفه".
ويكشف الشامي في حديث لـ"النشرة"، ان "اللجنة اجرت عدداً من المقابلات مع اركان في النظام الليبي في أكثر من بلد، ومنها مع مدير الخابرات السابق في ليبيا في عهد القذافي عبدالله السنوسي ومسؤول ملف لبنان وسوريا أحمد قذاف الدم، الا ان اللقاءات لم تكن تجري على شكل استجوابات لانهم يتواجدون في اماكن سكنية وعامة وليس لدى اي سلطة رسمية"، ويشير الى ان السنوسي ومعظم اركان النظام الليبي كان جوابهم اما بنفي معرفتهم بالموضوع او تضليلي، وذلك يعود الى انهم لا يريدون فتح احداث الماضي حتى لا يتم اتهامهم بقضايا جديدة، وايضاً أتت تلك الاجوبة لعدم وجود وسيلة ضغط عليهم للاعتراف".
ويؤكد أن "فرضية الوفاة غير صحيحة ولم تثبت علمياً، وكل من تحدث للصحافة عن القضية تراجع عن حديثه". ويشدد على عدم "مسؤولية اي جهة لبنانية او عربية بعملية الخطف وهذا ما اظهرته التحقيقات التي تؤكد ان الصدر لم يغادر ليبيا الى ايطاليا كما كان يقول القذافي، وهذا باعتراف السلطات الليبية الجديدة".
ويضيف الشامي: "تم توقيع مذكرة تعترف بوقوع الجريمة واعطت الحق للجانب اللبناني التحقيق مع اي شخص والحصول على مستندات ومعلومات عن القضية، وتم وضع خطة للعمل، لكن بعد توقيع المذكرة انهارت الاوضاع في ليبيا".
ويوضح ان "هناك ادلة ومعلومات يتم العمل عليها". كاشفاً انه "تم التثبت من وجود الامام الصدر في أحد السجون الليبية، لكن دون معرفة الزمان والمدة اتي قضاها هناك". ويشير الى ان "العمل جار لمعرفة تلك التفاصيل، واماكن الاحتجاز الاخرى".
لا شك في ان موسى الصدر سيبقى رمزاً وطنياً مهما طال الغياب، وعودته ستكون عودة لبنان الذي نريد والذي اراده قبل تغييبه، ووجه موسى الصدر سيبقى هو العنوان الاوحد لمعركة المقاومة والدولة والتعايش بين الطوائف، فحتى اليوم لا تزال عبارة "لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه" راسخة في اذهان اللبنانيين، وسيبقى صاحبها ايقونة مشعة مهما طال الغياب.